اختتام الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية    نسبة تنفيذ الاحكام في القضايا الادارية والمدنية بلغت نسبة 94 بالمائة    قانون التعبئة العامة يحدّد المسؤوليات في مواجهة التحدّيات    الذّكاء الاصطناعي ضمن الوحدات التكوينية لطلبة الدكتوراه    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    الصناعة العسكرية.. محرّك رئيسي لتطوير الاقتصاد الوطني    استحضار لبطولات وتضحيات الشهداء الأبرار    العدوان الصهيوني حوّل غزة إلى "أرض لليأس"    جريمة التعذيب في المغرب تتغذّى على الإفلات من العقاب    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    جلسة عامة لطرح أسئلة شفوية ل5 وزراء    بيتكوفيتش فاجأني وأريد إثبات نفسي في المنتخب    البطولة الافريقية المدرسية: انهزام المنتخب الجزائري أمام جنوب افريقيا (0-2)    وفد من المدرسة العليا للدرك الوطني في زيارة اعلامية للمجلس الشعبي الوطني    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    سوناطراك تجدد اتفاقية تعاونها مع المندوبية الوطنية للأمن في الطرق    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    وفد تشيكي من مدرسة براغ للسينما يزور المعهد الوطني العالي للسينما    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    مسيرة الحرية: رابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين بأوروبا تندد باستهداف الصحفيين من طرف بلطجية المخزن    تفعيل الشباك الوحيد للاستثمار: الحكومة تدرس تعديلات على المرسوم التنفيذي الخاص بعقود التعمير    بحث تنظيم زيارة لوفد صناعي قطري إلى الجزائر    انطلاق أشغال المؤتمر ال25 للرابطة العربية لجمعيات الروماتيزم بالجزائر العاصمة    عطاف يجري محادثات على انفراد مع نظيرته السويدية : تناغم المواقف بين الجزائر والسويد حول عدد من الملفات والقضايا    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم : مشاركة عشر دول في موعد تونس    الجزائر تؤكد التزامها بدعم دول إفريقيا    معالجة أزيد من 31 مليون طن من البضائع    قطاع النسيج يتعزّز    مولوجي تبرز جهود حماية ذوي الاحتياجات السمعية    قسنطينة: إعادة تشغيل المصعد الهوائي للمدينة    تجاوزات على الهداف    الجزائر تتعرّض لمؤامرة كبرى    بطولة الرابطة الأولى: رئيس الاتحادية يدعو الأندية إلى ضمان السير الحسن للمقابلات في إطار التنافس النزيه    استشهاد 600 طفل في غزّة خلال شهر    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51305 شهيدا و117096 جريحا    وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح    تراجع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمئة    الاعلان عن نتائج الدورة الثالثة أفريل 2025 للالتحاق بمهنة مترجم    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تمنراست: الكتابة والنشر ضمن أولويات برنامج المحافظة السامية للأمازيغية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندما تصبح مقابلة كرة قدم قضية قومية في مصر
نشر في الحوار يوم 04 - 02 - 2010

أسطورة مصر الكبيرة.. بأرقام صغيرة.. وهل مصر مستقرة ..؟
إن قاموس العولمة الجديد أصبح لا يعترف بالخطابات الرنانة والتعابير الأدبية العاطفية بل هو قاموس براغماتي تتكلم فيه لغة الأرقام بصراحة مطلقة... وها نحن اليوم نطوي صفحة مهازل وقعت جراء مقابلات كرة القدم بين الجزائر ومصر، هذه الأخيرة التي أرادتها أن تكون أشياء أخرى وليس كرة، في حين أن الجزائر منذ البداية وإلى غاية الآن لم تخرجها من إطارها الكروي الضيق... كان لابد من كل واحد منا تقييم ما جرى... وأنا هنا سأركز على جزئية قوية في معناها... هاته الجزئية هي فكرة مصر الكبيرة كما يقولون هناك... فالدولة الكبيرة في عالم ما بعد الحداثة هي دولة تستند لأرقام كبيرة في كل مؤشراتها الإيجابية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية... وليس العكس فالكبير كبر أرقامه وليس كبير بضعف مؤشراته... ومن هنا سنتتبع مؤشرات أسطورة مصر الكبيرة ... ففي نهاية الشهر الماضي، صدر تقرير عن مؤسسة اقتصادية دولية اسمها ''إيه إم بيست'' يضم توقعاتها عن الاقتصاد المصري تحت عنوان الاقتصاد المصري سينهار في ...2010 وهي مؤسسة متخصصة في إصدار تقارير متخصصة عن قطاعات البنوك والتأمين.. وتقييم الأداء الاقتصادي لدول العالم.. وتصدر بشكل دوري تقارير تقيم حجم المخاطر الاقتصادية وهي تقارير تحظى باحترام دولي كبير.. ولها أهميتها بالنسبة لأي مستثمر.
