تشهد أسواق ومحلات التجميل''كوسمتيك'' عبر العاصمة في الآونة الأخيرة انتشارا واسعا ، مما فتح الباب لظهور موجة من التجار المتطفلين الذين يسابقون الزمن ويسعون وراء الربح السريع، و لو كان ذلك على حساب صحة المرأة وسلامة بشرتها، حيث تسوق اليوم منتجات جديدة ومتنوعة تحمل علامات أجنبية وأخرى محلية الأصل أضرارها أقل، لأنها معلومة المصدر وتاريخ الصلاحية على الأقل، حتى ولو لم تكن ذات جودة عالية. لكن المتجول في أسواق العاصمة يلاحظ أن مواد التجميل على أنواعها ورغم كل ما يقال عنها تلقى رواجا كبيرا من طرف النساء، خاصة ذوات الدخل الضعيف بغض النظر عن آثارها السلبية. من أجل الوقوف على أسباب الظاهرة قمنا بجولة استطلاعية، قادتنا إلى بعض محلات مواد التجميل بشارع العربي بن مهيدي بالعاصمة ، وهي التي تبيع منتجات محلية وأخرى متخصصة في ''ماركات عالمية ذات شنة ورنة في مجال التجميل، ومنها إلى باحة الأقواس بساحة الشهداء. سلعة ''تايوان'' غزت السوق الجزائرية وتهدد صحة النساء الجزائريات الأسواق تعج بهؤلاء الباعة الذين يوهمون النساء بأن سلعهم تحمل علامات وماركات أجنبية وصحية، على رأسها كريم أساس للوجه وآخر لليدين، سعرها لا يتجاوز المائتي دينار، وغيرها من أدوات التجميل والزينة، فأقل سعر لهذه المواد بعشرة دنانير، وأغلى سعر لا يتجاوز أربعمائة دينار، وقادنا الفضول للاستفسار من عند أحد الباعة عن مصدر هذه السلع، فأجابنا الأخ ''محمد''، كل ما نعرفه ان هذه السلع مستوردة اغلبها من بلد تركيا والصين ،كما أننا نعلم انه يتم عرضها على مخابر الجودة والنوعية من قبل مسؤولي التجارة قبل توزيعها على التجار، فنحن نشتريها من عند كبار أصحاب الجملة بكمية كبيرة، وبالتالي فلا ندري إن كانت مدة صلاحيتها قد انتهت أم لا، على سبيل المثال أقلام تزيين العين لا تكتب عليها مدة انتهاء الصلاحية . ''...الكل يؤكد أن سلعه صحية وجيدة وعرضت على التفتيش'' أوضح السيد'' رمضان '' صاحب محل مواد التزيين والعطور المتواجد بشارع ''بتريس لومومبا '' بالعاصمة بمدخل شارع العربي بن مهيدي أن مواد التجميل والتزيين التي يبيعها بمحله كلها منتوجات محلية الأصل وخاضعة للتجارب المخبرية، أي أن منتجيها يأتون بالمستحضرات الأصلية ويصنعون مثلها بنفس التركيبة، وكأنها جنيسة أي مطابقة للمواصفات الأصلية ، وبعدها تعرض على أخصائيي ومخابر الجودة والنوعية لتباع بالأسواق، مثل الغسول ''فينيس''وبلسم ''ليس ''وغيرها، مؤكدا بخصوص المنتوجات المنتشرة بكثرة في الأسواق، أن غالبيتها من الصين غير خاضعة للمقاييس والمعايير الصحية، نفس الرأي وجدناه عند''سامية '' بشارع العربي بن مهيدي متخصصة في بيع مواد التجميل ومستورد لها من مصنع '' أوكنسيل'' العالمي ، حيث أكدت أنها تحرص كل الحرص على جلب مواد تجميل ذات جودة عالمية وصحية ، وعليه فكل المواد التي يحويها محلها تحمل ماركة أصلية ويتم جلبها من فرنسا، وتعرض على مخابر خاصة بذلك وتعمل بالتنسيق مع أطباء مختصين في طب الجلد والعيون ، وبخصوص تسعيرة تلك المواد قالت سامية :''باعتبار أن محلها لا يبيع إلا المواد الأصلية فيتراوح سعرها ما بين 150 دينار و 1200 دينار، كما هو الحال بأنواع الكريمات التي توضع على الوجه، هذا وأشارت إلى أنها ومن أجل ربط جسور الثقة بينها وبين زبائنها فقد خصصت جزءا من بضاعتها في يد الزبائن، قصد تجريبها داخل المحل، مثل ما هو الحال مع كريمات الأساس وكريمات الماسكارا للرموش . بعد تسجيل حالات التهابات العين وأخرى جلدية الأطباء يدعون إلى اقتناء الماركات الأصلية من المتاجر المعتمدة عن الآثار الجانبية والحالات التي سجلت جراء استعمال هذه المواد التي تباع في الأسواق الشعبية ،كانت لنا جولة إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي وبالضبط إلى مصلحة طب الجلد، أين كشف لنا الدكتور '' بارودي ع '' مختص في طب الجلد، أن مصلحتهم تستقبل على الأكثر خمس حالات أسبوعيا لنساء تعرضن إلى التهابات جلدية وحساسية،كلها تتشكل في تكوين بثور، حبيبات وبقع بنية على بشرة الوجه، موضحا أن هذه الآثار كلها ناجمة عن المساحيق والكريمات والماكياجات الأخرى ذات العلامات التايوانية الأصل والتي يشترونها من الأسواق ، واستعمالها على بشرة الوجه يخلف تأثيرات سلبية، لأنها تتكون من معادن ثقيلة كالرصاص والزئبق،وكلها أكسيدات تضر بالجلد، وامتصاص المسام الجلدية لهذه المواد يحدث التهابات وحساسية نتيجة انسداد للمسامات، هذا وأشار أيضا أن استعمال أحمر الشفاه ذي النوعية الرديئة يسبب للشفاه الجفاف والتشقق،كما يكسب الجلد حول الفم لونا غامضا. ومن جانب ثاني أوضح لنا الدكتور'' بودايرة'' مختص في طب العيون بذات المستشفى، أن أغلب الحالات الاستعجالية التي يستقبلها لفتيات وسيدات تعرضن الى التهابات على مستوى جفون العيون، وذلك نتيجة استعمال مواد التجميل كالكحل، المسكرا وألوان الجفون، وحسبهن تم اقتناؤها من عند أصحاب الطاولات بالأسواق، مشيرا في ذات السياق أن جل هذه المواد غالبا ما تكون انتهت مدة صلاحيتها وبالتالي تخلف أثارا سلبية على العين ، معطيا لنا مثالا عن حالات استعملن ''مسكرة ''، هذه الأخيرة سببت لهن تقرحات في القرنية وتساقطا في الرموش، لأنها غير معقمة وتحوي جراثيم، وكذا حالات لفتيات أصبن بالتهابات شديدة في العين، نتيجة استعمال الكحل العربي، هذا الأخير يحتوى على مادة رصاص كبيرة، فامتصاصها يسبب حساسية الجفون، وقد تصل إلى درجة تدمير الأعصاب في العين. ونظرا لحالات الالتهابات الجلدية على مستوى جفون العين فهي لا تعد ولا تحصى، وسجلت من قبل أطباء الجلد والعيون، واغلبهن سيدات وفتيات، و دعا كل من '' بارودي ع '' مختص في طب الجلد والدكتور'' بودايرة'' مختص في طب العيون بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، الى ضرورة اقتناء هذه المواد من المتاجر المعتمدة تحمل ماركات أصلية أو من محلات شبه صيدلانية، من أجل تفادي كل ماهو مضر على صحتهن . حجز 6 كلغ لمستحضرات التجميل غير مطابقة للمقاييس كشف تحقيق أجرته مديرية التجارة لولاية الجزائر خلال السنة الجارية، أنّ نصف مستحضرات التجميل المسوقة في الجزائر ''غير صالحة''، فنتائج التحقيق المخبرية أثبتت عدم مطابقة المواد المذكورة ل''المقاييس'' المعمول بها، رغم الرواج الكبير الذي تحظى به هذه المستحضرات. وحسب ما أفادنا به '' بوعلجة إسماعيل ''مفتش رئيسي للجودة وقمع الغش بمديرية التجارة لولاية الجزائر، أن مصالحهم قامت خلال شهر نوفمبر المنصرم بحجز 6 كيلوغرامات من مواد ومستحضرات التجميل مستوردة غير مطابقة للمقاييس، تحمل علامات وماركات تجارية مقلدة الأصل، فهذه الأخيرة مضروبة وغالبيتها من دول أسيا ، لا سيما دولة الصين وتركيا، مشيرا أن قيمة المحجوزات قدرت ب3400 دينار ،كما تم تسجيل 142 تدخل و 22 محضرا، وغلق محل على مستوى العاصمة. هذا وأضاف مسؤول مصالح الجودة وقمع الغش استنادا إلى التحقيق ذاته أن تداول مواد تجميل ''مغشوشة'' استفحل في الجزائر خلال العام الماضي وهذه السنة، ونظرا للرقابة الشديدة والمكثفة تم القضاء على المستحضرات مجهولة المصدر تنتج وتسوق مثل هذه المواد بالجزائر، فكل منتج محلي الأصل أو مستورد محصى عندنا ، حيث يقدر مستوردو مواد التجميل والتزيين حوالي 300 مستورد، وحوالي 120 منتج محلي على مستوى ولاية الجزائر بالنسبة إلى سنة 2009، موضحا أن مصالحهم تعتزم تكثيف ميكانيزمات التأطير والرقابة في مجال صناعة وتوريد مواد التجميل والتنظيف، وذلك بمضاعفة أخصائيين وأعداد من أعوان الرقابة، لأن عدد هؤلاء ضئيل جدا ولا يمكن متابعة آلاف التجار هنا وهناك ، بعدما أضحى هذا القطاع أكثر استقطابا لليد العاملة في قطاع التجارة الجوارية والسوداء.