في ملتقى افتتحه الأمين العام لوزارة الدفاع: تنويه بدور الجزائر في مواجهة التحديات الراهنة لإفريقيا    رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكونغو: الجزائر تشهد تطورا على كافة المستويات    بلعابد يُعلن عن دخول مرحلة جديدة لترقية الرياضة المدرسية: رفع الحجم الساعي لمادة التربية البدنية بداية من الموسم المقبل    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط : اتفاقية لتسويق المنتجات الجزائرية للتخصصات الكيمياوية بموريتانيا    مريم بن مولود : المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية    وزير التجارة يستقبل رئيس غرفة قطر: بحث فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين    الجزائر-جمهورية كوريا : أهمية تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والصيد البحري    السفير الفلسطيني فايز أبوعيطة يؤكد: الجزائر تتصدر المعركة السياسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    أوامر بتجهيز مرافق أخرى: برمجة فتح 26 هيكلا تربويا في الدخول المدرسي    وزير الاتصال محمد لعقاب من جامعة الوادي: الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة ضد الاستعمار    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    أفضل ابتكارات»ستارت آب» في التكنولوجيا والمنصّات الرقمية    توقيع بروتوكول إطار للتعاون البرلماني    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    الإعلام الوطني.. دور هام في مواجهة المخططات العدوانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    سطيف: الوالي يعاين مشروع التحويلات الكبرى انطلاقا من سد"تيشي حاف"    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    شرطة قسنطينة تسترجع كوابل مسروقة    تنظيم احتفالية الخميس المقبل لإحياء ذكرى تأميم المناجم وتأسيس شركة سونارام    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    وفاة المدرب سيزار لويس مينوتي    وزير السكن والعمران والمدينة،طارق بلعريبي: سنطلق قريبا برنامج جديد للسكن الترقوي العمومي    المعركة ضد التّطبيع متواصلة بالمغرب    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    العدوان الصهيوني على غزة: الإحتلال يشن سلسلة غارات على مناطق متفرقة من رفح    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    الإتحاد الافريقي يؤكّد دعمه للمصالحة اللّيبية    سيدي بلعباس.. رهان على إنجاح الإحصاء العام للفلاحة    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    الأسرى بين جحيم المعتقلات وانبلاج الأمل    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    تدشين "المزرعة البيداغوجية" للمدرسة الوطنية العليا للبيطرة بالحراش    ندوة تاريخية إحياءً لرموز الكفاح الوطني    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح..المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية من 16 إلى 22 ماي الجاري    في دورته التاسعة.. "الفن موروث ثقافي حافظ للذاكرة" شعار الرواق الوطني للفنون التشكيلية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    يقرّر التكفل بالوضع الصحي للفنانة بهية راشدي    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    "الكناري" من أجل مغادرة المنطقة الحمراء    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« دستور لجمهورية جديدة » « بناء جمهورية جديدة قوية ومنسجمة » « هندسة بنية دستورية واضحة»
نشر في الحوار يوم 25 - 01 - 2020


« دستور لجمهورية جديدة »
« بناء جمهورية جديدة قوية ومنسجمة »
« هندسة بنية دستورية واضحة»
بقلم: الدكتور بوجمعة هيشور.
ركز الرئيس عبد المجيد تبون عقب انتخابه على المطالب التي عبر عنها الشعب من خلال الحراك ، ” وكان في مقدمتها تعديل الدستور “. إن هذه الأولوية التي وعد بها الشعب خلال الحملة الانتخابية تشكل أساس بناء الجمهورية الجديدة التي يمكنها أن تضع الجزائر في مأمن من السلطة الانفرادية . هذا الدستور سيفصل حقا بين السلطات و يرفع عن المسؤول الفاسد و المرتشي حصانتة أمام العدالة. فهو يضمن أيضًا الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة “.و لقد نصب رئيس الجمهورية لهذا الغرض لجنة الخبراء برئاسة البروفيسور أحمد لعرابة وثلة من الأساتذة في الفقه الدستوري لمباشرة التحضير لمسودة تعديل الدستور للجمهورية الجديدة .
عرض الأسباب لمراجعة الدستورية
إن الدساتير ليست عقائد لكونها تتعرض مثلها مثل البشر إلى التقادم. ومن هنا كان من الضروري إجراء التغييرات لمراعاة التطلعات الجديدة والتكيف مع التحولات النظمية التي عرفتها الأمم في مسيرتها نحو تحديد مصيرها المستقبلي.
إن المراجعة الدستورية هي تعبير صريح عن السيادة الوطنية ، ففي هذا السياق دعا رئيس الجمهورية إلى تشكيل لجنة من الخبراء الدستوريين تم اختيارهم من بين أساتذة أكفاء و متمرسين لوضع الخطوط العريضة للدستور المقبل.لتكون استجابة لمطالب الشعب والتي كان قد تقدم السيد الرئيس بإعطاء محاورها الكبرى.
يتسنى على القائمين بصياغة مشروع تعديل الدستور، بما لديهم من حكمة بتقديم الوثيقة التي تؤكد على مرجعيتنا كلها ، لإحداث توازن يكيف بين المسودة الأولية للدستور بالحقائق الجديدة و إدخال مستجدات في النص تتسم بالليونة ليكون الدستور المقبل خال من الجمود و التصلب.
