فند رئيس نقابة القضاة الجديد يسعد مبروك اليوم الاثنين ان تكون العدالة الجزائرية تتعرض لضغوطات من اي جهة معينة بخصوص فتح ملفات الفساد التي طالت مسؤولين بارزين في عهد بوتفليقة، قائلًا إنه لا إملاءات بشأنها رغم وجود شائعات بذلك وأوضح يسعد مبروك في حوار مطول مع جريدة “الخبر” أن “النقابة اتصلت بالزملاء القضاة المكلفين بهده الملفات، للتأكد من وجود تدخل أو ضغط من أي جهة كانت، وكان الجواب بأن الأمور تسير دون أية تدخلات أو املاءات. ونحن بصدد متابعة هذا الأمر عن قرب، وفي حالة ثبوت شيء من هذا القبيل سنقوم بفضحه مهما كلفنا الثمن”. وفي تعليقه على أول بيان أصدرته النقابة الوطنية للقضاة تحت رئاسته بتاريخ (11 ماي 2019)، عبر عن رفض التعامل مع القضاء كجهاز يتحرك بالأوامر تارة وبالاستدعاء تارة أخرى"، نبه نفس المتحدث إلى أن فحوى "البيان موجه لعموم الجزائريين سلطة وشعبًا، طالما أن العدالة كقيمة اجتماعية هي مطلب الجميع، والقضاء هو أداة تكريسها عبر استقلالية كاملة تسمح له بالاضطلاع بدوره كاملا غير منقوص". وعن مدى صحة أن يكون البيان موجهًا إلى الفريق أحمد قايد صالح، أجاب رئيس نقابة القضاة انه كان موجهًا للجميع، وليس لقائد الأركان بصفة خاصة ولكنه لا يستثنيه أيضًا لأننا نرفض بصورة مطلقة أن يتم توظيف القضاء من طرف أي جهة. ويتعين على الجميع احترام الدور المنوط بالسلطة القضائية، و السهر على توفير الأدوات اللازمة لتحقيق عدالة مستقلة تحتكم للقانون دون سواه حتى يثق فيها الجميع". كما تطرق القاضي، إلى “حكاية الهاتف” منبهًا إلا أنها ” ليست حكرًا على القضاء أيضًا، بل هي طريقة تم اعتمادها في تسيير الشأن العام في كل المناحي” واضاف بهذا الخصوص “أود تنوير الرأي العام بأن طريقة عمل النيابة العامة و إدارتها، تسمح وبنص القانون استعمال الهاتف في اعطاء التعليمات و التوجيهات من الأعلى إلى الأسفل، بحكم مبدأ التبعية و التدرج الذي يحكم عمل النيابة العامة التي يلتزم قضاتها بتقديم طلبات طبقا للتعليمات التي ترد إليهم وفقا للمادة 30 من قانون الاجراءات الجزائية. كما أن النائب العام ملزم بتطبيق السياسة الجنائية التي يعدها وزير العدل، و يقدم له تقارير دورية عن دلك طبقا للمادة 33 من نفس القانون”. ويعيب المتحدث على النص التشريعي و ليس القاضي، الذي يبقى ملزمًا – حسبه- بتطبيقه مما يستوجب توجيه سهام النقد نحو المشرع بدلا من القاضي، الذي يجد نفسه ضحية نصوص لاتساير ما يطلبه المجتمع و هذه اشكالية أخرى لا يتسع المجال هنا لشرح تفاصيلها. لكن بالرغم من ذلك لا ينفي يسعد مبروك، “وجود تدخلات تؤثر في مسار الملف القضائي، سواء من جهات رسمية أو غير رسمية" مشددا على أن "القضاة يحاولون التصدي لها في حدود ما يتاح لهم في غياب الحماية اللازمة لهم. و قد سبق لبعضهم أن دفعوا ثمنا غاليا بسبب تمسكهم باستقلاليتهم، ورفضهم للإملاءات خاصة أمام الاستقالة المعنوية للمجلس الأعلى للقضاء في أداء دوره، وتسلط المفتشية العامة التي تحولت إلى خصم و حكم في نفس الوقت”. وبالمناسبة، تطرق يسعد مبروك في نفس الحوار مع جريدة "الخبر" إلى مسألة انسحاب القضاة عن الاحتجاج ومساندة مطالب الحراك الشعبي، مشيرا في السياق "في مرات عديدة يطلب من القضاة مالا يليق بهم، وبالرسالة و المهام التي يؤدونها. لا أتصور كيف يطلب من القاضي الاستمرار بالاحتجاج في الشارع يوما، وفي اليوم الموالي يجد نفسه حكما فاصلا في خصومة أحد أطرافها كان محل تنديد من طرف القاضي في اليوم السابق". ونبه إلى أن “الحياد يستوجب وقوف القضاة على مسافة واحدة، من كل أطياف المجتمع وانحيازهم الوحيد يجب أن يكون للحقيقة والقانون لأن الاصطفاف المعلن والظاهر يعطي صورة مشينة عن العدالة برمتها. وقد سبق لي أن وضحت في جوابي عن سؤالك السابق لماذا خرج القضاة تضامنا مع الحراك، و الآن بينت لك سبب عدم تواجدهم في صدارة المشهد رغم متابعتهم له بكل تفاصيله”. من جهته، تحدث رئيس نقابة القضاة عن إقالة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، الباي خالد، قائلًا إن "الأمر محير بل غير معقول أخلاقيًا، أن تتم تنحية وكيل الجمهورية و النائب العام و هما بصدد القيام بإجراءات سماع و استجواب وزيرين أولين، بمعية 5 وزراء ويصلهما خبر التنحية عبر التلفزيون و هو أمر يثير العديد من التساؤلات حول السبب و الطريقة و التوقيت و الجهة التي تقف وراء دلك بل ويزيد من الشكوك حول إيمان من فعل دلك باستقلالية العدالة و نزاهتها” . في رده على سؤال بخصوص عودة النائب العام بلقاسم زغماتي، إلى منصبه بعد تنحيته عام 2015، ومدى تأثير ذلك على استقلالية القضاء، قال يسعد مبروك إن ذلك "يعطي صورة حية عن هشاشة وضع القاضي في الجزائر، بحكم تسلط الجهاز التنفيذي على القضاء لأن سلطة التعيين و الإقالة و النقل و الترقية و العقاب، تعود فعليا للجهاز التنفيذي ممثلا في وزير العدل تحت رعاية رئيس الجمهورية". ليضيف"الرجل يتمتع بكفاءة مشهود له بها و كاريزما تؤهله لمعالجة القضايا الكبيرة و المعقدة، و إن كانت عودته لهذا السبب فلا حرج فيها ،أما إن كان تعيينه مجددا يدخل في إعادة تموقع الأجنحة فسيكون ذلك إهانة شخصية له ،و إذلال غير معلن للقضاء".