لقد كان اليوم هو يوم صدمة وفجيعة بحق، إذ تلقينا شيبا وشبابها، ورجالا ونساء، خبر الفاجعة التي ألمت بإخوتنا وأبنائنا أبناء وطننا الغالي من أهلنا من عناصر الجيش الشعبي الوطني إثر تحطم الطائرة العسكرية للنقل قرب مطار بوفاريك بالجزائر، فإننا وهذا المصاب الجلل نعزي أنفسنا ونتقدم بخالص التعازي لكل أم وأسرة فقدت أحد أبنائها في هذا الحادث الأليم اليوم، سائلين الله تعالى أن يمن عليكم بمزيد من إنعامه وفضله وأن يحفظكم. أيتها الأمهات الثكالى، والآباء المفجوعون، والأبناء اليتامي المصدومون، والزوجات الأرملات.. اصبروا وتصبروا، فإنكم بذلتم للوطن أغلى ما عندكم، ودموعكم الغالية ستختلط بدماء الشهداء من قبل، ودماء ابنائكم وذويكم شهداء الحادث اليوم لتسقى أرض الجزائر المحروسة وتكون حلقة جديدة في فداء الوطن، إذ لا يمكن لأحد أن يعي معنى الشهادة، ولا يقدر منزلتها أكثر من أمهات مكلومات قدمن أبناءهن فداء للوطن، وأنتن بذلك تضربن أروع آيات التضحية والعطاء. إن أبناءكم وذويكم ضحايا حادث سقوط الطائرة هم من الشهداء بإذن الله مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه في سبيل الله) وكذلك من مات غريقا أو محروقا فهو شهيد. وقَالَ الرسول اللَّهُ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهَرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا" وهم كانوا من المجاهدين في سبيل الله، المدافعين عن حمى الله والوطن، الحارسين لحدود البلاد، الحافظين للأمن بحفظ الله، الساهرة عيونهم والناس نيام يحرسون البلاد والعباد، وقد استشهدوا اليوم في سبيل الله، وقد نالوا أرفع منزلة في الآخرة.. كما جاء في الحديث: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة.. رواه البخاري يا أهلنا ويا أمهاتنا ويا أباءنا.. إنا نستشعر حزنكم وفجيعتكم، والجزائريون اليوم كلهم من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، وبالخارج والداخل، يشاطرونكم الحزن والألم، ويقفون وقفة رجل واحد، عيونهم دامعة وقلوبهم حزينة، يواسونكم ويؤازرونكم، ويمسحون دموعكم، ويترحمون على إخوتهم أبناء الوطن ضحايا هاته المأساة، ويقرأون على أرواحهم الطاهرة "الفاتحة"، ويدعون لهم بالرحمة، ويرجون لكم من الله أن يلهمكم الصبر والسلوان، وأن يجيركم في مصيبتكم وفقدكم للأحبة ويكون في عونكم. إن المصائب لن تزيدنا إلا قوة وعزما وشدة وتماسكا وتضامنا وإدراكا لقيمة المحبة والوحدة بين أبناء الوطن. وإننا نتقدم أيضا إلى الجيش الشعبي الوطني قيادة وضباطا وجنودا وإطارات بوافر التعازي وخالص الدعاء بالصبر والثبات والعزيمة والإرادة الصلبة والتمسك بالوطن، فالمصاب مصابنا جميعا. ونسأل الله الرحمة لمن فقدنا اليوم ولكل شهداء الوطن والعزة والمجد للوطن.