من المؤكد أن الأحكام الجديدة في نص المسودة الأولية ستأخد في الحسبان موازين القوى الجديدة التي ستشكل قطيعة تصب في الدائرة السياسية التي تولدت عن الحراك و المطالب الشعبية المناهضة لنظام الأولوقارشية عموما أو الألوقارشية الفاسدة خصوصا.
هذه الأخيرة أدت إلى انهيار الدولة في جميع مستوياتها ، لذا يجب وضع حد لزيادة العهدات عن ولايتين متتاليتين أو ما يؤدي إلى التوريث وبذلك نغلق الأبواب أمام أي محاولة بالمساس بالمسار الديمقراطي. فهذه العملية تجعل الجزائر ترسو بسلام على بر الأمان في احترام قواعد المعيارية للتناوب على السلطة.
ينتخب رئيس المجلس الأعلى للقضاء من طرف أعضاءه ،ويكون رئيس الجمهورية الضامن لاستقلال السلطة القضائية ، كما له الحق في العفو دون أن يكون رئيسًا للمجلس القضائي. إذ ينبعث هذا الفعل الداعي إلى السماح و العفو في سريرة رئيس الدولة الذي يضمن الاستقلال الوطني ووحدة الإقليم.
رئيس الجمهورية هو قائد القوات المسلحة وهو من يرأس المجلس الأعلى للدفاع الوطني. يمكنه تعيين وزيرا للدفاع. يتلقى أوراق اعتماد السفراء وفقًا لقواعد القانون الدولي. كما تبقى الدبلوماسية من المجالات المخصصة لرئيس الجمهورية الذي يعين السفراء في البلدان .
يُناط برئيس الحكومة أو الوزير الأول المعين رسميًا لمسؤولية توجيه عمل الحكومة التي يخضع أعضاؤها للإعلان عن ممتلكاتهم و الغرض من هذا الالتزام الأخلاقي هو جعل الحياة العامة شفافة.
يخضع أعضاء الحكومة للمتبعات القضائية إذا صدرت منهم أعمال مخالفة للقوانين في أثناء ممارسة وظائفهم إذاصنفت بجرائم أو جنح في الفترة التي كانوا فيها أو لا يزالون رجالات دولة في مهامهم.
يحاكمون أمام المحكمة العليا ، لارتباطهم مباشرة بإدارة شؤون الدولة. و بالمقابل يتم إحالتهم كأشخاص عاديين إلى المحكمة العادية وذلك في حالة عدم وجود أي صلة بين الوقائع المقاضاة والمهمة الوزارية.
يجب الفصل بين السلطة و المسؤولية فرئيس الدولة نفسه كمسؤول يخضع للتقاضي كذلك . إن المسؤولية لا تحمي شخصه ولكن تحمي عهدته التي منحها له الشعب . لأن اللا عقاب يؤدي إلى عدم إنتهاك القانون وعند إنهاء ولايته يرجع الرئيس إلى طبيعته كمواطن عادي وبالتالي هو قابل للمقاضاة و إسقاط التقادم.
كيف يمكن التعامل مع المادتين 63 و 87 المتعلقة بشروط الانتخاب للوظائف السامية للدولة بما في ذلك وظيفة رئيس الجمهورية. هل هي أحكام تمييزية؟ يجب أن يتم إقرار الاعتراف بالهوية الأمازيغية بتلاحمهما مع الإسلام واللغة العربية في المدونة دستوريا و مراجع شخصيتنا الوطنية.
الطرق المنهجية
ومن هذا المنطلق يمكننا العمل على إحداث مشاورات واسعة مع المجتمع المدني من خلال الحراك الذي يتصدر طليعة المناقشات التي تنطلق بمجرد بعث هذه العملية. يجب على الأحزاب السياسية كالمعتاد تقديم إسهاماتها المكتوبة إلى اللجنة الوطنية المكونة من ذوي والشخصيات الوطنية.
هذه اللجنة الوطنية هي التي ستتم دعوتها لصياغة المسودة الأولية لدستور الجمهورية الجديدة. فيجب ألا يتجاوز عدد أعضائها عشرين عضوا وسيوضعون تحت سلطة شخصية يختارها رئيس الجمهورية.
بمجرد صياغة المسودة ، سيتم طرحها للنقاش الوطني قبل الوصول إلى رئاسة الجمهورية لقراءتها النهائية وإحالتها على مجلس الوزراء.
وبعد المصادقة على المسودة تنتقل إلى تصديق مجلس الدولة والمجلس الدستوري ثم إيداعها إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني ومن ثم مجلس الأمة. يجب أن تكون هذه المراجعة الدستورية موضوع استفتاء لتضفى عليها الشرعية الشعبية في نهاية مارس 2020.
ما هي التعديلات المتوقعة في الوثيقة الدستورية؟
للأمة الحق الكامل في التصرف لتغيير دستورها. في الوقت الذي يتبين فيه بأن الدستور أصبح غير صالح للمرحلة ، يتم الإعلان عن آخر يتماشى والمستجدات من دون المساس بالثوابت أصلا . وذلك من أجل الأخذ في الاعتبار التمسك بالتطلعات الجديدة التي تطالب بها هذه الثورة السلمية ل22 فيفري 2019 لان ذلك يتطلب إحداث تغييرات جوهرية، لأن تعديل الدستور هو تعبير عن السيادة التي تتساوى تمامًا مع سلطة صياغته.
