استفحلت ظاهرة قرصنة الأقراص المضغوطة مؤخرا في الوسط الفني الجزائري، و قد عرفت هذه الظاهرة امتدادا واسعا مع بروز الأغاني الرياضية، الأمر الذي أسال لعاب الكثيرين خاصة أولئك الذين يريدون اختصار الطريق نحو كسب المال الوفير، ضاربين بذلك حقوق المؤلف و القوانين التشريعية الردعية عرض الحائط. ولمعرفة أسباب تنامي هذه الظاهرة قامت ''الحوار'' بجولة استطلاعية قادتها إلى محلات بيع الأشرطة على مستوى الجزائر العاصمة وبعض الأطراف التي لها علاقة بالموضوع. سبتي شهيناز صاحبة متجر الأشرطة '' خلوي'' بعلي بومنجل استهلتا جولتنا بالوقوف عند عتبة العديد من المحلات التجارية المتخصصة في بيع أشرطة الفيديو والأقراص المضغوطة بالجزائر العاصمة من أجل استطلاع آراء الباعة والبحث عن من يقف وراء تفشي ظاهرة القرصنة في السوق الفني الجزائري، حيث أكدت لنا سبتي شهيناز مسيرة محل ''موسيقى خلوي'' بشارع علي بومنجل بالعاصمة، أن عملية القرصنة التي طالت الأشرطة الفنية برعت فيها بعض الجهات التي تعمل في الخفاء بعيدا عن أعين رجال القانون، وهي تسعى من وراء ذلك لتحقيق الربح السريع على حساب المبدع بمن فيه صاحب كلمات الأغنية والملحن والناشر والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. صراحة تقول شهيناز إن طاقم محلها يعمل قدر المستطاع من أجل تشريف وجه الجزائر من خلال إصداره ألبومات أصلية مع الحفاظ على الجودة والنوعية وبيعها للمواطن بطريقة شرعية وبسعرها الحقيقي وهو سعر مناسب إذا ما قارناه بسعر ''cd'' الذي يباع في الأسواق الفنية في أوروبا أو الدول العربية. نحن نسعى، تضيف شهيناز، إلى تشريف سمعة الجزائر خاصة أن محلنا يقع في شارع رئيسي بالعاصمة الجزائر. كما دعت ذات المتحدثة إلى ضرورة تطهير السوق من هذه الآفة التي تهدد أمن وسمعة السوق الفني الجزائري، وأرجعت شهيناز أسباب استفحال هذه الظاهرة إلى البارونات وتجار الجملة ل cd vierge الذين يستوردون كميات هائلة من هذه المادة ويقومون بتسويقها بطريقة عشوائية همهم الوحيد التخلص من الكم الهائل من الحاويات التي تحمل cd vierge وتقوم بتسويقها للتجار غير الشرعيين بأثمان بخسة مقابل مبالغ مالية باهظة عند تحميلها وبيعها في السوق الموازية. وقد عرفت هذه الظاهرة انتشارا واسعا تقول محدثتنا مع تنامي الأغاني الرياضية في الوسط الفني التي تمجد المنتخب الوطني الجزائري، داعية في هذا السياق إلى ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة و ان ذلك لن يكون حسبها إلا باستحداث شركة وطنية تعنى ببيع cd vierge لضمان اقتنائها من طرف الباعة الذين تتوفر لديهم سجلات تجارية. يوسف مدير مؤسسة إنتاج أقبو موزيك من جانبه أعرب يوسف مدير مؤسسة إنتاج أقبو موزيك عن أسفه إزاء وضعية سوق الفن الجزائري في ظل غياب الضوابط والقواعد الأساسية التي تتحكم في تسييره، وقال يوسف في تصريحه ل''الحوار'': ''حقيقة المشكلة تسبب فيها كل من صاحب الكلمات والملحن والناشر لأنهم هم المسؤولون عن الانتشار اللامعقول لظاهرة سوق الكاست الموازي. لكن مع هذا يبقى تراجع دور الرقابة واقصد بالذكر كلا من وزارة الثقافة والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وكذا دور رجال الأمن في تطويق المشكلة، عامل أساسي حال دون وضع حد لها، علما أن المشرع الجزائري كان صريحا في هذا الباب حيث ان المادة الشرعية تنص على معاقبة كل من يقوم بنسخ ونشر أي مصنف فني تم تداوله في السوق بطريقة غير قانونية وغير شرعية. وعليه، يضيف يوسف، يجب تضافر كل الجهود من أجل تطهير سوق الفن من هؤلاء المستغلين لجهود الفنانين، ظاهرة نسخ '' الأقراص المضغوطة'' التي استفحلت في الآونة الأخيرة قد أضرت بالناشر والفنان سواء أكان ملحنا أو شاعرا، وأدعو لوضع حد لهذه الظاهرة''. بشير عبد النور بائع غير شرعي على رصيف ساحة الشهداء بالعاصمة بشير عبد النور، واحد من هؤلاء الباعة الذين اتخذوا من رصيف ساحة الشهداء مكانا لبيع الأقراص المضغوطة المستنسخة