تشهد إيران غدا الجمعة انتخابات رئاسية حاسمة تحدد مستقبل التعامل الغربي مع الجمهورية الإسلامية، وسط منافسة أكثر شراسة بين الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد ومنافسه مير حسين موسوي ، بينما زادت وتيرة الهجوم والتهديدات تجاه نجاد بمقاضاته نتيجة تصريحات النارية خلال مناظرته التلفزيونية. ويسيطر اللون الأحمر الذي يرمز للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والأخضر الذي يشير لمير حسين موسوي رئيس الوزراء الأسبق على الساحة الانتخابية ، وفي مقابل تلك الألوان يتحرك المشهد الانتخابي بغياب جزئى للمرشحين الآخرين الشيخ مهدي كروبي والجنرال محسن رضائي إلا في مساحات ضيقة. من جهة أخرى اتهم اكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق، وأحد أكبر الشخصيات السياسية في إيران، الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد بالكذب خلال المناظرة التلفزيونية الانتخابية التي جرت بين المتنافسين الرئاسيين، ودعا المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى التدخل وحسم الأمر، فقد قال رفسنجاني، في انتقادات غير مسبوقة لاحمدي نجاد، أن ملايين الإيرانيين شهدوا ''مغالاطات وفبركات'' للحقائق خلال المناظرة التي جرت الأسبوع الماضي بين احمدي نجاد وخصمه المعتدل مير حسين موسوي، الساعي إلى منع إعادة انتخاب الأول مجددا رئيسا للبلاد، في الانتخابات المقرر إجراؤها غدا الجمعة. وقال رفسنجاني، وهو رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام: ''أتوقع منك (خامنئي) أن تحل هذا الأمر من اجل إطفاء هذا الحريق الذي ارتفع دخانه وصار يشاهد في الأجواء، وان تبطل هذه المؤامرات الخطيرة''. وجاءت هذه المناشدة من رفسنجاني في رسالة بثتها وكالة مهر الإيرانية شبه الرسمية للإنباء، يذكر ان الحملات الانتخابية في إيران شهدت وتشهد مناظرات عامة شرسة جدا تتخللها اتهامات ومزاعم عديدة بين الخصماء وأبرزهم احمدي نجاد وموسوي ومهدي كروبي. وقد شهدت طهران عدة مسيرات وتجمعات حاشدة لكل من مناصري المرشحين، وبعضها كان يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل. ويرجح أن يزيد تدخل رفسنجاني من حدة الاحتقان الحاصل فعلا بين المتنافسين ومؤيديهم في الشارع الإيراني. وأضاف رفسنجاني انه ''حتى لو استطعت تحمل هذا الوضع، لا شك أن هناك بعض الناس والأحزاب والفصائل لن تتحمله''، في إشارة إلى أن مؤيدي خصوم نجاد قد يتجاوزون على القانون والنظام بسبب ما حدث، من جانب آخر وجه 14 رجل دين إيراني من مدينة قم الدينية انتقادات إلى احمدي نجاد شبيهة بتلك التي وجهها رفسنجاني، معربين عن ''قلقهم الشديد وأسفهم'' للضرر الذي وقع على صورة إيران بسبب تلك المناظرة، و يواجه احمدي نجاد ثلاثة متنافسين اتهموه بالكذب حول وضعية الاقتصاد الإيراني، وقد رد عليهم باتهامهم باستغلال مناصبهم للإثراء وجمع المال. وقال نجاد، خلال وجوده في مدينة ساري ، إن خصومه ''شنوا ومنذ أشهر حربا نفسية مخططة ضد الثورة، وهم يكذبون ويتهمون خادم هذه الأمة''. وكان المرشح الأكثر ليبرالية بين الثلاثة وهو مهدي كروبي قد قال انه يرفض التنحي جانبا بهدف توحيد صفوف المنافسة وجمعها وراء موسوي. ويقول مؤيدو موسوي أن كروبي لن يتمكن من حصد تأييد أكثر من ثلاثة ملايين ناخب من إجمالي 46 مليون ناخب إيراني لهم حق التصويت. وقد بدأوا بالفعل بالضغط على كروبي، الرئيس السابق لمجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، للتنحي وتمهيد الطريق أمام موسوي. وقد أكد ذلك احد مؤيدي كروبي إذ قال أن الأخير يتعرض لضغوط متزايدة للتنحي حتى لا تتفرق أصوات الناخبين الإيرانيين المعارضين لاحمدي نجاد خلال الانتخابات. ويتهم كروبي، كما هو حال موسوي، نجاد بعزل إيران دوليا بسبب هجماته المتكررة على الولاياتالمتحدة، وانتهاج سياسة مواجهة فيما يتصل بالبرنامج النووي الإيراني، وإنكاره للمحرقة اليهودية إبان العهد النازي. ويسعى مناصرو موسوي إلى تهدئة الأوضاع في يتعلق بالملف النووي الإيراني، لكنهم في الوقت نفسه يشددون على الاستمرار في البرنامج النووي، الذي يعتقد الغرب انه مصمم لإنتاج أسلحة نووية. إلا أن إيران، خامس اكبر مصدر للنفط في العالم، تنفي تلك الاتهامات وتقول انه برنامج سلمي ومصمم لإنتاج الطاقة الكهربائية. وعلى الرغم من أن نتائج انتخابات الرئاسية لن تغير من سياسة إيران النووية، التي يقررها ويرسمها خامنئي، إلا أن فوز موسوي سيؤشر إلى عهد جديد من العلاقات الأقل صدامية مع الغرب.