هل يمكن تقاسم مبادرة تعديل الدستور مع رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح الوزير الأول والبرلمانيين؟ فيما يتعلق بالمشروع ، يمكن لرئيس الدولة أن يختار في هذا الصدد المرور عن طريق البرلمان بغرفتيه أو عن طريق الاستفتاء و اللجوء المباشر إلى الشعب. فالتعديل الدستوري محدود من الناحية النظرية وذلك لتحقيق توازن السلطات. هذا الدستور الذي يولد الجمهورية الجديدة كما يريده الرئيس المنتخب حديثًا ، سوف يطبع ويسن القوانين واللوائح التي تحكم التشريعات المترتبة عنها.
يجب أن يكرس الدستور الجديد مبدأ الفصل بين السلطات وموازينها التي تنتج عنها دولة القانون ، وبالتالي القطيعة النظمية مع الحصانة المضمونة للحاكم الذي يصبح بذلك قابلا للمحاكمة . ويرجع للمجلس الدستوري حق ممارسة القانون و الرقابة الكلية شكلا ومضمونا.و النظر في التوافق القانوني يدخل في منظور الضبط حيث يتم تكليف السلطة السياسية بمهمة المحافظة على التوازن المؤسساتي.
إذا كانت الديمقراطية تعبر عن حكم الشعب ، أي من الشعب و إلى الشعب كما ورد في المادتين 7 و 8 من دستور عام 2016. هذا يعني أن الدولة تكون في حالة ديمقراطية عندما يكون للشعب السيادة وفقًا مبدأ المساواة القانونية والحقوق الأساسية، من ناحية العمل السياسي ، يفترض أن يكون مفهوم الحرية هو السماح بتنوع الأراء فيما يتعلق بإدارة الشؤون العامة.
لهذا فإن وجود التشكيلات السياسية تسعى للتداول على السلطة . فالديمقراطية لها علاقة بمفهوم حكومة الأغلبية ومراقبة المعارضة كقوة مضادة. ومن هنا يجب على الأغلبية أن تحترم الأقلية حتى لا تقزم من حجمها وتتجنب بذلك الغطرسة السياسية . لأن معارضة اليوم يمكن أن تصبح سلطة الغد بإرادة الناخبين. لكونها تشارك من خلال مساهمات مكتوبة أو شفهية ، عن طريق الرقابة البرلمانية للسلطة التنفيذية .
لذا فإن تعديل الدستور القادم، سيتم تكريسه كاملا بالنسبة للمعارضة التي ستكون لها المسؤولية الكبرى ، مما يضفي على النقاش مناخا هادئا. فممارسة السلطة تجعل المعارضة شريكا ، و ستعزز الديمقراطية وتستفيد من ضمان شروط لأخلاق المشتركة رمز الإجماع الذي يتطلع له الجميع .
إبتداء من النصف الثاني من فيفري 2020 ، سيكون من المستحسن بدء مبادرة تعديل الدستور للسماح بالمشاورات اللازمة جمعا للآراء والإسهامات على أساس مشروع تمهيدي يتم إعداده سواء أكان عرضا للأسباب مأو هندسة بنيه قانونية دستورية .و سوف تصل المقترحات إلى اللجنة المختصة المسؤولة عن تنقيح هذا المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري ، والذي سيتم مناقشته في مجلس الوزراء للمصادقة عليه. بعد تمريره بمجلس الدولة و المجلس الدستوري، ثم يتم إيداعه من قبل الحكومة على مكتب المجلس الشعبي الوطني أو الذهاب به مباشرة إلى الاستفتاء.
إن المقاربة الجديدة التي تنبع من مطالب حراك 22 فيفري 2019 والانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر 2019 لا شك من أنها تشكل المرجعيات في صياغة الدستور الجديد المقترح بمبادرة من رئيس الجمهورية المنتخب السيد عبد المجيد تبون.
الديباجة و التناوب
هل يمكن أن نطرح السؤال عن ضرورة هذه النصوص في ضوء التطورات الجارية في النقاش السياسي ، حيث نشأت مقاربات جديدة أنتجتها الانتخابات الرئاسية ل12 ديسمبر 2019 جاءت في نسق خطابات الحملة الانتخابية لمختلف المرشحين؟ يجب أن يكون توافق عند بلورة المسودة الجديدة والتي تظهر فعلا ملامح البنية الجديدة للدستور. بما يعكس جوهر الإسهامات المختلفة التي تفرزها المشاورات الأولى.
فيما يتعلق بالديباجة ، يتم تضمين دستورية التداول الديمقراطي في أخذ السلطة. و بالتدقيق تحديد العهدات الرئاسية. وفي هذه الحالة خياران: إما أن نكتفي بعهدة واحدة مدتها سبع سنوات غير قابلة للتجديد أو أن نذهب إلى المادة 94 من دستور 1996 التي تحدد العهدة الرئاسية لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
من أجل التعامل مع مختلف العراقيل التي تحدثها المؤسسات ، يجب أن تستثنى النسخة التي يجب اقتراحها من وضع نائب لرئيس الجمهورية من أجل القضاء على أي شكل من أشكال السلطة التوريثية . هذا ينبع من القواعد الأساسية للنظام الديمقراطي. يجوز للرئيس تفويض صلاحيات معينة في حدود صلاحياته إلى الوزير الأول وليس لرئيس حكومته إذا تم الاحتفاظ بهذه التسمية. مع مراعاة أحكام المادة 87 من الدستور المعدل ، “بمكن لرئيس الجمهورية أن يفوض الوزير الأول جزءا من صلاحياته في حال الاحتفاظ بهذه التسمية من أجل ترؤس اجتماعات الحكومة”.
