لم يسلم مسلسل ''كليوباترا'' الذي قام بإخراجه المخرج السوري وائل رمضان وأدت فيه دور البطولة الممثلة سلاف فخوارجي من حملة الانتقادات التي عرفتها معظم المسلسلات الرمضانية لهذا العام، وهو ما يؤكد أن الملكة الفرعونية لا تزال الأكثر قدرة على إثارة الجدل ورسم علامات الاستفهام والتعجب رغم مرور عشرات القرون على رحيلها الدرامي، لكن الجدل هذا العام انتقل من قاعات المؤتمرات التي لا يحضرها إلا المتخصصون إلى نطاق أكثر اتساعا وانفتاحا على الرأي العام. وجه الكثير من علماء التاريخ انتقادات فيما يخص الأخطاء التاريخية التي وقع فيها مسلسل ''كليوباترا'' الذي يعرض حاليا على قناة ''روتانا خليجية''، والتي أرجعها أهل الاختصاص إلى عدم استعانة القائمين على هذا العمل الدرامي الكبير بالخبراء والمتخصصين الذين سيضمنون احتواء العمل على الحقائق الموثقة فيما يتعلق بالأحداث التاريخية، والشيء الذي يثير الانتباه هو استعانة الإنتاج بماكيير إيراني وكانت تكلفة الاستعانة به عالية جدا، كما استعانوا بمصممين سوريين من أجل تصميم وتطريز الملابس وانطبق عليهم نفس الأمر في الميزانية، فلماذا لم يتعاملوا بنفس الأسلوب فيما يتعلق بالحقائق التاريخية؟ وما السر الذي جعلهم لا يستعينون بالمتخصصين في تاريخ هذه الفترة؟ فالإمكانات في هذا العمل متوفرة ولكنهم افتدوا العقول المبدعة، فلو أن الإنتاج استعان بالباحثين لكانت النتيجة مختلفة تماما. كليوباترا.. أخطاء تاريخية وأخرى فنية من بين الأخطاء التي وقع فيها المسلسل، حسب ما أشار اليه هؤلاء المؤرخون، هو تصويره أن كليوباترا سافرت إلى روما في صغرها وهذا لم يحدث. نقد مسلسل ''كليوباترا'' لم يقتصر على الجانب التاريخي فحسب بل امتد إلى الجانب الفني الذي لم يخل من الانتقادات سواء من ناحية الملابس، الديكور وحتى الماكياج الخاص بالشخصية الرئيسية في المسلسل ''كليوباترا'' أو باقي الشخصيات، فهذه العناصر الثلاثة، حسب بعض المختصين، تفتقد إلى المصداقية التاريخية فلا يوجد أي تطابق أو ربط بالواقع على الإطلاق بين ما يقدمه المسلسل وبين الواقع التاريخي الموثق والمعروف. فيما يتعلق بهذه العناصر فالمخرج لم يستعن بمتخصص في تلك الزاوية، والدليل على ذلك هو كمّ الأخطاء الواضحة والصريحة جدا للمتخصص وغير المتخصص، فعلى سبيل المثال يظهر العرش الروماني في المسلسل مزيناً بورود وأزهار وهو ما لا يتطابق مع الواقع التاريخي، بالإضافة إلى ذلك يظهر الملك بطليموس الثاني عشر والد كليوباترا في المسلسل بلحية وهذا غير حقيقي فجميع الصور الموجودة له لم يظهر فيها بلحية. أيضا من أخطاء المسلسل أن اختيار الإكسسوارات جاء بعيدا كل البعد عن الإكسسوارات الحقيقية باستثناء الأساور التي كانت ترتديها كليوباترا في ذراعيها، أما الماكياج فكان مقبولا لكن تصفيفة الشعر كانت بعيدة أيضا عن الواقع، فمصفف الشعر لم يفرق بين تسريحات شعر الممثلات المشاركات فكلهن مثل بعضهن لا يوجد فرق وكأنهن قادمات معا من تحت أيدي نفس مصفف الشعر. ضعف الإخراج سبب سقوط كليوباترا الناحية الإخراجية هي الأخرى كانت السبب في سقوط مسلسل ''كليوباترا''، فقد فشل مخرج المسلسل وائل رمضان في ترك بصمة خاصة في قلوب المشاهدين نحو العمل، مما جعله يفتقد لأي عنصر من عناصر الإبداع التي تجعل المشاهد ينجذب له ويحرص علي متابعته، ناهيك عن أداء الممثلين المشاركين الذين لم يتقمصوا الشخصية بل ركزوا على أسلوب الخطابة في الحديث الذي لا يتطابق مع الواقع في شيء وأن الرومان أو البطالمة لم يكونوا يتحدثون بذلك الشكل. كما لم توفق، حسب البعض، الفنانة السورية سلاف فواخرجي في أدائها لشخصية كليوباترا، ويعود السبب إلى أن وائل رمضان ركز عند اختياره لأداء الدور على المظهر والجمال، والمعروف أن جاذبية كليوباترا لا تكمن في ملامحها الشكلية فقط وإنما تكمن في قوة شخصيتها وسطوتها التي تفرض على كل من يعرفها الخضوع لها، حيث يذكر المؤرخون أن أول مرة التقت فيها بمارك أنطونيو كانت خائفة ومترددة لوجود ثأر بينهما، لذا قررت الذهاب بسلاحين هما جمالها وشخصيتها وكان للسلاحان الأثر القوي في وقوع الأمير في حبها. وحول التركيز على تقديم حياة كليوباترا تحديدا في الأعمال الفنية، شجع بعض المؤرخين هذه الفكرة فكليوباترا كان لها دور كبير ومهم في التاريخ العالمي ولذا فهي الأجدر بالتركيز عليها والحديث عنها سواء في الأعمال الفنية أو الأدبية، بالإضافة إلى ذلك دعا المؤرخون المخرجين المهتمين بتقديم أعمال درامية تاريخية إلى تحمل مسؤولية وقوعهم في أية أخطاء فنية أو تاريخية.