بطريقة غير شرعية ، حيث أكد لنا في حديثه معنا أن هذه الأشرطة قد درت عليه وعلى أمثاله الكثير من الأرباح خاصة في ظل رواج الأغنية الرياضية التي تمجد الفريق الوطني في الآونة الأخيرة. مضيفا ''صحيح نحن نعمل بطريقة غير قانونية كوننا لا نحوز على سجل تجاري ينظم هذه المهنة كبقية التجار الشرعيين، وأن بضاعتنا هذه هي بضاعة غير شرعية، لكن أمام شبح البطالة فما عسانا نعمل لكسب قوتنا اليومي، أفضل أن أبيع أشياء غير شرعية على ان اتحمل عواقب البطالة وما ينجر من ورائها من المتاجرة في المحرمات كالمخدرات وما شابه ذلك. إن مهنتنا هذه ما هي في الحقيقة سوى امتصاص للبطالة وفي حال ما إذا تحسنت ظروفي المادية لن أمارس هذه المهنة مجددا''. المطربة دليلة نعيم: من جهتها أوضحت مطربة الحوزي العاصمي أن ظاهرة إعادة نسخ الأشرطة المضغوطة ضربت عمق الفن في الصميم، وإذا ما استمر الوضع على هذا الحال سيؤدي حتما لانهيار الفن الجزائري فهذا يعتبر سرقة في وضح النهار وأمام مرأى المسؤولين. المطرب بوعلام بوقاسم: فيما وصف المطرب بوعلام بوقاسم ظاهرة قرصنة الأقراص المضغوطة بالمرض الذي لا علاج له، فهو يرى انعدام الأدوية اللازمة والمضادات الحيوية لعلاج مثل هذه الحالة المرضية التي أصابت الفن الجزائري. وأبدى بوقاسم أسفه لعدم مواجهة هذه المشكلة والحد منها، ''لقد تركوا الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة يعمل وحده في الميدان دون دعم من الوزارات الأخرى المعنية وعلى رأسها وزارة الثقافة وسلك الأمن الوطني من الشرطة و الدرك، عكس ما نجده في الدول المتطورة التي تعمل بالتنسيق مع كل الجهات المسؤولة من أجل ردع الغش والتصدي لاي مشكلة من هذا النوع. فالشرطي في تلك البلدان له كامل الصلاحية في اقتحام حتى بيوت المواطنين وكذا فحص سيارات المارة في حال تلقيهم حالة غش مشتبه فيها، ناهيك عن المحلات التجارية خاصة تلك المخصصة لبيع الأقراص المضغوطة التي تعرض يوميا للمراقبة قصد التاكد من وجود ''الطابع'' الذي يثبت شرعية ''cd''،كما له كامل الصلاحية في توقيف أي بائع يجده يعرض منتجات فنية منسوخة ولا يحوز على سجل تجاري يخول له عملية البيع. أما في بلادنا فحدث ولا حرج، مما فتح الباب امام هواة القرصنة''؛. كما عاتب بوقاسم المتلقي الجزائري الذي ساهم بدوره في قتل الفنان الذي يحبه دون قصد وذلك عن طريق اقتناء تلك '' الاقراص المنسوخة ' بثمن رخيص وهو يضع في حسبانه أنه يخدمه، ناسيا أن شراء '' cd'' المنسوخ لأي فنان يعني القضاء على مستقبله الفني والمهني بالنسبة للناشر. الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة صرح مسؤول بالديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة أن مراقبة السوق الفني الجزائري من مهام الهيئة بمعية رجال الشرطة والدرك الوطني الذين يعول عليهم بالدرجة الأولى لوضع حد لهذه الظاهرة المستفحلة التي مست الديوان ومؤلف الكلمات والملحن والناشر. وأضاف يقول''صحيح أن الديوان ينتقل دوريا إلى المحلات التجارية المتخصصة في بيع المصنفات الفنية والفكرية المنتشرة عبر الوطن لكن هذا لا يكفي ، إذ يجب وضع خطة محكمة يشترك فيها كل من الديوان ورجال الأمن لوضع حد لهذه الظاهرة خاصة أن مكتبنا تلقى عدة شكاوي من قبل المتضررين، لكن يد واحدة لا تصفق. ففي ظل عدم تناسق الجهود يبقى الوضع على ما هو عليه ''يجب إيجاد استراتيجية توقف زحف آلة النسخ غير الشرعية ل''للاقراص المضغوطة''. ضف إلى ذلك، يقول ذات المسؤول، الناشر له اليد في تفعيل هذه الظاهرة إذ كم من مرة عثرنا على حالات الغش وقام الديوان باستدعاء الناشر بناء على عقد تم بين الديوان وصاحب مؤسسة الإنتاج وذلك بغية إعلامه بوجود قرص مضغوط من إصداره وأنه متداول بطريقة غير شرعية في السوق الموازية، إلا أن لا حياة لمن تنادي فهو لا يحرك ساكنا، فهم لا يستجيبون لندائنا ولا يتابعون هؤلاء القراصنة قضائيا، لذا بقي الديوان مكتوف الأيدي لا يدري ماذا يفعل أمام هذه الإشكالية''.