شغور منصب رئيس الجمهورية
في حالة وجود شغور أو استحالة دائمة لممارسة مهام رئيس الجمهورية للأسباب المذكورة في المادة 102 من الدستور ، من حق الوزير الأول أو رئيس الحكومة الاستقالة ، إذا كان يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية. و يتم تعيين الوزير الأول أو رئيس الحكومة الجديد من قبل رئيس الدولة بعد استشارة الأغلبية البرلمانية أو يتم اختياره من الائتلاف.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة وجود عائق أو وفاة أو استقالة لرئيس الجمهورية ، لا يمكن إقالة أو تغيير الحكومة حتى تولي رئيس الجمهورية الجديد منصبه.
إذا إستحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير أو مزمن يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ، بعد أن تتبث حقيقة هذا المانع من طرف ثلة من الأطباء المختصين و المحلفين و كل الوسائل الملائمة. يقترح بالإجماع على البرلمان بغرفتيه التصريح بثبوت المانع .
يعلن البرلمان المنعقد بغرفتيه مجتمعتين ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي 2/3 من أعضائه ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها 45 يوما رئيس مجلس الأمة الذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة 104 من الدستور. وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء 45 يوما يعلن الشغور بالاستقالة وجوبا حسب الاجراء المنصوص عليه في الفقرتين السابقتين و طبقا للفقرات الآتية من هذه المادة.
في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوبا ، يتولى ريس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوما تنظم خلالها انتخابت رئاسية. ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية.
وإذا اقترنت استقالة رئيس اللجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت بالاجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية و حصول المانع لرئيس مجلس الأمة .و في هذه الحالة يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة.يضطلع رئيس للدولة المعين حسب الشروط المبينة اعلاه لمهمة رئيس الدولة طبقا للشروط المحددة في الفقرات السابقة و في المادة 104 من الدستور ولا يمكنه أن يترشح لرئاسة الجمهورية.
ففي المادة 81 مكرر في تعديل المادة 85: ” يمكن الوزير الأول أن يتلقى من رئيس الجمهورية، ضمن الحدود التي يضعها الدستور، تفويضا لممارسة السلطة التنظيمية." نجد هذا البند في المادة 85 الفقرة 3 حيث الوزير الأول أو رئيس الحكومة ” يوقع المراسيم التنفيذية بتفويض من رئيس الجمهورية. ”
توسيع صلاحيات مجلس الأمة
يتمتع مجلس الأمة بحق ي التشريع في التنظيم المحلي من خلال تكوين “ثلثي المنتخبين عن طريق الاقتراع غير المباشر من المجالس المحلية الولائية و البلدية. و يستحب في هذا النطاق توسيع مجال اختصاصه ليشمل مجالات أخرى. إذا ثبت ذلك فما الذي يمكن أن تقدمه هذه الغرفة الثانية مع أن الدستور يحد من صلاحياتها ؟ أما بالنسبة للثلث الرئاسي المعين ، فسيبقى “الثلث الحاسم للتمييز وتجنب الانزلاق المؤسساتي.
فيما يتعلق بالتنقل الحزبي البرلمانيين في ممارسة ولايتهم ، يجب أن يمتثل لقانون احترام الحريات على النحو المنصوص عليه في الدستور وبالتالي فإن مصادرة هؤلاء غير دستورية. يبدو أن التجوال السياسي هو نوع من الانتقال بحثًا عن مناخ سياسي أكثر تساهلاً يستجيب لمعتقدات النواب وأعضاء مجلس الأمة، حتى لو كان يبدو أنه شكل من الانتهازية.
مجلس دستوري متوازن وحق الإخطار
أما بالنسبة للمجلس الدستوري ، فإن المادة 183 تقترح 12 عضواً بدلاً من 9 ، مما يحقق التناسق والتوازن في هذه المؤسسة الرئيسية. أربعة منهم يعينهم رئيس الجمهورية بمن فيهم رئيس المجلس الدستوري. إذا تم الاحتفاظ بهذا العدد ، فلا داعي لتعيين نائب للرئيس.
أما بالنسبة لفترة العهدة ، فمن المستحسن تقليصها إلى 6 سنوات بالنسبة للرئيس وللأعضاء نفس المدة قابلة للتجديد كل 3 سنوات. وأما الآخرون فمدتهم ثابتة. يتسع الاخطار إلى المجلس الدستوري للسماح للوزير الأول أو رئيس الحكومة والحساسيات الموجودة داخل حرم البرلمان بتمرير مبادرة الاخطار.
كما يحبذ أن يكون عدد النواب 50 بدلا من 70 ومن أعضاء مجلس الأمة 30 بدلا من 40. ويكون الأمر مشابها لرؤساء المجموعات البرلمانية في مبادرة الإخطار.
طرق المصادقة على التعديل الدستوري
انطلاقا من النص الدستور ، يتم تحديد التعديل الدستوري من رئيس الجمهورية. و يتم التصويت عليه من المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بالشروط الموجودة نفسها في النص التشريعي. يمكن لثلاثة أرباع من غرفتي البرلمان مجتمعتين أن يقترحوا التعديل الدستوري ثم تقديمه إلى الرئيس الذي يخضعه للاستفتاء.و عند الحصول على الموافقة يتم إصداره.
هل يحتفظ الرئيس بمنهجه في تقديمه للاستفتاء ؟ المادة 210 واضحة تنص على ما يلي:
” إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على “الاستفتاء الشعبي”، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) من أصوات أعضاء غرفتي البرلمان”.
