أضحت القارة الأوروبية منذ بداية العام الجاري أكبر المتضررين من الأزمة بفعل الخسائر الفادحة التي تكبدتها كبرى مصانع السيارات، ففي فرنسا اضطرت الحكومة إلى إعلان مساعدات خاصة لأقطاب صناعة السيارات على شكل قروض وضمانات مالية، وتشمل الحزمة التي رصدتها الحكومة الفرنسية ألف أورو كحافز لكل مستهلك يرغب في تبديل سيارته القديمة بأخرى جديدة ومليار أورو لخط إعادة التمويل لتمكين شركات صناعة السيارات من بيع سياراتها بالأجل. وأوضح مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في تصريحات صحفية أن مسؤولين كبارا بأكبر شركتين فرنسيتين لصناعة السيارات وهما ''رونو'' و''بيجو ستروين'' وكذلك في شركتي ''ميشلان'' و''فاليو'' لمعدات السيارات شاركوا في الاجتماع، على خلفية إغلاق شركتي ''رونو'' و''بيجو ستروين'' لبعض مصانعهما لتقليل الإنتاج في ضوء انخفاض الطلب على السيارات في أوروبا، بعد أن سجل تراجعا بأكثر من 14 بالمائة. وفي إيطاليا أعلنت شركة ''فيات'' توقف الإنتاج مؤقتا في مصانعها نتيجة تراجع الطلب العالمي على السيارات، وعلى إثر ذلك بدأ نحو 48 ألف عامل في مصانع الشركة بإيطاليا عطلة تمتد قرابة شهر، بعد أن تراجعت مبيعاتها بنسبة 5ر29 بالمائة إلى أكثر من 138 ألف سيارة وهو أقل مستوى للمبيعات منذ العام ,1993 بالرغم من أن مبيعات ''فيات'' في سوق السيارات تعد الأقوى في أوروبا. وفي هذا السياق، يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة ''فيات'' سيرجيو مارشيوني تراجع صافي أرباحها خلال العام المقبل بنسبة 85 بالمائة إلى نحو 400 مليون أورو في ظل التراجع السريع والمطرد لسوق السيارات، مشيرا إلى أن ''فيات'' تبحث في الوقت الراهن عن شريك لإقامة تحالف يتيح للشركتين مواجهة تداعيات الأزمة المالية وتدهور أوضاع سوق السيارات. أما في بريطانيا فقد وافقت شركة '' تاتا'' الهندية للسيارات على تقديم دعم بعشرات ملايين الدولارات لشركتها البريطانية ''جاغوار لاندروفر'' لتمكنها من الاستمرار بعد أن رفضت الحكومة البريطانية تقديم المساعدة لها، وكان وزير الأعمال البريطاني بيتر ماندلسون قد أكد بأن مسؤولية إنقاذ ''جاغوار'' تقع على عاتق ممولي الشركة المالكة في إشارة إلى ''تاتا''. يأتي ذلك بعد أن لوح المدير العام لشركة ''جاغوار لاندروفر'' ديفد سميث بتسريح آلاف الموظفين والعمال في حال لم تتلق الشركة التي تمر بضائقة جراء الأزمة المالية مساعدة عاجلة. معضلة سوق السيارات الأمريكية تحصلت كل من شركتي ''جنرال موتورز'' و''كرايسلر'' إحدى اكبر العلامات في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى خطر الإفلاس منذ بداية العام الجاري، ما دفع بالحكومة الأمريكية إلى تقديم حزمة مساعدات تتضمن الموافقة على قروض طارئة بقيمة 4ر17 مليار دولار، ووفقا لشروط القرض يتعين على الشركتين تقديم خططهما لإعادة الهيكلة لإثبات أن بمقدورهما الاستمرار وإلا فإنهما ملزمتان برد القروض. ووفقا للخطة ستحصل ''جنرال موتورز'' على مبلغ 4ر9 مليار دولار على دفعتين حتى منتصف الشهر المقبل، بينما ستأخذ ''كرايسلر'' مبلغ 4 ملايير دولار، الأمر الذي سيقلل من احتمال مواجهة الشركتين تهديدات بإفلاس قريب ما سيترتب عليه إلغاء ملايين الوظائف. يشار إلى أن ''كرايسلر'' أغلقت جميع مصانعها لمدة شهر على الأقل اعتبارا من الخميس الماضي وذلك في محاولة لتقليص مصاريفها، من جانبها أعلنت فورد أنها في وضع اقتصادي مختلف عن الشركات المنافسة وليست بحاجة لقرض قصير الأجل. ووصف ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي السابق مشكلة السيارات بالمعضلة رغم بذل الإدارة ما بوسعها لحلها، محملا الكونغرس مسؤولية تعطيل مشروع قدمته الحكومة لإنقاذ السيارات، الأمر الذي اضطر الحكومة للتدخل عبر استخدام أموال خطة الإنقاذ المالي.