صدر عن دار كتب عربية للباحث بركات محمد مراد كتاب ''الأمير عبد القادر الجزائرى المجاهد الصوفي''. يقول المؤلف، وفقا لصحيفة ''العرب'' اللندنية أن الأمير عبد القادر الجزائرى اشتهر فى بلاده بنزعته البطولية والحماسية والنضالية، ضد الغزو الفرنسى لأرض الجزائر، فعرفه أهل المغرب العربى مناضلا وطنيا، وبطلا صنديدا، ومقاتلا شجاعا، قاوم الجيوش الفرنسية النظامية المدربة أحسن تدريب، والمجهزة بأحدث وسائل التجهيز العسكرى والحربى حينئذ، فأظهر صلابة قوية، وخبرة عسكرية، مع حداثة عهده بالحرب. وأحرز كثيرا من الانتصارات العسكرية والسياسية على العدو، ولكن الظروف والملابسات الاجتماعية والاقتصادية لبلاده، وللأوضاع الدولية، وكذلك تآمر الدول الاستعمارية، حال دون انتصاره انتصارا نهائيا، فوضع السيف بعد سبعة عشر عاما من الجهاد والمواجهة، مع العدو. ويضيف المؤلف أن عبدالقادر تناول القلم، مستعيضا به عن السيف فى نوع من الجهاد أشد، محققا للحديث الشريف، ومعايشا له، ومجاهدة النفس والهوى هى الجهاد الأكبر، بعد جهاد العدو، الذى يعد جهادا أصغر، ومنتقلا من مرحلة عسكرية وحربية إلى مرحلة ثقافية وفكرية وروحية، من التعليم والإرشاد والتربية، تعد فى حقيقة الأمر جبهة المواجهة الحقيقية مع العدو؛ حيث أن تكوين النفس الفكرى والأخلاقى والروحى هو السبيل الحقيقى إلى الاستقلال، والطريق الوحيد إلى التحرر. ويقول بركات بكتابه: ''لقد كان للأمير شخصية صوفية، متحررة من قيود التقليد والتبعية، ومتطلعة إلى صفاء الشريعة الإسلامية، وجوهرها النقي، فقد مارس الأمير التصوف نظريا وعمليا، وآمن بالتصوف الإسلامى طريقا، لتجديد الفهم الديني، وأسلوبا للحياة، يمتزج فيها العمل بالنظر، والنظرية بالتطبيق. من هنا، يأتي اهتمامنا بشخصية الأمير عبد القادر، على وجه الخصوص، لأنه عبقرية، اجتمعت فيها كثير من الخصال المفتقدة فى عصرنا الراهن. فقد اجتمع فيه وتوحد الظاهر والباطن، والفكر والتطبيق، والمعتقد الحق والسلوك القويم، وجاء فى زمن يشبه زمننا، أطبقت فيه الظلمات، وادلهمت فيه المشاكل وتعانقت، أسطورة على غير مثال سابق، يشهر سيفه فى وجه الاستعمار الفرنسي، ممتطيا صهوة الأدهم، ببرنس يصفق جناحه مع الريح، مرتلا هذه البطولة شعرا، يخلدها قصائد، ويتغنى بها أوزانا، ويضرب المثل على عودة الفارس العربى المنقذ، وهو يحارب فى جبهتين فى وقت واحد، جبهة الجهاد مع العدو فى الخارج، وجبهة الجهاد مع النفس فى الداخل. وهو فى كلا الموقفين يعيد - من ناحية - تاريخ الفروسية العربية، بمفهومها الحسى والمعنوي، ومظهريها المترابطين المادى والروحي، ومن ناحية أخرى يفتح صفحة جديدة من هذه البطولة، لشعب عاش يتوارثها، أبا عن جد، وفيا لها، أمينا عليها، حتى طوى أعنف أسطورة استعمارية، بأروع صفحة بطولية''.