لا يكاد يمر فصل الصيف كل عام إلا ويخلف وراءه تسجيل عدة حالات من التسممات الغذائية، والتي قد تؤدي في الكثير من الأحيان إلى زهق أرواح عائلات بكاملها، ويصاحب الاستمتاع بالعطلة الصيفية التي تعلن عن انطلاق موسم الاصطياف وحفلات الأعراس استهلاك الجزائريين للأطعمة التي تحتوي بنسب كبيرة على مواد سريعة التلف كالمايونيز والبيض والمشروبات وغيرها، بالإضافة إلى الإقبال على مطاعم الأكل السريع التي تنعدم فيها معايير النظافة والحفظ الصحي. * حالات التسمم الغذائي في مستشفى البويرة تتعدى ال 40 بالمائة وحسب الطبيبة العامة بمستشفى البويرة، مريم حمادي، فإن أغلبية حالات التسمم الغذائي التي تسجل بمستشفى البويرة سببها الرئيسي مطاعم الأكل السريع التي يتوافد عليها الجزائريون بشكل كبير في فصل الصيف، مؤكدة أن الأطفال هم الأكثر عرضة للتسممات مقارنة بالفئات الأخرى، مضيفة أن نسبة المياه الضعيفة في جسم الأطفال بالإضافة إلى ضعف جهازهم المناعي يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالتسمم الغذائي الذي يكون مصحوبا غالبا بقيء وإسهال يجعل الجسم يفقد كميات معتبرة من الماء. وقالت، مريم حمادي، في اتصال مع "الحوار"، إنه تم تسجيل أيضا عدة حالات أخرى لتسممات غذائية خطيرة سببها حفلات الأعراس والولائم، مؤكدة ارتفاع نسب هذه التسممات إلى مستويات كبيرة بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة. كما كشفت حمادي أن حالات التسمم الغذائي التي تم فحصها على مستوى مستشفى البويرة بلغت نسبة 40 بالمائة من إجمالي الفحوصات. وللابتعاد عن كل المخاطر الناجمة عن التسممات الغذائية والحماية من خطر المأكولات الجاهزة المعروضة في الأرصفة والشواطئ، تنصح حمادي بضرورة تجنب المأكولات الجاهزة وتعويضها بأكل الفاكهة الموسمية، بالإضافة إلى احترام سلسلة التبريد والحفظ، وتجنب بعض الممارسات السلبية كأخذ الطعام إلى الشواطئ والذي يشكل حسب ذات المتحدثة خطرا كبيرا على صحة المصطافين في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تساعد بشكل كبير على إتلاف هذه الأغذية، كما شددت على ضرورة شرب الكمية اللازمة من الماء خاصة الأطفال. * المايونيز والبيض والمثلجات تقتل الجزائريين كشف، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة والبحث (فورام)، البروفيسور مصطفى خياطي، أن مستشفيات العاصمة تسجل أكثر من 300 حالة تسمم غذائي يوميا، بمعدل 10 أشخاص في كل مستشفى. وأكد خياطي في اتصال مع "الحوار"، أمس أن موسم الصيف يشهد ارتفاعا كبيرا في حالات التسممات الغذائية، مرجعا هذا الارتفاع إلى نقص سلسلة التبريد في ظل ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى كثرة حفلات الأعراس التي يحضرها الجزائريون والإقبال على الأغذية التي تحتوي على مواد سريعة التلف كالمثلجات المصنعة بالحليب والبيض، بالإضافة إلى كثرة استهلاك المشروبات التي لا تخضع في تحضيرها إلى معايير الصحة والنظافة. حفلات الأعراس ومطاعم الأكل السريع التي لا تحترم شروط النظافة، بالإضافة إلى الممارسات الشنيعة التي يقوم بها التجار لخداع صحة المستهلك من خلال توقيف مبردات المحلات ليلا، يضيف خياطي، هي الأخرى أسباب رئيسية للتعرض للتسممات الغذائية. وبخصوص أعراض الإصابة بتسمم غذائي، يقول ذات المتحدث، "الكثير من الحالات تتسبب في الإصابة بالغثيان وأوجاع على مستوى الأمعاء بالإضافة إلى اضطراب في الجهاز الهضمي وارتفاع درجة الحرارة، والأطفال هم الأكثر عرضة لهذه التسممات". كما شدد خياطي على ضرورة تجنب تناول الوجبات في مطاعم الأكل الخفيف وحضور الأعراس في الأماكن التي تحرص على توفير شروط الصحة اللازمة فقط.