نحن بعيدون عن الدستور البرنامج الصادر في 22 نوفمبر 1976 والذي يعتبر أكثر أيديولوجية لأن الاشتراكية كانت من الأشياء التي لا يمكن المساس بها. تم النص في المادة 195 فقرة 3 على أنه لا يوجد مشروع التعديل الدستوري يمكنه أن يقوض الخيار الاشتراكي. كانت السلطة مدعمة بوظائفها: السياسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية والرقابية والتأسيسية.
أما دستور 23 فبراير 1989 ، يترجم مبدأ فصل السلطات مع منح رئيس الدولة صلاحيات كبيرة أنتجت نظامًا رئاسيا برلمانيا وقد خلقت هذه الوضعية ازدواجية في أعلى السلطة التنفيذية لأن لرئيس الحكومة آنذاك صلاحيات مؤكدة . يجب أن نتذكر تضارب الصلاحيات بين الرئيس الشاذلي بن جديد ورئيس حكومته السيد قاصدي مرباح.
يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء وله مبادرة إصدار القوانين ، و يترأس رئيس الحكومة مجلس الحكومة. وتجدر الإشارة بأن السلطة التنفيذية تمارسها الحكومة برئاسة رئيس الدولة .في أي حالة من الأزمات والاختلافات ، يمكن أن يتخلى الرئيس عن رئيس الحكومة.
الشعب هو مصدر السلطة
يتميز مصدر السلطة في هذا العالم بمنحدرين أفتراضي و حقيقي ، مهما كان المنظور الديمقراطي. يمنحنا النظام العالمي يفرض علينا المضي قدما في خضم هذه الحركة الواسعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والمؤسساتية. في إطار الخيارات التي اتخذها الرئيس خلال حملته الانتخابية ، تتماشى و روح الإصلاحات والوعود التي أعلن عليها ، خصوصا هندسة المؤسسات و الأسس الدستورية التي تعتمدها.
يجب أن يكون المشروع التمهيدي للقانون الأساسي الذي سيتم اقتراحه موضوع مشاورات واسعة مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني الذي سيتم المصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان أو تقديمه للاستفتاء في أفريل 2020 إذا قرر الرئيس ذلك.
إن اختيار لجنة من أساتذة خبراء في القانون وتعيينها من قبل رئيس الجمهورية ، هو دليل على الثقة الممنوحة للنخبة لإعداد النصوص الأساسية ومن بينها جيل الشباب الذي يضيف نظرة جديدة تتماشى و متطلبات العصر من التحولات النظمية في مجتمع سريع التطور. هذه هي الإجابات عن تطلعات شعبنا. فهي تحدد لنا خارطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء الأول، الذي يومئ إلى اتجاهات الحملة الانتخابية.
وفي هذا الاتجاه ، أرتأيت أن أقدم بعض عناصر التحليل الخاصة بالتصور النظمي حول الآليات ومجالات الكفاءات ، والانسجام في صلاحيات المتعلقة بالهيئات المسيرة في إطار نموذج الحوكمة، الذي يتكيف و التغيرات النظرية في هذا المجال.
دستور يضبط ويحمي
هل سيتجه الرئيس عبد المجيد تبون نحو تعديل شامل للدستور؟ إذا كان هذا هو الحال ، فإن الاجراء المتوقع هو أن يمر مشروع القانون الأساسي حتما للاستفتاء ربما يكون ذلك خلال شهر أفريل 2020. إذا كان الدستور الحالي في نظره يتضمن اختلالات في مجالات الاختصاص ، على الأقل فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية . دعونا أولاً نطرح سؤالاً عن المعارضة إذا ما كانت ستتقبل الاجراء المقترح؟ هل سيكون مختلفا عن ما كان عليه؟ هل يختلف النظام السياسي الجزائري في هيكله عن البلدان الأخرى ، سواء كان رئاسيا أم شبه رئاسي أم برلمانيا أم مملكة دستورية؟
منذ الاستقلال ، سارت بلادنا ، على معتقدها الأساسي “انشاء الدولة الجزائرية ذات سيادة ديمقراطية واجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية” ، هذه المرجعية نجدها في كل دستور وفقًا للواقع السياسي التي عاصرته في الحالات العادية أو الأزمات المؤقتة. ويمكننا تصنيفها في دساتير-البرنامج ، ولا سيما دساتير 1963 و 1976 وفي دساتير- القانون فيما يخص دستوري 1989 و 1996. إن التعديلات التي أدخلت في عام 2002 على دستورية اللغة الأمازيغية وفي عام 2008 لإدخال الحقائق التاريخية ، ومكان المرأة في المجالس المنتخبة و كذلك فتح العهدات.
من الواضح أن الخبراء الدستوريين يحاولون بناء صرح يستجيب لأفكار مشروع مجتمعي يساير العصر والإصلاحات الضرورية البعيدة عن المشاحنات الحزبية لتنسجم مع المنظور العالمي لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية لدولة القانون.
استعادة هبة الدولة وتعزيز العدالة الاجتماعية
في مذكرات هاردنبرغ في تشكيل بروسيا المعاصرة ، يقال إن “الدولة التي نجحت في تصور روح المسؤولة في هذا القرن ، هي التي تتمكن من إيجاد مكان لها بسلاسة دون ضجة ومشكلات ، وذلك بتبصر حكومتها ، في هذا الطريق القدري ، الذي يمكنها من اكتساب مزايا هائلة ، و سكانها يمكنهم أن يباركوا حكمة هؤلاء الذين يعود لهم الفضل لإسداء هذه النعم”.
