انتهت سنة 2017 بما فيها من أحداث متسارعة دولية ووطنية كان أبرزها بروز ما عرف "بالقوة" الحادة التي وصف بها الزاحف الهادئ للتغلغل الصيني في الدول الغربية، وعرفت أيضا هاته السنة الدراماتيكية المجنونة بروز رجل أمريكا التاجر "ترامب" وافتعال مشكلة قطر مع باقي دول الخليج مقابل ثمن قبضه وظهور حالة من الانفتاح والمراجعات في إحدى دول الخليج والبروسترويكا السعودية وتنامي أمبراطورية جديدة غير التي عرفها العرب بقيادة ولي العهد السعودي يقابلها في ذلك خطاب الهيمنة الذي يتمادى من طرف الزعيم التركي من خلال حلم الإمبراطورية العثمانية. ويجاور تمدد القومية الروسية من جديد وتمددها إلى الشرق الأوسط وصناعة المشهد الأمنى والسياسي هناك في مقابل تخبط افريقيا في انكساراتها وانقلاباتها العسكرية ومشاكل الأمن والإرهاب والهجرة غير النظامية المتنامية ومحاولات الاختراق الصهيوني التي كانت ستكلل شهر أكتوبر الفارط بالمؤتمر الإفريقى الإسرائيلي ولكنه فشل ظاهريا. كما عرفت سنة 2017 اختفاء فزاعة "داعش" فى سوريا والعراق وتوقعات ببروز فزاعة جديدة فى إفريقيا من بقايا داعش أو في آسيا من خلق بؤرة توتر من بوابة "الأزمة الإنسانية للروهينغا" وتوظيفها، كانت خاتمة السنة الفارطة بقرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني في قرار مجنون ومتسرع ينطلق من أيديولوجية اليمين المسيحي التبشيري المتطرف المتصهين وتحقيقا لأمن إسرائيل ووفاء بالوعد الذي قطعه ترامب لممول حملته الانتخابية (35مليون دولار)وهو أحد الداعمين له الملياردير "شيلدون أديلسون" المعروف بتوجهاته الصهيونية وضمن منطق أن الصراع أصبح بين السنة والشيعة وأن الفرصة مواتية ولإمكانية قبض أموال أكثر من السعودية مقابل تدخلها لثنيه عن قراره إضافة للحفاظ على شعبيته داخل أمريكا. عرفت أيضا سنة2017 اكتساحا أكبر لوسائل التواصل الاجتماعي وهو ما جعل الخلط والهوة تزداد بين منطق الوصول للمعلومة ومنطق اكتساب المعرفة وهو ما يرتب العداء للنخب والخبراء والتفكير العقلاني. هذا وتتوقع كل الدراسات والكتابات الأكثر تأثيرا حالة العالم في سنة 2018 بعالم مضطرب يموج بالصراعات والتحولات وانحسار مد العولمة وبروز الحركات الشعبوية. أما في الجزائر فبعد انتخابات محلية عرفت بروز المال الفاسد واستحواذه على المشهد وسيطرة حزبي السلطة على المشهد السياسي ولكن بشكل مترهل ومع جبهة اجتماعية تضج في صمت تحت وقع غلاء الأسعار وأزمات اجتماعية مكبوتة وانشغال الكثير من أطراف السلطة بإدارة المشهد المالي والسيطرة عليه مقابل فشل في إدارة المشهد السياسي الذي يبدو أن السلطة تعاني من عجز في إيجاد ميكانيزماته وآلياته بسبب ترهل الوجوه القديمة وابتزاز بعض خدام السلطة للسلطة نفسها وهو ما يبدو أنه آخر إشارة الانطلاق نحو آفاق 2019 التى يبدو أنها كانت ستبدأ ولكن تم فرملتها في آخر لحظة، ولعل زيارة رجل الدولة الثالث لإحدى الزوايا كان إيذانا بذلك لكن يبدو أن الأمر وقع فيه خلل في الوقت والطريقة والوسيلة والواسطة والكيفية والمكان فتوقفت الانطلاقة في انتظار التفاهمات والترتيبات وتحديد الآليات والوسائل لحسن إدارة المشهد السياسي.