الجزائريون مهددون هذا الصيف.. ليس بالتسممات الغذائية التي فتكت بصحة الكثيرين منهم خاصة الشباب المدمن على ''الفاست فود'' والأطفال المشردين على مستوى الشواطئ المترامية عبر الشريط الساحلي للعاصمة مع ما يتعرضون له من أمراض ناجمة عن ضربات الشمس والغرق فقط. ولا حتى بحوادث المرور التي تصل إلى أوجها خلال ارتفاع درجات حرارة الطقس وحرارة المحركات على حد سواء. وإنما تهديدات موسم الصيف الذي هو فصل للأفراح والليالي الملاح طال حرمة البيوت الجزائرية التي تحولت إلى سلعة يتاجر بها لغرض أو لآخر عبر الكاميرات الرقمية وتقنية ''البلوتوث''، الأمر الذي على ما يبدو صار موضة هذه الصائفة وشبحا يصعب ضبطه وهو يتنقل بين المحجبات وهن متبرجات في كامل زينتهن يتراقصن على أنغام ''الدي جي'' لتتحول كل صورة إلى حكاية تختلف باختلاف الدافع وراء التقاطها، وبين الانتقام والفضول وأحاديث العشق والغرام قصة عار ألصقت ليس بفتاة فحسب وإنما باسم عائلة أو عائلتين إن كانت متزوجة، يتكبد أفرادها ذل المساومات والفضيحة تحت قاسم مشترك ألا وهو تهديد فرضته التكنولوجيا للتجسس وترصد خصوصيات الآخر وكشف عورته. فالبلوتوث الحاضر في أفراحنا اليوم لم يغز قاعات الحفلات فحسب بل أيضا غرف تغيير الملابس التي يتغلغل فيها هواة إنتاج الفضائح لأغراض انتقامية أو لتجارة مربحة من خلال ممارسة الابتزاز أو حتى بدافع التسلية.. لأن أمثال هؤلاء لا يعرفون للعرض قيمة ولا للشرف، بقدر ما يعرفون جيدا استخدام سلاح التكنولوجيا وتسليطه على رقاب العائلات الجزائرية وبعض نسائها المحصنات والغافلات أو حتى صاحبات السوابق الأخلاقية.. لأنه مهما يكن الجريمة جريمة وليس لها ما يبررها. وإذا كانت بعض العائلات اليوم قد حظرت دخول مثل هذه الوسائل إلى أفراحها ومناسباتها بدافع الغيرة والحذر، خاصة بعدما صارت مثل هذه الحكايات الدرامية على كل لسان، وهذا استنادا للقول الشعبي ''اللي قرصو الحنش يخاف من الحبل''، فإن أخرى مازالت على عماها. السلطات الأمنية هي الأخرى باتت تحاصر مقترفي هذه الجريمة التي تحدق بحرمة الجزائريين وكثرت مداهماتها لعدة نوادٍ مشبوهة للانترنت لضبط العابثين متلبسين بالجرم المشهود الذي صار يهدد الجزائريات اليوم في عقر بيوتهن بعد أن طال الحمامات التي باتت خاوية هي الأخرى حتى من زائراتها الوفيات. ومن حوادث التسممات الغذائية والمرور إلى حوادث الختان و''البلوتوث''، تحول صيف الجزائريين من موسم للراحة والاستجمام إلى موسم للموت والأخطار.. وحتى لنسج الفضائح وكشف العورات ... فأي منحدر لم ننزلق فيه وأي الموبقات لم نستوردها بعد؟