بالرغم من الإجراءات الجديدة التي أقرتها وزارة التجارة، والتي تقضي بإقرار جهاز رقابي لتتبع الوجهة الحقيقية لمادة الحليب المدعمة، إلا أن أزمة الحليب لا تبدو بوادرها أنها ستحل قريبا، خاصة في ظل عجز الجهاز الرقابي الحالي عن تحديد الوجهة الحقيقية لبودرة الحليب ووقوف كلا من وزارة التجارة ووزارة الفلاحة عاجزتين عن حل هذه الأزمة التي طالت مدتها. في ذات السياق، ثمن رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، الإجراءات التي ستتخذها وزارة التجارة وذلك بوضع جهاز لتتبع سير الحليب المدعم ومراقبة الوجهة الحقيقية لبودرة الحليب، متسائلا في ذات السياق عن مدى نجاعة هذا الجهاز في ظل ضعف الإمكانات الرقابية والتي لا تستطيع حسبه القيام برقابة دورية لمختلف مناطق التوزيع والملبنات عبر التراب والتي تقدر ب 118 ملبنة. وأرجع زبدي في اتصال هاتفي مع "الحوار"، أمس، أسباب تفاقم أزمة الحليب إلى سيطرة البارونات في ظل تجاهل بعض أجهزة الرقابة عن متابعة القضية، بالإضافة إلى عمل بعض الجهات على تحويل أكياس الحليب المدعم إلى غير وجهتها الحقيقية، وذلك من خلال تحويل أكياس الحليب لمناطق معينة إلى مناطق أخرى وهذا ما يخفي وراءه حسب زبدي الكثير من الشبهات، حيث توجه كميات معتبرة للمضاربة أو نتيجة تحويل هذه المادة المدعمة إلى استثمارات أخرى على غرار صناعة مشتقات الحليب كالجبن والياوورت وغيرها، مشددا على ضرورة احترام نقاط التوزيع التي ينص عليها دفتر الشروط. كما كشف المتحدث ذاته عن اللقاء الذي جمعه مع المدير العام للديوان الوطني للحليب، أين تم الاطلاع على بعض الوثائق والبيانات التي كشفت أنه لم يتم تخفيض كمية بودرة الحليب المخصصة للملبنات عكس ما ادعته هذه الأخيرة، حيث ستستورد الجزائر هذا العام 175 ألف طن، في حين قدرت الكمية المستوردة في العام الماضي ب 173 ألف طن، أي بزيادة تقدر بألفين طن، مؤكدا أن الجزائر تنتج 5 مليون لتر من الحليب المدعم يوميا، مؤكدا أن كمية بودرة الحليب تكفي لمدة سنة كاملة. كما طالب المتحدث ذاته بضرورة إشراك الأجهزة الأمنية في عملية الرقابة على الوجهة الحقيقية للموزعين ولغبرة الحليب المدعمة والموجهة في الأصل إلى الطبقة الهشة، مضيفا أن استعمال غبرة الحليب المدعم لأغراض أخرى يحتم فرض تحقيقات صارمة على مستوى الملبنات العمومية والخاصة، وذلك لضمان شفافية الإجراءات الجديدة، حيث ستكشف التحقيقات حسب زبدي ثغرات كبيرة بين ما يتم توزيعه من غبرة وبين ما يتم إنتاجه من حليب عبر التراب الوطني، مؤكدا أن حل أزمة الحليب يكمن في فرض عقوبات صارمة من خلال المتابعات القضائية حتى تكون عبرة للأشخاص المضاربين والمتحايلين، موضحا أن بعض الملبنات والموزعين لا يلتزمون بدفتر الشروط الذي وضعه الديوان الوطني للحليب، حيث يتم تغيير مسار الحليب الموجه لبعض الولايات إلى جهات أخرى ما يؤدي إلى خلل في وفرة المواد، وهذا ما يستدعي حسبه تدخل الأجهزة الأمنية في الطرقات للحد من هذه الظاهرة التي لم تجد لها السلطات المعنية حلا بعد.
تلاعبات كبيرة في بودرة الحليب المدعمة من جهته، أيد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج طاهر بولنوار، الإجراءات الأخيرة التي كشف عنها وزير التجارة، محمد بن مرادي من خلال إقراره لجهاز رقابي مخصص لتتبع الوجهة الحقيقية للحليب المدعم، مؤكدا أنه يتم التلاعب بكميات كبيرة من بودرة الحليب المدعم والتي توجه إلى أغراض أخرى. وقال، طاهر بولنوار، إن هذه الإجراءات الجديدة من شأنها كشف الأسباب الحقيقية وراء تفاقم أزمة الحليب التي تشهدها العديد من ولايات الوطن، خاصة وأن جمعية التجار تلقت شكاوي عديدة من قبل التجار الذين يعانون حسبه من نقص كبير في أكياس الحليب في الوقت الذي تشهد فيه بعض المناطق فائضا في هذه المادة الأساسية. وتساءل رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين عن وجهة بودرة الحليب الحقيقية، ففي الوقت الذي تقول فيه الحكومة إنها تقوم بتوزيع الكميات المطلوبة، يشتكي العديد من الموزعين من عدم وصول الكميات اللازمة لتغطية طلب السوق –حسبه-. كما شدد، المتحدث ذاته، على ضرورة مشاركة مصالح وزارة الفلاحة في تحديد الوجهة الحقيقية لبودرة الحليب، مضيفا في السياق ذاته، أن غياب ثقافة الاستهلاك لدى المواطن الجزائري هي الأخرى زادت من حدة مشكلة الحليب. سمية شبيطة