وبالتالي ، فإن الإندفاعات العنيفة لا يمكنها أن تؤدي داخليا أوخارجيا لا يمكنها أن تبني دولة القانون ، كما أن الاتجاهات في إعادة تنظيم مهام الدولة يجب أن تجلي المبادئ العامة لاستعادة سلطة دولة القانون بعيدًا عن المحسوبية ، التعسف ، والتصرفات البيروقراطية لإدارة وخدمة عمومية بعيدتان عن الشبوهات و الشكوك.
يجب أن يكون الفكر السياسي في هذا القرن أكثر وضوحًا لأنه يرفض التفكير السطحي الذي من طبعه جعل نصوص القانون التي تتحكم في النظام غامضة سواء في الآليات أو في علاقات الحكم. فالديمقراطية ليست بالأمر المجرد. فهي ظاهرة محسوسة ترفض البقايا الغريبة.
الحكم الراشد يتنافى مع الأوليغارشية الناهبة
إن الفكر الملائم لعصرنا هذا يستوجب تعديلا دستوريا تنجم عنه سلطة سواء انطلقت من حاكم أو من الشعب لا بد أن تكون محدودة مهما كانت المفاهيم الليبرالية الحديثة في إنجاز الدستور. لذا فإن حوكمة بلد مربوط بنخبته . منذ الاستقلال ، فإن التحكم في شؤون الدولة وتسيير هياكلها لم يخل من التأثيرات . فالمناخ العام في التسيير للإدارة أصبح معرضا للناهبين الذين يخلطون بين الثروة الحلال والاختلاس الأمر الذي أدى إلى توسيخ الجمهورية في دواليبها الداخلية والخارجية.
لا يمكن لأحد اليوم أن يتخيل نسبة الضرر التي ألحقها هؤلاء ، حيث رفض الشعب هذا التصرف في بداية الحراك ، لأنه شعر من المرارة بالتجاوزات البيروقراطية التي أفسدت الإدارة والتي لم تحقق هدفها في خدمة الوطن و الشعب.
تجديد الأجيال وتحديث المؤسسات
من أجل أن يكون في مستوى تطلعات الحكم الراشد فان النظام بحاجة ملحة للتطور وتجديد نفسه و يتطلب نظرة جديدة في الممارسات ضمن العلاقات بين الحاكم و المحكوم. نحن نتهم غالبا الشكل الملموس للديمقراطية في النظام البرلماني أو الرئاسي.
تتولد الأحزاب السياسية وتختفي في بعض الأحيان لأنها تخلو من المبادرة و روح الإبداع. وفي حالة بقائها فإنها تخضع للتسيير الاداري دون أن تأثير تأثيرا فعليا في الناخبين فتصبح هذه الأحزاب أجهزة أو منظمات حقيقية لتقديم الترشيحات عند كل موعد انتخابي. من الواضح أن الطريق إلى الديمقراطية يمر بين ممرين و هما المقاطعة و الكارزما. إذا كان بامكان السياسة أن تكون فنا للحكم ، و علما لتوقع تطورات الأحداث فان الخيار ما بين هذه الاحتمالات للتطور التي يفرضها الواقع الجماعي ، يمكنه أن قدرة التأثير في تطوير المؤسسات. إن تعريف السياسة يعني أيضًا فهم الهياكل المتحولة لظاهرة الدولة قانونا وتاريخا واجتماعا.
الهندسة الدستورية الواضحة.
يوجد في كل دولة عدد معين من الأحكام التي تسير التنظيم وعلاقات السلطات العمومية واضعة بذلك مبادئ تجمع السلطة العمومية بالمواطنين. كما يقول الجنرال ديغول: “الدستور هو روح و مؤسسات و ممارسة”. ، ألم نشهد تأويلا في دستور سابق فيما يخص المادة 181 بين أعلى شخصيتين بالجمهورية؟
منذ الاستقلال ، تم انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري. لرئيس الدولة الذي يجسد وحدة الأمة. لكن اختيار المرشح للرئاسة كان دائما توافقي بين مختلف موازين القوى الموجودة.
الجيش الشعبي الوطني في قلب الضبط النظمي
من بين هذه القوى السياسية ، ، بما في ذلك جيش التحرير الوطني ثم الجيش الشعبي الوطني ، أدت المؤسسة العسكرية دورا رائدا في الحفاظ على الوحدة والتماسك الوطني و بقت أحد المنابع، إن لم تكن المنبع الرئيسي ، الذي تنظم ويضبط التفاعلات المتشابكة لطموحات الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
إن الدولة “المدنية” التي نتحدث عنها تتضمن دائما الجيش الشعبي الوطني كمؤسسة جمهورية في خدمة الأمة. يجب القول بأن التيارات السياسية ، التي تحدد الهيأة الحاكمة ، تأتي عن طريق التوافق من أجل إبراز العنصر الأكثر تلاؤم للحفاظ على توازن القوى وتحقيق التماسك في الصرح المؤسساتي رجالا وهياكلا.
