بدأت بحرب ملصقات ضد الأصولية.. وانتهت بتأييد الغالبية حظر المآذن في سويسرا.. صدمة في الداخل والخارج تصويت غالبية السويسريين يوم الأحد (29/11) لصالح قرار حظر المآذن في سويسرا تسبب بحدوث موجة من الصدمة داخل جنيف وخارجها، الأمر الذي عكسته وسائل الإعلام المحلية محذِّرة من عواقب وخيمة لهذا التصويت الذي ينطوي على حوادث انتقام من قبل المسلمين، لكن كيف بدأت مبادرة التصويت على هذا الاستفتاء الذي أيده 60% من السويسريين؟. في البدء كان أصحاب المبادرة رأوا أن هناك ازديادا في عدد المسلمين بالبلاد، ما يشكل تهديدا للهوية والخصوصيات الثقافية السويسرية، وقال أولرخ شلوير وهو عضو في حزب الشعب السويسري ويقف وراء الحملة الحالية إن المآذن هي رمز سياسي وغير ديني، وأن المسلمين في سويسرا لديهم نوايا لتطبيق الشريعة عبر إنشاء مجتمعات مغلقة ومعزولة تسيطر عليها أعراف وتقاليد مختلفة عن القانون السويسري. وهنا يتحدث شلوير عن انتشار الزواج القسري وانتشار البرقع وختان البنات وغيرها من الممارسات. وقال شلوير في حديث لالبي بي سي ''لا نريد أن تصبح سويسرا مثل ضواحي لندن حيث يعيش أكثر من خمسين ألف مسلم في مجتمعات مغلقة. الجميع مرحب بهم في سويسرا، شرط أن يندمجوا في المجتمع ويحترموا القانون والأعراف. نعم للحرية للدينية، لكن هناك قانون واحد''. وتزامنت المبادرة مع حملة دعائية شرسة أطلقتها الأحزاب اليمينية، حيث برزت في شوارع الكثير من المدن ملصقات مثيرة للجدل تظهر امرأة منقبة وخلفها مآذن على شكل صواريخ منتشرة في كافة أنحاء التراب السويسري. وعندما توالت الإدانات الإسلامية وردود الفعل الغربية على نتيجة الاستفتاء الذي أجري في سويسرا الأحد والتي أيدت حظر بناء المآذن في المساجد بنسبة نحو 60 في المئة، شجب مفتي الجمهورية علي جمعة حظر المآذن، معتبرا أنه إهانة للمسلمين في كل أنحاء العالم وانتهاك لحرية الاعتقاد، ووصف المرجع اللبناني محمد حسين فضل الله الاستفتاء بأنه عنصري، لكنه دعا المسلمين في سويسرا إلى التعامل بإيجابية مع مواطنيهم، حتى أولئك الذين صوتوا لحظر المآذن. وفي إندونيسيا، قال مشكوري عبدالله رئيس جمعية نهضة العلماء إن نتيجة الاستفتاء دليل كراهية من قبل السويسريين حيال المسلمين، مضيفا أنهم لا يريدون وجودا للإسلام في بلدهم، وهذا الرفض يجعلهم غير متسامحين. هذا ليس رفضا للجالية المسلمة ولا للدين ولا للثقافة الإسلامية. أما وزيرة العدل السويسرية ايفيلن ويدمير-شلومبف قالت إن النتيجة تعكس خوف السكان من توجهات الأصولية الإسلامية. وشددت الوزيرة السويسرية على أنه يجب أن تأخذ هذه المخاوف على محمل الجد، لكنها أضافت إن هذا ليس رفضا للجالية المسلمة ولا للدين ولا للثقافة الإسلامية. من جانبها، انتقدت الصحافة السويسرية التصويت لصالح حظر المآذن، فقد كتبت صحيفة لا ليبرتي الصادرة في مدينة فريبورغ إنه قد يتعين على سويسرا أن تدفع ثمن الترف الديمقراطي الذي ترفل به. وأضافت الصحيفة قائلة في الوقت الذي نواجه فيه الكثير من التحديات، بما فيها الأزمة الاقتصادية والصراع مع ليبيا، وكذلك أيضا غياب السرية المصرفية، دعونا نأمل ألاَّ يكون الثمن الذي سندفعه باهظا. أما صحيفة ذا كوريير ديل تيسينو، التي تصدر في مقاطعة تيسينو، فقد استشهدت هي الأخرى بحالة ليبيا التي تعتبرها سببا لتشجيع التطرف، إذ تقول إن الخوف من التطرف الإسلامي قد صب الزيت على النار. » في الوقت الذي نواجه فيه الكثير من التحديات، بما فيها الأزمة الاقتصادية والصراع مع ليبيا، وكذلك أيضا غياب السرية المصرفية، دعونا نأمل ألاَّ يكون الثمن الذي سندفعه باهظا. كما عكست صحيفة تريبيون دو جينيفا التي تصدر في جنيف باللغة الفرنسية، النبرة التي سادت الكثير من مقالات الرأي في الصحف الأخرى، قائلة إن نتيجة تصويت يوم الأحد كانت بنعم ذات صلة بالخوف من الإسلام. يُشار إلى أن جنيف كانت واحدة من أربع كانتونات (مقاطعات) من أصل المقاطعات السويسرية ال 26 التي صوتت ضد المبادرة التي تقدمت بها قوى اليمين بشأن حظر المآذن، والتي جرى التصويت عليها. بدورها قالت صحيفة لا ماتين، التي تصدر في لوزان لقد أظهر تصويت الأحد أنه يمكن تلخيص الإسلام بالنسبة إلى الكثير من البشر بأشخاص متطرفين بلحى، وبنساء يرتدين برقعا، وبأئمة يدعون المؤمنين لشن حرب مقدسة. ونشرت صحيفة جورنال دو جورا إحدى افتتاحياتها تحت عنوان تسجيل هدف في مرمانا نتيجة الخوف. وتنتقد الافتتاحية حالة الارتباك السائدة في البلاد حيال الجالية الإسلامية في سويسرا، وحيال التطرف الديني الذي يؤثر على العالم. من جهة أخرى كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة لوفيغارو الفرنسية مؤخرا أن 41% من الفرنسيين يعارضون بناء مساجد في فرنسا في حين يؤيد 46% منع المآذن. وردا على سؤال هل تؤيد أو تعارض أو لا تبالي حيال بناء مساجد عندما يطلب المسلمون ذلك؟، أجاب 19% من الذين شملهم الاستطلاع، أنهم موافقون، و41% أنهم معارضون، فيما قال 36% إنهم لا مبالين وامتنع 4% عن الإدلاء بأي رأي. وفي العام ,2001 أجاب 31% من الأشخاص الذين شاركوا في استفتاء سابق أنهم مؤيدون و22% أنهم معارضون، فيما قال 46% أنهم غير مبالين وامتنع 1% عن الإدلاء برأي. وردا على سؤال هل تؤيد منع المآذن؟ قال 46% من المستجوبين نعم، في مقابل 40% قالوا لا، فيما لم يدل 14% بآرائهم. وقد شمل الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة ايفوب لاستطلاع الرأي عينة من 983 شخصا يمثلون مختلف شرائح الشعب الفرنسي، وتفوق أعمارهم 18 عاما.