نحن مقبلون بعد أيام قلائل على مناسبتين، الأولى تخص نساء العالم، والثانية تخص رجال ونساء المسلمين، ويبدو أن الاحتفال بالعيد العالمي للمرأة سيمر بضفاف المولد النبوي الشريف المعبقة بالعنبر والشموع و''الطمينة'' واستذكار سيرة خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والملفت للنظر أنه مع هبوب نسمات ''الميلود'' كما يسميه ساكنة بعض الجهات في الجزائر، حتى التهبت أسعار الدجاج إلى 270 دج للكيلوغرام الواحد، و500 دج للفرخ المشوي، ناهيك عن البيض الذي تجاوز عتبة 13 دج للبيضة الواحدة، في تحالف صامت بين التجار وأصحاب ''بولحية''، حيث استل كلاهما سيفه ضد تقاليد وعادات المجتمع الجزائري الأصيلة. فالأول استعمل عبقريته في الرقي بسعر الدجاج إلى مصاف سعر ''العتارس''، ناهيك عن أسعار المكسرات والمقبلات والحلويات التي يقتنيها الجزائريون تعبيرا عن مدى حبهم وتعلقهم بسيدنا رسول الله، والتي لا يقبلون المزايدة فيها بأي شكل من الأشكال، وترسيخا منهم لأفكار ومعتقدات وسير في مخيال الناشئة، وهو القوت ذاته الذي استل فيه ''بولحية'' سيوف التبديع والتضليل لكل محتفل بعيد مولد خير الأنام، وعلى رأيهم المجتمع الجزائري ودولته على ضلال لتواضعهم بأن عيد مولده الشريف عطلة مدفوعة الأجر، وعلى رأيه فليسارع كل من سماه والداه ''المولود'' وإلا ''الميلود''، و''الربيع''، لتغيير اسمه الدال على الضلال وفقا لمذهبهم الخاطئ. وفي المقابل سارع قطاع آخر من التجار استغلالا منهم للعيد العالمي للمرأة الموافق للثامن مارس من كل سنة إلى مبادرات مغرية تجاه هذه الشريحة من المجتمع، عبر تخفيضات معتبرة في أسعار بعض السلع الدائرة في فلك اهتمامهن، حتى أن بعض المحلات في أكبر شوارع العاصمة عملت تخفيضات غير مسبوقة على الملابس الداخلية للنساء بهذه المناسبة العالمية العظيمة، وعلى المواطن البسيط المقارنة بين السلوكين. صحيح أن تجار ''الجاج'' و''الرشتة'' و''الملابس الداخلية'' إخوة في الرضاع وفي أشياء أخرى، إلا أنه على أصحاب ''بولحية'' الذين يعمل الكثير منهم بطيش مقصود أو دونه على تهديم لحمة ترابط المجتمع وتماسكه واستمساكه بتقاليده وتراثه أخذ العبرة، والتأسي بالملابس الداخلية.