يتوفى نصف الأشخاص المصابين بالسرطان في الجنوب الجزائري بسبب تأخر عملية التشخيص والتي تعد المرحلة الأولى في رحلة العلاج الطويلة بالجزائر. ويرجع الأخصائيون السبب إلى عدم توفر المناطق الجنوبية على مراكز للتشخيص أو لمكافحة مرض السرطان الذي يعرف انتشارا متزايدا باعتبار أن المنطقة ملوثة إشعاعيا. ذكر البروفسور كمال بوزيد، أخصائي في علاج سرطان الثدي بمركز بيير وماري كوري، في لقاء خاص جمعه ب ''الحوار'' على هامش مؤتمر عقد مؤخرا بولاية تمنراست حول التقنيات العلاجية الجديدة لسرطان الثدي والعلاج المصوب، أن المعاناة الكبيرة التي يعرفها سكان الجنوب من مرضى السرطان تعد مشكلة ذات بداية ودون نهاية، وأوضح البروفسور ذلك مرجعا إياه على انعدام مراكز التشخيص المبكر عن السرطان، وحتى إن تم الكشف أو تشخيص الإصابة فإن المريض لن يتمكن من تلقي العلاج والمتابعة الطبية اللازمة باعتبار أن غالبية سكان المناطق الجنوبية غير مؤمنين اجتماعيا ومن الفئات المعوزة التي لا تتمكن من دفع مصاريف التنقل نحو باقي ولايات الشمال. رئيسة جمعية ''نور الضحى'': ''التشخيص دون علاج يعد مرضا في حد ذاته'' أدلت رئيسة جمعية ''نور الضحى'' لمساعدة الأشخاص المصابين بالسرطان في اتصال هاتفي ب ''الحوار''، أن جمعيتها ومن خلال العمل الميداني والجواري الدائم إلى جانب المرضى، توصلت إلى أن غالبية القادمين لمقرها من المرضى المصابين بمختلف أنواع السرطان سواء أكانوا رجالا أم نساء أو أطفالا هم من سكان الجنوب الذين لا يجدون مكانا للمبيت لمحدودية قدراتهم المالية، بعد الخضوع لجلسات العلاج الإشعاعي أو الكيميائي، وبعد مرور مدة معينة تبين أن منطقة الجنوب تفتقر، على غرار العديد من المناطق الأخرى، إلى مركز لمكافحة داء السرطان، فراحت الجمعية تخصص حملات للتشخيص المبكر عن السرطان خاصة سرطان الثدي لدى النساء مرة كل سنة يتوجه فيها طاقم طبي متعدد الاختصاصات من الأطباء العامين والمختصين في شتى أنواع السرطانات والأخصائيين النفسانيين، يتطوعون لإجراء فحوصات مجانية في المنازل على مستوى القرى والمداشر ويتولون بعدها متابعة الحالة الصحية للمرضى بمركز بيير وماري كوري. لكن، كما أضافت السيدة قاسيمي، فإن التشخيص دون علاج يعد مرضا في حد ذاته، فالغالبية العظمى من الحالات المشخصة لا تتقدم بعد الفحص إلى الشمال لتلقي العلاج، فما الفائدة إذا من إطلاع الحالة بإصابتها لتبقى تتخبط في دوامة الألم من ناحية وفي الفقر والتحسر على حظها العثر الذي لم يمكنها من تلقي العلاج، فما يشاع عنه أن التشخيص المبكر يشكل ما نسبته 90 بالمائة من العلاج لا يمكن إسقاطه على حالة سكان الجنوب. أخصائيو علاج السرطان يطالبون بمركز في ولايتي تمنراست وتندوف أكد البروفسور بوزيد، في رده على سؤال ل''الحوار'' حول البرنامج الوطني لمكافحة السرطان، أنه صار من الضروري إنشاء مراكز خاصة بمكافحة السرطان في كل من ولايتي تمنراست وتندوف باعتبارهما من أكثر المناطق الجنوبية التي تسجل على مستواها ارتفاعا متزايدا في الإصابة بالسرطان، حيث أثبتت البحوث أن أول الأسباب وراء ارتفاع الإصابات في هذه المناطق، كونها مشبعة بالإشعاعات التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية التي جعلت فيها فرنسا صحراء الجزائر حقلا لتجاربها، مخلفة إلى حد الآن كوارث طبيعية لازالت آثراها تظهر على سكان المنطقة في تداعيات صحية خطيرة، على رأسها الإصابة بالسرطان.