يقسم التقرير دول العالم إلي خمس فئات.. دول لا تعاني إلا من وجود نسبة مخاطر منخفضة للغاية بالنسبة للمستثمرين فيها.. أو دول يواجه الاستثمار فيها نسبة مخاطر منخفضة.. أو معتدلة.. ثم تأتي الدول التي تقع في منطقة الخطر.. أي تلك التي تعاني من وجود نسبة مخاطر عالية أو عالية جدا فيها.
رأى التقرير أن مصر في تقديره قد وصلت إلى المستوى الرابع.. إلى حافة الخطر.. صارت دولة تعاني من وجود نسبة مخاطر عالية فيها.. تعني تلك المخاطر كما يقول التقرير.. أن مصر دولة لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث فيها لاحقا.. ولا يمكن رسم صورة واضحة للمناخ السياسي والاقتصادي فيها.. وهو ما يعني أنها صارت دولة تعاني من غياب الشفافية، وعدم قدرة الناس على الوصول لمعلومات حقيقية ودقيقة فيها.. وهذا كله لا يمكن أن يوفر مناخا آمنا للاستثمار.
رصد التقرير مراحل تقدم وتراجع أداء الاقتصاد المصري.. لخصها في نقاط دقيقة بسيطة.. بعيدة تماما عن تقارير الحكومة.. وتقديراتها الرسمية.. قال إن الأداء الاقتصادي شهد تراجعا بين عامي 2007 و,2008 وصار بمثابة أداء قوي نسبيا في مواجهة الظروف الاقتصادية العالمية التي عصفت بالعالم كله عام ,2009 إلا أن ذلك الأداء سيعود ليصبح أداء متواضعا وضعيفا في عام .2010
هذه الهشاشة التي يعاني منها الاقتصاد المصري هي ما ستؤدي إلى تراجعه في العام القادم، خاصة أن العديد من شركاء مصر التجاريين يعانون من مشاكل ومتاعب اقتصادية ستنعكس حتما على علاقتهم بمصر.
تقرير آخر نشر في العدد الأخير من دورية ''ميدل إيست كورترلي''.. كان تقرير المجلة يحمل تساؤلا مهما ''هل مصر مستقرة؟''.. وهو سؤال كان يقرأ تدهور الاقتصاد المصري بطريقة أخرى.. بها الكثير من الوعي.
ضعف الاقتصاد المصري في رأي المجلة كان واضحا في أمر لا يمكن إنكاره.. في معدلات البطالة التي وصلت إلى 20٪ في مصر، وهي ضعف التقديرات الرسمية للحكومة.. في غياب الشفافية وانتشار الفساد الذي جعل مصر تقع في الثلث الأخير من قائمة الدول العربية في تقديرات منظمة الشفافية الدولية.
زيادة الفساد لابد أن تنعكس في زيادة الأسعار بشكل جنوني، لتضيف مزيدا من الأعباء على غير العاملين والفقراء وأصحاب المعاشات.. وهو ما أدي إلى اندلاع مظاهرات الطعام في أبريل ,2008 بعد أن تزايدت أسعار السلع الغذائية بأكثر من 20٪، وهي نفس نسبة الأثرياء الذين ترى المجلة أنهم يتحكمون في 80% من ثروة البلاد بشكل يعكس سوء توزيع الثروة الشديد بين الأغنياء والفقراء.
لاحظت المجلة أن هناك ما يقرب من 3 ملايين مصري يعيشون في المنتجعات السكنية الفاخرة التي لا تكف إعلاناتها المستفزة عن ملاحقة الناس في التليفزيون والصحف.. في الوقت الذي يحيا فيه 44٪ من المصريين بأقل من دولارين يوميا.. أي حوالي عشرة جنيهات في اليوم..
وهو ما يعني، في رأي المجلة، أن حكومات الحزب الوطني المتتالية لم تعد قادرة علي اتخاذ الخطوات اللازمة للإصلاح الاقتصادي ومواجهة البطالة وأزمة السكن وزيادة أسعار السلع الغذائية، وكلها تمثل الاحتياجات الأساسية للشعب.
