* سليمان ل "الحوار": المؤسسات العمومية أصبحت تشكل عبئا على ميزانية الدولة * بوزيان ل "الحوار": الضرورة تستدعي خلق مؤسسات خاصة بدل خوصصة الموجود من المرتقب أن تشرع الحكومة الجديدة بقيادة أحمد أويحيى في اتخاذ إجراءات عميقة لخوصصة المؤسسات العمومية، خاصة وأن الوافد الجديد على قصر الحكومة شدد خلال الحملة الانتخابية لتشكيل البرلمان في أفريل المنصرم على حتمية خوصصة المؤسسات العمومية وبيعها للمستثمرين كخيار لإنقاذ هذه المؤسسات من الإفلاس والانهيار في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها. وكان أويحيى في وقت سابق قد أكد على ضرورة تسريع وتيرة إصلاح الوضع الاقتصادي مشيرا إلى ضرورة العودة إلى خوصصة الشركات العمومية التي تتجه نحو مزيد من التدهور بسبب مشاكل وصعوبات في التسيير مؤكدا أن هذا الخيار الأنسب لتفادي انهيار هذه المؤسسات التي تواجه مصاعب مالية وتشكل عبئا كبيرا على الدولة.
* خطوة أويحيى لخوصصة بعض المؤسسات العمومية ضرورة للتخلص من تبعيتها وفي ذات السياق، قال الخبير المالي، ناصر سليمان، إن الخوصصة في الجزائر اتخذت مسارا متعثرا وليس مستمرا منذ تسعينيات القرن الماضي وإلى يومنا هذا، وذلك نظرا لكون هذه العملية لها تكلفة اجتماعية باهظة كما هو معلوم، تتمثل في غلق المصانع وتصفية الشركات وتسريح آلاف العمال. وتوقع، ناصر سليمان، في اتصال مع "الحوار"، أمس، أن يعود أويحيى لتطبيق الخوصصة، ولكن الشركات التي ستمسها العملية ستكون مختارة بعناية، وبالتشاور العميق مع مجلس مساهمات الدولة، نتيجة تغير المعطيات بين سنوات التسعينات والوقت الراهن، مضيفا أن الوافد الجديد على قصر الحكومة، أحمد أويحيى عبر عن تأييده للخوصصة من وقت قريب عندما كان مديرا لديوان الرئاسة، وربما يكون متحمساً الآن لتطبيق هذه السياسة عندما أصبح على رأس الجهاز التنفيذي. وعن الإطار القانوني، أفاد ذات المتحدث أنه موجود ومهيأ لهذه العملية، مضيفا أنه جاء في قانون المالية لسنة 2016 مادة تجيز التنازل عن شركات الدولة إلى غاية 34 ٪ من رأس المال وهو الحد الأدنى لبقاء مساهمة الدولة، بمعنى يمكن بيع ثلثي رأس مال الشركة للرأسمال الوطني فقط، وهو القانون الذي أثار معركة في البرلمان آنذاك ولكن تمّ تمريره في النهاية-يضيف سليمان ناصر-. وأكد الخبير الاقتصادي، أن خطوة أويحيى لخوصصة بعض الشركات العمومية خطوة صائبة أصبحت أكثر من ضرورة، كون هذه المؤسسات العمومية أصبحت تشكل عبئا على ميزانية الدولة بدعمها وتطهيرها المستمرين، مؤكدا أن بيع هذه المؤسسات سيحقق هدفين أساسيين، أولهما التخلص النهائي من عبئها من جهة، بالإضافة إلى إدخال أموال إلى خزينة الدولة نتيجة بيعها من جهة أخرى، خاصة وأن الدولة في الوقت الراهن تعيش في أزمة مالية خانقة. وتساءل ناصر سليمان، عن إمكانية أن تمس عملية الخوصصة كل الشركات العمومية أم هناك استثناءات، خاصة وأنه نفس السؤال الذي أثير عند صدور قانون المالية لسنة 2017، مضيفا أنه كان هناك تضارب بين تصريحات عبد المالك سلال ووزير المالية الأسبق عبد الرحمن بن خالفة، معتقدا أن العملية لن تمس الشركات الكبرى الإستراتيجية على غرار، سوناطراك وسونلغاز والخطوط الجوية الجزائرية، نظراً لأهمية هذه الشركات بالنسبة للاقتصاد الوطني، ونظرا لأن العملية لو مست هذه الشركات فستلقى معارضة شديدة من الرأي العام الوطني. كما يرى الخبير المالي، ناصر سليمان، أن تمس الخوصصة أيضاً القطاع المصرفي، وقد جرت محاولات عديدة في ذلك سابقا ولم تنجح لحد الآن، مؤكدا أن هذه العملية من شأنها أن تخلق المنافسة بين البنوك الوطنية العمومية والخاصة أو الأجنبية، لأن الأولى بقيت مسيطرة لحد الآن على حوالي 80 ٪ من السوق المصرفية الجزائرية مما أعاق تطور هذا الجهاز.
* خوصصة المؤسسات العمومية تسببت في تفتيت النسيج الصناعي الوطني تساءل الخبير في المسائل الطاقوية والشؤون الاقتصادية، بوزيان مهماه، عن نتيجة تطبيق سياسة خوصصة المؤسسات العمومية منذ ربع قرن، مؤكدا أن هذه السياسة أدت إلى تفتيت النسيج الصناعي الوطني وتحلل المؤسسات المنتجة، وفي المقابل يضيف مهماه أن إقامة مؤسسات خاصة على أنقاض هشة غير قادرة على المنافسة تعيش على دعم الدولة، يعرض هذه المؤسسات للتبخر والإفلاس في أي لحظة. ويرى الخبير الاقتصادي أن المقاربة السليمة ستكون بالتخلي عن خوصصة ما هو موجود والعمل بشكل مغاير يقوم على وضع رؤية استشرافية على المديين المتوسط والبعيد لاستشراف حاجات ومطالب السوق الوطنية وكذا عناصر التنافسية الإقليمية والدولية مستقبلا، مضيفا أن هذه المقاربة ستسمح ببعث خارطة مؤسسات خاصة ناشئة تنبعث من حر مالها مع توفير المرافقة والإسناد وتوفير المناخ السليم للاستثمار والنجاح، بالإضافة إلى تقديم المعاملات التفضيلية لكل ناجح منها. وشدد بوزيان مهماه على ضرورة تجميع الجهد الوطني في هذا الاتجاه من خلال تعبئة قدرات العديد من القطاعات على غرار الصناعة والعمل والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والفلاحة والصيد البحري وغيرها من القطاعات الأخرى الفاعلة في الاقتصاد الوطني. سمية شبيطة