في خضم تغير أرضية معركة الميدان التي يقودها الجيش الوطني الشعبي منذ سنوات ضد الجماعات الإرهابية، والتي تبنت حرب العصابات التي صعبت من مهامها، أكدت مجلة الجيش الصادرة حديثة تحت عنوان ''حتمية تطوير القوات المسلحة'' ركز فيه كاتب الملف على جهود التركيز المستقبلية على تطوير تجهيزات جديدة مثل أقمار المراقبة والتنصت وطائرات التجسس دون طيار وأنظمة الحرب الالكترونية والتحكم في المعلومة، كما ظهر هذا من خلال ملفات خاصة بتطوير سلاح مدفعية الميدان والمعدات ذات التكنولوجية العالية للاتصال، وهو ما قرأ على أنه رغبة شديدة في القضاء ودك التنظيمات الإرهابية خصوصا التي تمركزت في المناطق الصحراوية المتاخمة لحدودنا الجنوبية ومختلف التضاريس كالجبال والأماكن التي تمتاز بالوعورة. وكانت مجلة الجيش في عددها رقم 533 الصادر أخيرا قد أولت اهتماما بالغا لتطوير سلاح المدفعية، حيث أنجزت المجلة روبورتاجا حول المدرسة التطبيقية لمدفعية الميدان ببوسعادة التابعة للقوات البرية للجيش الوطني الشعبي، أكدت فيه وبالبنط العريض على أن ''التكوين سيكون مسايرا للتطور التكنولوجي''، مركزة على الكرونولوجيا التاريخية لهذا السلاح منذ اكتشاف البارود حتى الوصول إلى مدافع ال D03، موضحة أنه سلاح فعال وعنصرا أساسيا لإسناد المشاة والمدرعات في المعركة، وكمالا للعناصر الأخرى في العمليات العسكرية وفي كل الظروف، ''فهو السلاح الذي يعتمد عليه في إسكات العدو وتدمير مواقعه بتمهيدات المدفعية والتأثير في دفاعات وتحصينات وأجهزة ومعدات القوات المعادية قبل بدء الهجوم، حيث جابت فيه تطور سلاح المدفعية من الدولة الزيانية إلى دولة الأمير عبد القادر، مرورا بالتعاون الجزائري العثماني في هذا الإطار ووصولا إلى دك فيالق الاستعمار من طرف وحدات جيش التحرير الوطني . وأكدت مجلة الجيش ما أولته قيادة الجيش الوطني الشعبي من أهمية كبيرة لهذا السلاح منذ الاستقلال، من خلال التجهيزات الحديثة التي تم اقتناؤها والتركيز على تكوين الإطارات العسكرية الكفؤة والمتخرجة من مختلف المدارس الخاصة بالتكوين، على غرار المدرسة التطبيقية لمدفعية الميدان ببوسعادة، حيث بدأ استعمال ولأول مرة منظومة متطورة توظف دارئات مهيئة بعاكس الأشعة ومستشعر للتسديد مركب على السلاح لتقييم مواقع الإصابات، ومنحنى التسديد الذي يحاكي الإطلاق، بالإضافة إلى هذا فثمة تلقى الكثير من الدروس النظرية لاسيما في مادة الرمي الافتراضي، وهي إحدى الطرق التي باشرها بالجيش الوطني الشعبي استخدامها على مستوى الكثير من المدارس في القطر الوطني. كما أولت المجلة حيزا هاما للمعدات الجديدة ذات التكنولوجيا العالية للاتصال، والتي أبدى الجيش الوطني الشعبي رغبته في نشرها قريبا على مسارح العمليات الحالية، لاسيما وأن القيمة العملياتية لجندي المستقبل في الوقت الراهن تعد في نظر المختصين فرصة مناسبة للتجارب والمحاكاة والتدريبات وتبادل الخبرات، مؤكدة ''أن زمن البطولات الفردية قد ولى، وأوجب اليوم تطوير التقنيات العسكرية، ودخلت بموجبه أنظمة جديدة للأسلحة بهدف التكييف المتواصل لدى تجهيزات الجندي مع المتطلبات الراهنة للعمليات العسكرية التي تعاظم دورها الفعال مع الأخطار الجديدة للإرهاب والحرب الكيمائية، البيولوجية أو النووية أو الإشعاعية''، ولذلك فقد ظهر ما يعرف ببرنامج تحديث جندي المستقبل الذي يهدف إلى حماية نفسه وقوة الرد في آن واحد. ويشدد كاتب المقال أن رفع هذا التحدي بالنسبة للجندي الجزائري ''هو معرفة أهمية بقاء الحرب البرية كوسيلة وحيدة للاحتلال المادي لأرض المعركة خاصة مع المتغيرات التي شهدها الوضع الأمني العالمي في إطار الحرب العالمية على الإرهاب التي خلفت ارتفاعا كبيرا لعدد الموتى في صفوف الجنود في معظم مناطق التوتر''، وفي هذا الإطار '' يواصل كاتب المقال ''يرى المختصون العسكريون أن هذه العمليات العسكرية التي أثرت على الرأي العام ساهمت من جهة أخرى في العمل على التخفيض في الخسائر البشرية، وتوفير حماية أكثر للعسكريين بزيادة فعاليتهم القتالية ''. وأبرز كاتب المقال نماذج عديدة من البرامج الكبرى لدول أوروبية، كألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا مبينا حجم التحديات العملياتية للقوات المسلحة في العالم ومؤكدا في هذا الإطار انه ما يزال الكثير من التقدم للإدماج الفعال للنظم والنظم الفرعية الحالية والمستقبلية.