رأت المجلة أن مشكلة مصر تتجاوز حدود الاقتصاد لتصبح لها تداعيات اجتماعية خطيرة، فما دام الشباب عاجزين عن العمل.. إذاً ستتزايد صعوبة حصولهم على شقق.. دعك طبعا من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الزواج..
ويرى تقرير حديث صادر عن مؤسسة جولدمان ساشز الاقتصادية، أن هناك تدهوراً أكبر في قيمة الجنيه يلوح في الأفق.. وأنه لو ظل الجنيه المصري على وضعه الحالي، دون أي محاولات من الحكومة المصرية لإنقاذه، سيواجه البنك المركزي المصري مزيداً من الخسائر في احتياطي العملة الأجنبية لديه .. مما سيؤدي لمزيد من التدهور في وضع الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة.
وأغلب الظن أن الفترة القادمة ستشهد ارتفاعا منطقيا في أسعار السلع العاليمة بعد انتهاء الأزمة المالية العالمية.. ومن الطبيعي أيضا، ونظرا لاعتماد الاقتصاد المصري الكبير على واردات الخارج، أن تزداد الأسعار في مصر أيضا إضافة إلي زيادتها السابقة.. مما يعني بالتالي أن خط الفقر سوف يرتفع فوق رأس ملايين المصريين الذين يكافحون لإبقاء رؤوسهم فوقه.
كلها مؤشرات تؤكد ضعف الحكومة المصرية، وعجزها عن مواجهة الواقع.. أو التعامل مع المشكلات التي يفرضها عليها الواقع العالمي كل يوم.. تصفها المجلة بأنها حكومة لا تمتلك الإرادة السياسية لإصلاح الأمور.. حتى وإن كانت تمتلك رؤية لحل تلك المشاكل.. لا تعرف إلا ترديد أرقام ومعادلات نمو.. لا يشعر المصريون بآثارها على حياتهم.. ولا تمنع شعور الكثير من شبابهم بالإحباط من عدم استيعاب سوق العمل لهم.. وسفر الناجحين منهم إلى الخارج بحثا عن حياة أفضل.. وسفر اليائسين منهم بطرق غير مشروعة.. حتى وإن كان الموت هو كل ما ينتظرهم...
لهذه الأسباب وغيرها يمكن للمواطن العربي البسيط أن يفهم كيف تتحول مقابلة كرة قدم في مصر إلى مشروع قومي لبقاء نظام أو زواله وهي حالة فريدة في العلاقات الدولية الحديثة في وقت تتكلم الدول المحترمة بلغة الأرقام والإحصائيات في زمن سيطرت عليه المقاربات الاقتصادية بإحكام نجد نمادج في العالم الثالث جعلت من جلد منفوخ الملاذ الأخير لتخدير المواطن وهذا ما فهمته جيدا الترسانة الإعلامية المصرية وقامت بدورها المنحط في مسرحية سخرت منها كل الشعوب ليست العربية فقط بل حتى المواطن البسيط في الغرب سخر من هذا التردي الذي عشنا قرفه إلى غاية الآن.
فالأمم المحترمة الصاعدة للقمة تتكلم لغة الأرقام فالتحرك التركي في المجال الإقليمي له يقوم على أرقام فالقليل منا يعرف أن الاقتصاد التركي يحتل المرتبة السادس عشر من سلم أقوى اقتصاديات العالم ويحتل مرتبة سادس أقوى اقتصاد في أوروبا أي أنه يتفوق على 21 دولة أوروبية من أعضاء الاتحاد الأوروبي لكن رغم هذا رأينا السلوك الحضاري للرئيس التركي عندما حضر مقابلة كروية تاريخية بين تركيا وأرمينيا بحضور الرئيس الأرميني وهو لقاء في قمة الحضارة من صانعي قرار استغلوا الدبلوماسية الرياضية للتقرب من الشعوب التي لا طالما جمعتهم مشاكل بينهما من جراء مخلفات تاريخية... لكن في مصر أرادت دوائر صنع القرار ركوب كرة القدم بهدف تحقيق مكاسب سياسية داخلية وخارجية حتى ولو على حساب أشقاء يربطهم بهم المتغيرات كثيرة ... لكن للأسف اللعبة لم تنجح وخيرها في غيرها.. والحديث قياس......؟؟؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.