رفضت الجزائر نهاية أكتوبر الماضي في رد رسمي المقترح الفرنسي المتعلق بترتيب زيارة مستقبلية لوزير الداخلية الفرنسي بريس هورتوفو، المعروف بمواقفه العنصرية والمتشددة اتجاه المهاجرين خاصة العرب وأولئك القادمين من القارة الإفريقية. وأفاد موقع ''كل شيء عن الجزائر'' نقلا عمن سماه بمصدر جزائري مطلع أن الجزائر قد أبلغت فرنسا رسميا ردها السلبي على طلب باريس لتنظيم زيارة عمل لوزير الداخلية الفرنسي، بريس هورتوفو، للجزائر، كونها ترى أن مثل هذه الزيارة غير مرغوب فيها، بسبب التوتر الذي يطبع العلاقات بين البلدين في الوقت الحالي . ووفقا لما أورده المصدر ذاته، فإن الجزائر لا تحبذ في الوقت الحالي الزيارات الوزارية من هذا النوع، مردفا في هذا الإطار بالقول ''ليس لدينا ما نقوله لهم''، في إشارة منه إلى أن استمرار باريس في إهمال مسألة الماضي التاريخي في رسم سياسة الجانبين المستقبلية، من خلال رفضها الاعتراف بجرائمها أصبح أمرا غير مقبول في الوسط الجزائري. ويقول المصدر نفسه إن زيارة هورتفو إلى الجزائر كانت ستناقش عددا من الملفات الثنائية العالقة بين البلدين، في مقدمتها الشراكة في مجال مكافحة الإرهاب، حيث سبق للجانبين أن وقعا عام 2008 اتفاقا في المجال الأمني، ويهدف إلى إنشاء فرق مشتركة بين الشرطة الجزائرية والفرنسية، من أجل مكافحة الاتجار في المخدرات وتبييض الأموال، وكذا توفير التكوين ل55 ألف دركي جزائري بفرنسا، إضافة إلى تزويد الجزائر بمعدات الشرطة والدرك الوطني، وهو الاتفاق الذي جعل من الجزائر أول بلد عربي تربطه مع فرنسا علاقات تعاون أمنية ذات مستوى عالي. ويبدو أن تريث الطرف الجزائري في دفع هذا الاتفاق إلى مستوى متقدم يرجع بالأساس إلى نيته في إيجاد شركاء جدد ينظرون إليه كشريك حقيقي، وليس من موقف بلد قوي يقدم مساعدات تقنية لبلد ضعيف، خاصة وأن على طاولة الجزائر أكثر من بلد يرغب في التعاون معها وفق ما تريده، وفي مقدمة هذه الدول بريطانيا التي وقعت الأسبوع الماضي مع الجزائر اتفاقات أمنية ينتظر أن تتوج بصفقات لبيع السلاح، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد هي الأخرى من رفع تعاونها الأمني مع الجزائر وإيصاله إلى درجة الشراكة الحقيقية، خاصة وأن الموقف الأمريكي يتطابق مع نظيره الجزائري بخصوص مسألة مكافحة الإرهاب، إذا ما قورن بالموقف الفرنسي. ويربط البعض رفض الجزائر زيارة وزير الداخلية الفرنسي بالسمعة السيئة التي يعرف بها هورتوفو في أوساط الجالية المغاربية، بسبب نظرته العنصرية إلى المهاجرين في بلاده، فالرجل قد أعلن سبتمبر الماضي خلال حديثه مع أحد الشباب المهاجرين أنه لا يرغب في أن يرتفع عدد المهاجرين المنحدرين من إفريقيا في بلاده، كما أن الجميع يحتفظ بصورة سيئة عن هورتفو حينما كان وزيرا للهجرة، حيث كان من الداعين إلى التصويت على ميثاق العودة الأوروبي الذي يجيز حبس المهاجرين غير الشرعيين لمدة تصل إلى 18 شهرا، وتتنافي جميع هذه المواقف مع النظرة الجزائرية لهذا الموضوع الباحثة عن تواجد أكبر لها على مستوى منظمات المهاجرين بفرنسا، خاصة وأن جاليتها تمثل أكبر جالية عربية وإسلامية مقيمة هناك، أين يتواجد مليوني جزائري. ويبدو أن الرفض الجزائري موجه بالأساس إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بالنظر إلى أن هورتوفو هو الذراع الأيمن لهذا الأخير في فرنسا، ومن ثم فإن الموقف الجزائري ما هو إلى تعبير جديد عن امتعاض السلطات الجزائرية من السياسة التي تنتهجها باريس اتجاهها خلال الفترة الماضية من خلال اختلاق عدة قضايا كقضية تبحيرين واحتجاز الدبلوماسي محمد زيان حسني، وهي القضايا التي كانت وراء تعليق رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة زيارته التي كانت مقررة إلى فرنسا في أكثر من مرة والتي لا تزال إلى غاية اليوم غير محددة التاريخ. وبحسب ما أورده الموقع ذاته فإن الجزائر سبق لها أن رفضت أيضا زيارة وزير الهجرة والهوية الوطنية الفرنسي اريك بيسون، حيث لم تسلم هذا الأخير أي رد على طلب تقدم به للجزائر منذ أسابيع لترتيب زيارة له.