* فيما تم تسجيل 3578 حالة تسمم في السداسي الأول ل 2017 أغلبية التسممات سببها حفلات الأعراس ومطاعم الأكل الخفيف صرح مصدر رسمي من وزارة التجارة، بأن حالات التسمم الغذائي بلغت 3578 حالة خلال السداسي الأول للعام الجاري، أين تم تسجيل حالتي وفاة في كل من ولاية البيض وواد سوف. وكشف المصدر في حديث مع "الحوار" أمس، عن الولايات الأكثر تعرضا لهذه التسممات، أين تأتي ولاية البويرة في المرتبة الأولى ب 933 حالة تسمم، لتليها ولاية النعامة ب 645 حالة ثم ولاية الوادي التي بلغت فيها حالات التسمم 406 حالات ومعسكر ب 293 حالة، مؤكدا أن الوجبات الغذائية المتسببة في هذه التسممات هي الأطباق المحضرة في الولائم والأعراس والتي تستعمل فيها عدة مواد سريعة التلف كالمايونيز والبيض وغيرها، حيث بلغ عدد هذه التسممات 2611 تسمم بنسبة 73 بالمائة. كما تتسبب المرطبات بمختلف أنواعها بالإضافة إلى اللحوم ومشتقاتها في نسبة الإصابة بتسمم غذائي، يضيف ذات المتحدث، مرجعا السبب الرئيسي إلى عدم توفر شروط النظافة وسلسلة التبريد. وعن العقوبات التي تنجر عن عدم احترام هذه الشروط، قال المصدر ذاته، إن المحلات والمطاعم التي لا تحترم معايير الصحة والنظافة يتعرض أصحابها لغلق إداري للمحل لمدة شهر بالإضافة إلى متابعته قضائيا. كما أضاف ذات المتحدث أن مصالح الرقابة وقمع الغش بوزارة التجارة، اقترحت غلق 11 محلا، حيث تم في ولايتي البليدة ومعسكر غلق 7 مطاعم جراء المخالفات المسجلة، مؤكدا أن حملات المراقبة ارتفعت مقارنة بالأشهر الماضية، أين قامت فيها مصالح وزارة التجارة بالتنسيق مع جمعية حماية المستهلك بخرجات ميدانية لمراقبة هذه الأماكن بالإضافة إلى الحملات التحسيسية طيلة فصل الصيف في كل المخيمات الصيفية، مثنيا على دور أعوان الرقابة ومساهمتهم في القيام بدورات ليلية لمراقبة مختلف الأماكن حرصا على ضمان صحة المستهلك بالدرجة الأولى.