يجب أن تكون العهدة الخماسية للرئاسيات القادمة 2020/2025 نقطة تحول يتم فيها تسليم المشعل لجيل ما بعد الاستقلال . كما يجب أن يضع الدستور المستقبلي الآليات التي تقدم قوة مضادة حقيقية لتجنب كل الانحرافات في الجمهورية مما مما يعطي حياة سياسية أكثر وزنا وذلك من خلال إشراك المعارضة الفعلية وليس الكاريكاتيرية . و يمكن للرئيس التمتع بالسلطات والصلاحيات تريحه للقيام بالسياسة التي ألتزم بتطبيقها. ولكن في الممارسة العملية ، يقاس الشعور بالمسؤولية شكلا ومضمونا وذلك لضمان سير الحسن لدواليب السلطة و الأهم في ذلك هو حسن اختيار النساء والرجال المعنيين بالحكم.
السير الذكي للرئاسة والجيش
إذا كان الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية والمسؤول عن الدفاع الوطني ، فالدستور المقبل يكون له معنى إذا تضمن تعيين مسؤولا مدنيا في منصب وزير الدفاع. الذي يضفي بلدنا أسلوبا جديدا للحكم في هذا القرن. ونجد هذه الممارسة مكرسة في جميع جيوش العالم.
تكمن عبقرية أي رئيس دولة في معرفته لترسيخ مقاربة ذكية في هذا المجال أين يصبح الجيش فيها إحترافيا . يجدر أن توضع حدود بين ما تعديل الدستور تعديلا صحيحا مكتوبا وبين العمل على انتهاكه.
عندما نوضع دستور جديد ، السؤال الذي يطرح نفسه ما هي الهيئة المؤهلة لتولي هذه المهمة ؟ بمعنى من هو صاحب السيادة في الدولة.
إذا كانت السيادة ملكا للأمة ، فإننا نتجه نحو نظام المجلس التأسيسي ، سواء جاءت عن طريق الاستفتاء التأسيسي أم لا. دون اللجوء إلى العملية الاتفاقية على الطريقة الأمريكية ، يصوت على الدستور من طرف المجلس التأسيسي ويخضع للتصديق من قبل الشعب عن طريق الاستفتاء. هذه هي الديمقراطية الشبه المباشرة. وبالتالي ، فإن استخدام الاستفتاء يمكننا مباشرة الحصول من التصديق على نص صاغته الحكومة و أعطته واقعية السلطة الدستورية.
الخروج عن النماذج الكلاسيكية
إن تعديل القوانين الدستورية لا تطرح المشكلات نفسها التي عرفتها عند وضعها . فالتعديل ليس نوعا من العملية التأسيسية . لا يتم عرض مشروع التعديل الدستوري على الاستفتاء عندما يقرر رئيس الجمهورية تقديمه إلى البرلمان الذي يجتمع في مؤتمر و يعتمده بأغلبية 3/5 من الأصوات المعبر عنها.
ويمر تعديل الدستور حتما على الاستفتاء إذا مست التوازنات أو تغيرت طبيعة النظام. أما المجلس الدستوري إن لم يتحول إلى مشرع ، فله الحق على الرقابة البرلمانية. فانه يحرص بدقة على أن لا تبتعدا الغرفتان المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة عن الصلاحيات المخولة لهما دستوريا وعن النظام الداخلي . وفقا للمادة 163 ، يعمل المجلس الدستوري على احترام الدستور و ضبط عمليات الاستفتاء والانتخابات التشريعية والرئاسية أي الامتثال الصارم لدستورية القوانين.
لذا ،فهل للمشروع الدستور التمهيدي الذي سيتم تقديمه للنقاش الوطني قبل طبعه نهائيا يمكنه أن يتجنب الأنماط الكلاسيكية لمختلف الأنظمة الديمقراطية ؟ كيف سيجعل خبراؤنا الدستوريون الدستور الخاضع للاستفتاء إطارًا لتوازن القوى بين السلطات الثلاثة ،السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية ؟هل نتجه نحو نظام هجين شبه رئاسي و شبه برلماني؟ ما هي خصوصية دستورنا القادم مقارنة بالدساتير السابقة؟
نظرا لعدم وجود أي اقتراح بالأغلبية للطعن في الحكومة بسبب غموض النص وتطبيقه ، أعطى ذلك لرئيس الجمهورية قرار اختيار رئيس حكومته خارج الأغلبية البرلمانية.
تطابق دستورنا مع عبقرية شعبنا
عندما يكون هناك تداخل بين السلطات ، يجب أن يكون هناك تقسيم الصلاحيات بمنح للجميع نفس القدر من الأهمية في إدارة شؤون الدولة وذلك من خلال ضمان وسائل لحل النزاعات التي يمكنها أن تنتج عنها . لذلك يجب أن تحدد بوضوح مسؤولية الحكومة أمام المجلس الشعبي الوطني الذي يفرض عليها الاستقالة في حالة سحب الثقة منها أو التصويت سلبي ضد برنامجها ، أو تصريح السياسة العامة أو عن طريق فعل يقوم به رئيس الحكومة الذي يترتب عنه جر مسؤولية حكومته أمام النواب.
بإمكان المجلس الشعبي الوطني الإطاحة بالحكومة كما لرئيس الدولة السلطة على حل المجلس ومن هنا فإن مجال السلطة التنظيمية هو خارج نطاق ما حدده الدستور والذي يوجد في مجال القانون.
