بعد انتظار دام سبعين عاما، ''مرسيليا'' تبني مسجدها الكبير لمسلمي فرنسا، .. ''حدث'' يستحق الوقوف عنده بتأني وإمعان ليس لأن بناء هذا الصرح الديني تطلب سنوات من الانتظار، بدأ الشك والتخوف خلالها يتسللان إلى قلوب المسلمين من إمكانية عدم إنجازه تماما خصوصا وأن فرنسا قد أبانت منذ فترة عن أنيابها الشرسة، في كل ما يتعلق بالمسلمين، فراحت تحظر النقاب، وتدعو إلى حظر بناء المآذن، على الطريقة السويسرية وإن كان النقاش حول مسألة المآذن المحظورة بقي محدودا في فرنسا، فإن إثارة مسألة ''الهوية الوطنية'' الملف الذي أطلقه اريك بيسون العام الفائت، دعانا لا نشك في النقاش المستديم الذي تسعى فرنسا ''ساركوزي'' إلى فتحه مرارا وتكرارا، بشأن ''الهجرة'' ومكانة الإسلام في فرنسا، من خلال تقليب المواجع على المهاجرين هناك.. أهمية بناء ''المسجد''، لا تتمثل في أن مرسيليا، جنوب شرق فرنسا، رمز ''الهجرة'' لبلدان شمال إفريقيا، تحديدا الجزائر، تونس والمغرب، الذين لا تشعرهم الديار هناك بغربة الوطن الأصلي، مادامت تحتضن أطيافا وأجناسا مختلفة من أبناء البحر الأبيض المتوسط، سمحت بهكذا إنجاز تاريخي، سيمنح مسلمي المنطقة فرصة الالتقاء تحت قبة مسجد واحد، دخل بناؤه مرحلته الرسمية سيكون بمثابة الحلم الواقع، الذي لطالما انتظروه.. بحكم الضغوط المفروضة عليهم من اليمين المتطرف الذي لطالما يتدخل في كل كبيرة وصغيرة مرتبطة بالمسلمين هناك..، إلا أن ''استثنائية'' الحدث والجوهرية التي يرتديها هذا المسجد ترتبط ارتباطا وثيقا بالجزائر والدور الكبير الذي أدته لتمكين مسلمي ''الغربة'' من رؤية مسجد مرسيليا يرى النور، ويجمع مصليه في أجل أقصاه سنة .. الجزائر ومن خلال تمسكها بإظهار قيم الإسلام والتأكيد على أهمية الجالية الجزائرية في مرسيليا ومحيطها قررت المساهمة في الجهد الجماعي لهذا الصرح الديني، الذي من ثم افتك الأهمية القصوى، ولأن الجزائر ما حادت أبدا عن الأصل، فإنها أكدت على لسان سفيرنا هناك التزامها الكامل للمساهمة في نجاح المشروع سواء معنويا، ماليا، وحتى ماديا وتوفير الموارد البشرية اللازمة عند الحاجة لا سيما أئمة يتقنون اللغتين ''العربية والفرنسية''.. وهو ما عابنا عليه البعض، إلا أن إتقاننا للغة الفرنسية لم يشكل أبدا عيبا فينا، مثلما صورنا آخرون، بقدر ما صار ذا أهمية بالغة، يلزمنا التزاما ملحا بضرورة الدفاع على بناء هذا المسجد ومده بالأئمة القادرين على تدريس الفقه وتبليغ الرسالة لجموع المصلين الأتراك، المغاربة، السينغاليون، السوريون وآخرون.. الحقيقة كل الحقيقة أن الجزائريين الذين يشكلون نصف مسلمي هذه المدينة ''مرسيليا'' ما خاب ظنهم أبدا في القائمين على شؤون وطنهم الأصلي، والدليل التفاف الجزائر حول هذا المشروع ''الحدث'' المقام في فرنسا حيث تمثل الجالية المسلمة من 5 إلى 6 ملايين نسمة وهي النسبة الأكبر في أوروبا.