* ممارسات شنيعة لأصحاب المطاعم والمحلات التجارية قال رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، إن ظاهرة التسممات الغذائية بدأت تأخذ أبعادا أكبر مما كانت عليها سابقا، حيث أكد أن أغلبية هذه التسممات كانت جراء حضور حفلات الأعراس، مضيفا أن ولاية تيارت سجلت مؤخرا أكثر من 100 حالة تسمم جماعي في إحدى الولائم المقامة. وأرجع مصطفى زبدي ذلك إلى تقطع سلسلة التبريد، بالإضافة إلى تغير النمط الغذائي لدى الأفراد، كظهور مواد غذائية كالمايونيز والتي يزيد الإقبال عليها في فصل الصيف، بالإضافة إلى بعض الممارسات غير الصحية التي يقوم بها أصحاب المحلات والمطاعم كفرم اللحوم المجمدة وغيرها من الممارسات الشنيعة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى زهق الأرواح. كما حذر رئيس جمعية حماية المستهلك من اقتناء المواد الغذائية سريعة التلف، مؤكدا على ضرورة تفحص هذه المواد التي لا يجب أن يراعي فيها المستهلك تاريخ الصلاحية فقط. * حزمة نصائح ضد التسممات الغذائية قال أخصائي التغذية، كريم مسوس، إن التسممات الغذائية قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة، حيث أكد أن بيع المواد الغذائية في الأماكن التي لا تحترم معايير النظافة يؤدي إلى تسمم غذائي قد يكون قاتل في بعض الأحيان. وعن أعراض الإصابة بالتسمم الغذائي، قال كريم مسوس، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، إن الكثير من هذه التسممات تتسبب في الإصابة بالإغماء أو الغثيان وأوجاع على مستوى الأمعاء، بالإضافة إلى ظهور إسهال حاد، مضيفا أن المواد سريعة التلف كالمايونيز والبيض تساهم بشكل كبير في حدوث حالات التسمم الغذائي. وعن الإسعافات الأولية التي يجب على المصاب بهذه الأعراض القيام بها في البيت قبل الوصول إلى أقرب مستشفى، يقول أخصائي التغذية، إنه من الضروري التوقف عن الأكل، وتعويض السوائل التي يفقدها الجسم بعد إصابته بالإسهال من خلال شرب كميات معتبرة من المياه المعدنية والتوجه إلى المستشفى في أقرب وقت ممكن.
* بالتنسيق مع وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك حملة وطنية للتحسيس بمخاطر التسمم الغذائي أطلقت وزارة التجارة بالتنسيق مع جمعية حماية وإرشاد المستهلك، حملة وطنية للتحسيس بمخاطر التسممات الغذائية، أين يشرف فيها أعوان مراقبة الجودة وقمع الغش وممثلون عن الجمعية على توعية المواطنين من خلال توزيع منشورات ومطويات بغية توسيع دائرة الوعي من المخاطر التي قد تنجر عن الاستهلاك غير الصحي للمواد الغذائية خصوصا في فصل الصيف، حيث بلغ عدد المطويات الموزعة أكثر من 50 ألف مطوية عبر التراب الوطني، بالإضافة إلى الخروج في حملات توعية ومراقبة لبعض المطاعم وذلك لنشر ثقافة الوعي بأهمية احترام شروط الصحة والسلامة لدى المتعاملين الاقتصاديين. * عودة هاجس مطاعم الأكل الخفيف التقت "الحوار"، مع إحدى الحالات التي تعرضت لحالة تسمم غذائي، حيث قال لنا عز الدين إنه يحرص على تجنب الأكل خارجا، خاصة في فصل الصيف، بحكم أنه سبق له أن تعرض للتسمم في مناسبتين أو ثلاثة، آخرها في بداية شهر جويلية الماضي، مضيفا بالقول: "عندما تناولت بيضا مقليا بالبطاطس (فريت أومليت) ذات يوم جمعة، في محل قرب مقر العمل، والحقيقة أن ذلك الطبق لم يعجبني منذ الوهلة الأولى، ولكن بحكم أني كنت جائعا ولم يكن هناك محلات أخرى مفتوحة في الجوار، اضطررت لتناوله، لكن من دون أن أتمكن من إكماله إذ أكلت بعضه وتركت أغلبه فوق الطاولة، ثم هممت بالخروج، ولكن ما إن رجعت للمنزل في حدود السادسة مساء أصبت بحمى فجائية وإسهال. حاولت معالجة الأمر بالأعشاب وبعض الأدوية الموجودة في المنزل، حيث ارتحت في اليوم الموالي ولكن سرعان ما تعاودني الأعراض لفترة من الزمن ثم تزول، وهكذا دواليك لمدة 3 أيام، لأضطر لزيارة الطبيب الذي وصف لي دواء مناسبا استعدت به عافيتي. والآن قررت أن أتناول سوى المأكولات التي أتأكد من أنها صحيّة. إعداد: سمية شبيطة