إن المراقبة الدستورية للقوانين والأنظمة ، بمعنى التحقق من مطابقتها للدستور ، تسمح بديمومة توازن السلطات من خلال إبعاد المحاولات البائسة للبرلمان الذي تعزيز صلاحياته على حساب السلطة التنفيذية. هل يمكن لهذه الأخيرة بأن تشرع عن طريق الأوامر ؟ في الوقت تتدعم شرعية رئيس الجمهورية التي تضكل العمود الفقري الحقيقي للنظام السياسي الذي تمنحه الحق في حل البرلمان. مما يحد من تحميل المجلس الشعبي الوطني المسؤولية للحكومة. وبالتالي فإن شرعية رئيس الجمهورية تفوق شرعية النواب.
و في المقابل ، فإن مسؤولية الحكومة أمام رئيس الجمهورية من طبعها بأن تستبعد أي حكم مزدوج في أعلى السلطة . فالرئيس وحده هو الذي يفوض ، طبقا للأحكام الدستورية الذي يمتلكها عند تفويض السلطة . وإذا كان الرئيس هو المسؤول الحقيقي للجهاز التنفيذي فهو غير مسؤول أمام البرلمان.
في هذه الحالة ، ستكون الوظيفة الأساسية للأغلبية البرلمانية هي دعم لسياسة الرئيس. و تمنحه الأغلبية المكتسبة القدرة على الحكم. وكل هزيمة للأغلبية الرئاسية في الانتخابات التشريعية فهي لا تعني الرئيس الذي سيعين الوزير الأول أو رئيس الحكومة للأغلبية الجديدة والذي سيضطر للتعايش معها.
ومع ذلك يحتفظ رئيس الجمهورية بصلاحيات في المجالين المخصصين له ، وهما المجال الدبلوماسي و المجال العسكري. كما يحتفظ برئاسة مجلس الوزراء وسلطة تعيين المسؤولين المدنيين والعسكريين للدولة. وله الحق أيضا في النظر في جدول أعمال الجلسات البرلمانية الاستثنائية. لا يمكن أن يكون رئيس الحكومة أو الوزير الأول مجرد كبير الموظفين في قصر المرادية بل يجب أن يكون هناك اعتبار متبادل بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومته.
لا يترك النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي مجالاً لاقتسام الحكم لأن كل السلطة تكون بيد الرئيس. في حين أن النظام الرئاسي يسمح للسلطتين بالمشاركة. فالتوازن بين السلطات يتوقف على التشكيلة السياسية والتوافق أو التناقض بين القوى الموجودة.
يجب أن يحظى الوزير الأول المعين من قبل رئيس الجمهورية بدعم الأغلبية البرلمانية. أما إذ كان يحظى بدعم المعارضة للرئيس فسيكون هناك ما يسمى بالتعايش . في هذه الحالة ، يمكن للوزير الأول أن يطبق سياسته دون عرقلة من الرئيس إلا إذا أقدم هذا الأخير على حل المجلس الشعبي الوطني.
الحماية التي يتمتع بها الرئيس ليست محصنة . يمكن الإطاحة به عن طريق سلطة الاقتراع عندما يتحمل مسؤوليته. لكن في الحالات الاستثنائية والخطيرة ، يجب الحفاظ على استمرارية الدولة. و بالرغم من أن السيادة نابعة من الشعب ، فإن كل سلطة صادرة من رئيس الدولة يجب أن تتجه نحو رؤية مشتركة للسلطة.
و بحثنا للانسجام والتوازن ، يجب أن نوفق بين الحرية والسلطة ، وإلا تتدهور الأمور وتتفاقم. ومن الضروري إيجاد نقطة التوافق من خلال الحوار وآليات التمثيل السياسي في تنوع الآراء والسلوكات داخل إطار يحترم النظام العام وذلك بالتناوب على السلطة بين الأغلبية والمعارضة.
ولقد أشار أرسطو إلى أن ” بامكان المواطن أن يكون تارة حاكما وتارة محكوما ” وبعد المشاورات الخاصة بالانتخابات تبين أن . ” التناوب على السلطة ، هو النمط الحقيقي لضبط النظام السياسي في الديمقراطيات الهادئة”.
(*) الدكتور بوجمعة هيشور.
* باحث جامعي
* عضو سابق في المجلس الأعلى للقضاء
* نائب سابق في المجلس الشعبي الوطني
* عضو سابق بمجلس الأمة ،
* وزير سابق .
المراجع
* ماري آن ” القانون الدستوري ” مونكريستيان باريس 2011.
* موريس ديفارجي ” النظام السياسي الفرنسي” باريس 1970.
* خلفة معمري ” الدساتير الجزائرية –تاريخ –نصوص و أفكار” دار ثالة للنشر الجزائر.
* جون- إيريك جيكسال” القانون الدستوري و المؤسسات السياسية ” مونكريستيان باريس 2008.
* دونيس بارجار ” القانون الدستوري ” باريس 2002.
* جون بيار كامبي “المجلس الدستوري ، قاضي الانتخاب” الطبعة الثالثة باريس 2007.
* روبار بادينتار “استثناء عدم الدستورية” ر ف د س باريس 1990.
* ميشال جوبار “تقاسم السلطة التنفيذية” السلطات رقم 4 باريس 1978.
* جون شارلو “الاتحاد من أجل الجمهورية الجديدة” السلطات رقم 28 . باريس 2002.
* جون ماسو “التنواب و التعايش تحت الجمهورية الخامسة ” باريس 1997.
* جيلبار مينيي “التاريخ الداخلي لجبهة التحرير الوطني ” القصبة 2003.
* الهادي شلابي “الجزائر ،الدولة والقانون ” أركنتار 1989.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.