لم يكف المهربين إغراق السوق الوطنية قبل أسابيع بالدلاع التونسي الغني بالمياه، حتى اهتدوا مؤخرا إلى تهريب البقر المريض نحو الجزائر ليطعموا به البائس الفقير، ويزيدوه مرضا على مرض، وبؤسا على آخر. وإن كان تهريب البطيخ الأحمر التونسي الذي لونه من لون علم جمهورية تونس الخضراء مفهوما، بأن قصد أصحابه إتخام الجيوب ببيع فاكهة لم يحن وقت قطافها في الجزائر، والجميع يدرك هوس كثير من الجزائريين بالفاكهة قبل نضجها وبدوّ صلاحها، من قبيل نحن أقوى العرب، ونحن أفضل المفكرين، ونحن من يأكل الفاكهة قبل أن يأكلها غيرنا من الأجناس الأخرى في تساوق وتناسق مع بطولات ''جحا'' الجزائري مع غيره من ''جحاوات'' الأمم الأخرى. إذاً إذا كان ما سلف وأن ذكر معقولا، فإن تهريب البقر المريض نحو الجزائريين ليستهلكوه أيام الشهر الفضيل، لا تفسير له إلا إمعان هؤلاء في تخريب الصحة العمومية وتهديدها، رغم حرص السلطات التونسية على صحة مواطنيها، حتى أنها ألغت موسم العمرة بسبب أنفلونزا الخنازير، ولا نستبعد بعد أيام إذا نجح المهربون في مسعاهم من إقدام سلطات تونس الخضراء على إغلاق الحدود مع الجزائر، ورفض دخول السياح الجزائريين إلى تونس بحجة انتقال الحمى المالطية من البقر التونسي المهرب إلى الجزائريين، وبالتالي تطور الفيروس وتهديده للصحة العمومية التونسية، وفي المحصلة يخسر الجزائريون صحتهم، ويخسر التونسيون سياحتهم، بفضل وعي المهربين الذين لا زالوا يعتقدون أن الجزائر يجب أن تبقى بقرا حلوبا لدول الجوار، ودليل صدق نيتهم أنهم هربوا البقر المريض إلى من يعتقدونها البقر الحلوب، رغم أن المؤشرات الأخيرة ناسفة ولاعنة لهذا الوعي الأعرج وللواقفين وراءه.