منذ أن أقرت الحكومة سياسة ترشيد النفقات وتقليص فاتورة الاستيراد لمختلف المواد الاستهلاكية، شهدت معظم هذه الأخيرة ارتفاعا جنونيا، على غرار الحبوب الجافة والبقوليات التي عرفت ارتفاعا كبيرا في أسعارها، مقارنة بما كانت عليه في الفترة الأخيرة، خاصة بعد أن حمل قانون المالية للسنة المقبلة بعض الزيادات والإجراءات، حيث تجاوزت هذه الزيادة ما قيمته 40 دج للكيلوغرام الواحد، وعلى اعتبار أن المواد البقولية تعتبر من بين أهم أساسيات المائدة الجزائرية في فصل الشتاء، فإن التهاب أسعارها سيحرم العديد من العائلات الجزائرية ذات الدخل المحدود من اقتناء هذه المواد التي كانت تعرف سابقا ب "طبق الزوالي" في أيام الشتاء، وبين تضارب الآراء وتراشق التهم بين تجار الجملة والتجزئة يبقى المواطن البسيط كالعادة المتضرر الوحيد من هذه الزيادات. الجزائر كانت مرشحة لتصدر قائمة البلدان المنتجة للحبوب أرجع رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الطاهر بولنوار، الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار البقوليات في الفترة الأخيرة، إلى كون أن أغلبية المواد الغذائية المستوردة شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال العام الجاري، مقارنة بما كانت عليه في السنة الماضية. وكشف الطاهر بولنوار، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، أن نسبة الزيادة في أسعار البقوليات بلغت 40 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، مؤكدا في ذات السياق أن غياب الإنتاج الوطني في هذه المواد، بالإضافة إلى فرض رخص الاستيراد ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار، مضيفا أن تراجع قيمة صرف الدينار أمام العملات الصعبة التي تباع بها السلع في الأسواق العالمية، أدى إلى ارتفاع الأسعار حسب ما صرح به بعض المستوردين. كما أفاد ذات المتحدث أن نقص أسواق التجزئة والجملة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار كراء المحلات، والذي وصل في بعض المناطق على غرار السمار إلى 20 مليون سنتيم، هو ما يدفع التجار –حسب بولنوار- إلى رفع الأسعار بغية تحقيق هامش الربح وتعويض أسعار الكراء، مضيفا أن الارتفاع الكبير على طلب البقوليات في الفترة الشتوية من قبل المطاعم الجامعية والمطاعم الشعبية والعديد من المستشفيات، ساهم في ارتفاع أسعار هذه المواد في ظل تراجع العرض. وفي ذات السياق، شدد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين على ضرورة تشجيع الاستثمار المحلي، خاصة في مجال الزراعة والصناعات الغذائية، والتي تختصر حسب ذات المتحدث في بعض مشتقات العجائن والحليب، مشيرا إلى أن الجزائر في السنوات الماضية كانت مرشحة لأن تصبح من أكبر المنتجين في ميدان الحبوب، بالإضافة إلى الإسراع في إنجاز الشبكة الوطنية للتوزيع لتفادي مشاكل التموين التي تعود بانعكاسات سلبية على أسعار هذه المواد.
الأسعار تتضاعف في ظل الغياب التام للرقابة من جهته، لم يستبعد رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، عودة سيناريو ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصة المستوردة منها، في ظل تدني أسعار الدينار، مضيفا أن بعض التجار والمستوردين يستغلون هذه الفرصة لرفع الأسعار ومضاعفتها في ظل الغياب التام للرقابة. وتأسف زبدي للارتفاع الذي تشهده أسعار الحبوب الجافة والبقوليات، في الوقت الذي تحوز فيه الجزائر على إمكانات معتبرة لإنتاجها محليا، مؤكدا أن غياب سياسة ترشيد الإنتاج الفلاحي، بالإضافة إلى غياب سياسة الإحصاء والتوجيه، أدى إلى تفاقم المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الفلاحة منذ سنوات، مشددا في ذات الصدد على ضرورة تأطير برنامج خاص لإشباع متطلبات السوق دون الإضرار بالفلاحين. كما شدد المتحدث ذاته على ضرورة إعادة تنظيم القطاع الفلاحي وإعادة تفعيل غرف الفلاحة، بالإضافة إلى فتح أبواب الاستثمار في المجال الفلاحي، لإعادة بعث القطاع من جديد، وتحقيق متطلبات السوق الوطنية، تفاديا لحالة اللااستقرار التي يتخبط فيها السوق.
العائلات الجزائرية ستحرم من طبق "العدس" و"اللوبيا" ومن خلال الجولة التي قادت "الحوار" إلى بعض محلات بيع المواد الغذائية العامة، وقفنا على واقع الارتفاع الذي مس على الأخص، الحمص، الذي كان سعره لا يتجاوز 30 دينارا جزائرا ليقفز إلى 380 و400 دج، في حين بلغ سعر العدس 260 دينارا مقابل 180دج خلال الأيام الماضية، في حين قفزت أسعار الفاصولياء إلى 360 دج مقابل 250دج منذ أيام قليلة. الارتفاع الجنوني في أسعار الحبوب الجافة والبقوليات أثار استياء كبيرا لدى بعض المواطنين، خاصة محدودي الدخل، حيث قالت لنا ربة البيت سهام إن هذا الارتفاع سيقلل من استهلاك هذه المواد، خاصة لدى العائلات محدود الدخل، رغم أنها من بين أهم الأطباق التي يتم إعدادها عادة في مثل هذه الفترة من السنة، مضيفة بالقول: "كنا نلجأ إلى مثل هذه الأطباق لتعويض عجزنا عن اقتناء اللحوم بأنواعها، أما اليوم فأسعار الحبوب الجافة والبقوليات تجعلنا عاجزين مرة أخرى في ظل تراجع قدرتنا الشرائية وصعوبة الأوضاع". سمية شبيطة