إن ميزة الكثير من ربات البيوت الجزائرية هو إدمانهن على مشاهدة ومتابعة المسلسلات التلفيزيونية العربية منها والأجنبية، ومؤخرا المدبلجة التي اجتنبتهن بصورة ملفتة للنظر، ناهيك عن الأحاديث المستيقظة بين الجارات في الشرفات وأمام الأبواب وفي السوق وغيرها، وكل هذا أثر سلبا على نمط معيشتهن من إهمال شؤون البيت وصولا إلى الأسوأ وهو انشغالهن عن رعاية حماية أطفالهن مما قد يتعرضون له من أخطار قد تودي بحياتهم للهلاك وتوصل حياتهن الزوجية إلى حافة الهاوية. إن الإهمال والاستهتار والانشغال في أحاديث كل شيء وأي شيء وتتبع مزايا ومساوئ فلانة وعلانة لم يتسبب فقط بحرق طناجر الأكل وإهمال خصوصيات البيت بل أدى إلى عواقب وخيمة راح ضحيتها أطفال ورضع أبرياء لا حول لهم ولا قوة لا يبحثون إلا عن العطف والرعاية والحنان من الوالدين خاصة الأم باعتبارها مصدر الحماية والحرص على سلامة طفلها، لكن للأسف هناك من أهملن هذا الدور وكن سببا مباشرا في فقدانهم الحياة. حديثها مع الجارة لساعات يكلفها حياة ثلاثة من أبنائها هي قصص كثيرة ومثيرة من واقع مجتمعنا وشهادات حية لمن عايشوا وسمعوا وشاهدوا أحداثا مؤسفة مست البراءة إن لم نقل جرائم، راحوا ضحية الإهمال واللامبالاة. السيدة حورية تروي كيف قلي ثلاثة أطفال مصرعهم نتيجة انشغال أمهم بالحديث مع جارتها عن عرس أقيم في أسرتها حيث تقول: ''إنها أم من النوع الذي يلد ولا يبالي باختصار أم مستهترة، فعوض أن تعتني بأطفالها البالغين من العمر آنذاك 6 سنوات وأربع سنوات وسنة استغلت وقتها في الحديث مع جارتها تاركة أطفالها لوحدهم وحملت الطفلان الأكبر مسؤولية الاهتمام بأخيهم الأصغر، فما كان على الطفلين سوى الجلوس قرب الطفل الذي لم يكف عن البكاء فما كان منهما سوى لفه داخل بطانية وتركه داخل الخزانة وغلقها عليه ليتسنى لهما التسلل والخروج للعب في الشارع مع أصدقائهما، وكانت الكارثة أن خرج الطفلان للعب كرة القدم في الشارع دون حماية وفي غفلة اقتحم سائق سيارة مكان لعبهم وقام بدهس ثلاثة أطفال حيث نقلهم على جناح السرعة إلى المستشفى أين لاقوا حتفهم لشدة الإصابة. وقد جرت هذه الأحداث وأمهم في غفلة إلى أن نزلت لتبحث عن أطفالها فلم تجدهم فأصيبت بهستيريا ونادت الجيران لمساعدتها في البحث. في البداية ظنت أن أحدا قد اختطفهم لكن الحقيقة كانت أقصى من ذلك، حيث وجدت رضيعها ملفوفا وقد فارق الحياة لتصطدم بما هو أفجع وهو وفاة طفليها في حادث سيارة. ومنذ ذلك الحين أضحت هذه المرأة عبرة لكل امرأة تسول لها نفسها ترك أطفالها والذهاب لخوض جلسات القيل والقال وتنسى مسؤولياتها تجاه فلذة أكبادها. رضيع يلقى حتفه من طرف أمه نتيجة نسيانه بين طيات الغطاء هي حادثة أخرى تقشعر لها الأبدان تروي السيدة نسيمة عن زوجة أخيها التي تقول إنها كانت في قمة الاستهتار، حيث قامت بإلقاء رضيعها من الطابق السادس ولم تتفطن للأمر إلا عندما رأته جثة هامدة على الأرض. حيث تعود تفاصيل الحادثة، حسب نسيمة، ''عندما كانت منهمكة في ترتيب البيت وغرفة نومها إلى أن سمعت صراخا وقع في البناية التي تقطن فيها بطلها شاب معروف بشجاراته وسمعته السيئة في الحي فقامت بوضع رضيعها في غطاء السرير ولفته جيدا كي لا يصاب بالبرد، وعند انتهائها من مشاهدة المشاجرة ذهبت مباشرة ودون أي تفكير أو تركيز إلى حمل الغطاء ونفضه في الشرفة وكانت المفاجئة أن ألقت برضيعها الذي أنستها مشاجرة الجيران وجوده بين طيات الغطاء فمكان منها سوى الصراخ والعويل حتى كادت هي الأخرى أن تلقي بنفسها خلفه، حيث لم تتحمل أن تكون هي سبب وفاة فلذة كبدها لولا تدخل أفراد العائلة والجيران لتهدئتها لكي تتجاوز ما أقدمت على فعله دون وعي منها''. إن أصعب إحساس هو أن تصدر الأذية من شخص من المفروض أن يكون مصدر الحماية والرعاية والحنان، لكن الواقع المر وللأسف الذي تعيشه هو سماعنا هذه الأحداث والجرائم التي تصدر من أقرب شخص وأحن شخص هو الأم التي، وبسبب بعض التصرفات الطائشة، تحرم نفسها من احتضان طفلها والتنعم بأمومتها وتعيش بعقدة ذنب تلازمها طيلة حياتها، لذلك وجب على كل امرأة رزقها الله بنعمة الأطفال أن تحفظهم وترعاهم وتكون مسؤولة عن رعيتها.