منذ أن بث المسلسلان التركيان '' نور '' و '' سنوات الضياع '' لم تكف الجرائد العربية عموما والجزائرية بالخصوص عن ملء صفحاتها طولا وعرضا بأخبار وصور '' نور ومهند '' و '' يحيى ولميس '' ، ولم يهدأ الشارع العربي عن الهيام في حبهم كل بطريقته الجنونية، حتى يخيل إلى المرء أن البلاد العربية بلاد للعشق والهيام بدل الذهب الأسود. ففي السعودية من لبس أقمصة تحمل صور نور ومهند، ومنهن في الإمارات من رأين تغيير اسمهن إلى نور وبعضهم في سوريا من انتحر لأجل نور. وأثارت أو بالأحرى رُوجت هذه الضجة التي لم يسبق لها مثيل في الوطن العربي لهذين المسلسلين، حتى دفعت فضول الكثيرين الذين سارعوا إلى متابعتهما، اعتقادا منهم أن هؤلاء الأبطال هم بصدد معالجة دقيقة لإحدى قضايا الأمة الراهنة، في مقدمتها ما يحدث على الأراضي الفلسيطينية أو العراقية أو .. ولم يعد الأمر أن يكون للكثيرين وأنا واحدة منهم '' مجرد زوبعة في فنجان '' ، فالموضوع المعالج بتلك الطريقة في المسلسلين، كثيرا ما عولج شكلا ومضمونا في المسلسلات المكسيكية التي كان المجتمع العربي شغوفا بها. وما أثار الاستغراب أيضا غض الشارع العربي والإعلام البصر عن مسلسل كوري وهو '' جوهرة القصر '' الذي بث في نفس الفترة، الذي يتحدث عن حقبة زمنية هامة في تاريخ كوريا الجنوبية وعن طب الأعشاب وارتباطه بغذاء الفرد كدواء شافي للأجساد ومعالجته باحتشام قصة حب عفيفة ونظيفة فقدناها اليوم في أفلامنا ومسلسلاتنا العربية. ومع أن أمريكا وبعض الدول الأوروبية أعطت لهذا المسلسل الأهمية الكبرى وروجت له، ببثه في أكثر من 60 قناة، بالنظر لأهمية الموضوع المعالج إلا أنه لم يثر حفيظة الشارع العربي ومتابعة المجلات والصحف التخصصية، بل مر عليهم مرور الكرام. ويظهر أن المسلسلين التركيين قد كانا فعلا بمثابة استطلاع حقيقي وتحقيق ميداني للأبطال على مستوى كامل تراب الوطن العربي، الذي أفرز للأسف الشديد نتيجة أن الأمة العربية لا تزال تعيش سن المراهقة، وإلاّ كيف نفسرعشقهم الفظيع والمخزي لمهند ونور ولميس ويحيى، وذهاب بعض اليوميات المحلية إلى تخصيص صفحات حول تأثيرهم في المجتمع وجرائد أخرى تنشر تحقيقا ميدانيا حول القصر الذي احتضن أبطال المسلسل. ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن ننصح أنفسنا وغيرنا بأن يأخذوا الحب العفيف من الكوريين في زمن اليتيمة واليتامى.