حاولت المرأة الجزائرية منذ القدم استحداث طرق مختلفة للعلاج بعيدا عن الطب الحديث وتكاليفه الباهظة، فأدارت وجهها لكل ما يأتي من هذا الطريق فاتحة المجال للطبيعة من خلال بحثها عن حلول لما استعصى عن الطب حله، واتبعت العديد منهن في مناطق مختلفة من الوطن خاصة الداخلية منها علاج النشرة الذي يعتمد على استعمال الأعشاب والحيوانات للتخلص من أمراض وعلل مختلفة. استغلت بعض نساء قرى ومداشر الولايات الداخلية الطبيعة استغلالا كبيرا اختلط فيها العلاج الطبيعي بالخرافة التي شغلت حيزا واسعا في تفكير النساء الريفيات، كالعلاج باستعمال النشرة التي هي عبارة عن علاج تقليدي حيث تقتني المرأة لباسا جديدا وتقوم بتحضير الشمع وأنواع من البخور المختلفة بالإضافة إلى ديك تقوم المعالجة بتبخيره رفقة المرأة المريضة بما حضرته من بخور وبعدها يطهى وتأكله المريضة فقط دون غيرها. وترى الكثير من النسوة أن النشرة ساهمت، حسب اعتقادهن وما سمعوه من جداتهن، في شفاء الكثير من النساء خاصة اللاتي يعانين من عدم القدرة على الإنجاب أو اللاتي تعرضن لازمات صحية مفاجأة تربطها هذه النساء بمس من الجن أو شيء لا يمكن علاجه إلا باللجوء إلى عجوز أو شيخ طاعن في السن يمكنهما من حل هذه المشكلة دون الاستعانة بالطب الحديث الذي يرونه غير مؤهل لشفاء مثل هذه الأمراض. لا علاج إلا في السبت والأربعاء يعتبر يوما الأربعاء والسبت اليومين المفضلين لتنفيذ علاج النشرة، حيث تلجأ النساء المعالجات إلى انتظار هذا اليوم من اجل العلاج حيث لا تصح النشرة إلا في هذين التوقيتين لأسباب لا تعرفها إلا المعالجات. وقد جرت العادة على اختيار الأربعاء والسبت دون سواهما من الأيام كي يكون العلاج شافيا وتنجح النشرة في إعادة الشفاء إلى أجسام النساء المريضات. ومن بين النساء اللاتي اعتدن العلاج بالنشرة السيدة مباركة من ولاية المسلية التي رأت أن استعمال النشرة هو علاج طبيعي وليس شعوذة على الإطلاق. وعن استعمال جدي ماعز أو ديك فتقول إن ذلك من مستلزمات العلاج ولا يمكن اعتباره شعوذة أبدا خاصة أن المرأة المريضة تقوم بأكل جزء من الديك أو الجدي بعد استعمال لحمه في العلاج بالنشرة، ولو كان الأمر شعوذة لتم رميهما. ''فالنشرة علاج طبيعي قديم جدا استعملته جداتنا واستطاع أن يخلص بإذن الله العديد من النساء وحتى الأطفال من أمراض كثيرة ومستعصية''، تقول المتحدثة. لم يستثن حتى المتعلمات لا زال العلاج بالنشرة منتشرا في مناطق داخلية كثيرة من الوطن وحتى في المدن الكبرى، فرغم انتشار الطب الحديث إلا أن التكاليف الباهظة التي أصبحت تنجر عن زيارة العديد من الأطباء دفعت بالمواطن للرجوع إلى العلاجات القديمة التي لا تكلف كثيرا وتمنح لصاحبها راحة نفسية خاصة مع انعدام التأثيرات الجانبية التي يخلفها استعمال الأدوية الحديثة. فبين الراغب في الإنجاب والمصاب بآلام في البطن أو الصداع والشقيقة أصبحت النشرة والعلاجات الطبيعية الأخرى بالإضافة إلى الرقية ملاذ النساء بعد يأسهن من الطب الحديث. ويبدو أن العلاج الطبيعي لم يعد حكرا على النساء غير المتعلمات فالكثير من العاملات، حسب السيدة مباركة، يقصدنها من اجل العلاج الطبيعي خاصة بالنشرة التي أتت بنتائج جيدة وجدية ساهمت في التقليل من آلام الكثيرات منهن. وتعطي السيدة مباركة أمثلة عديدة عن نساء كثيرات قصدنها لغرض التداوي بالنشرة من بينهم أستاذة يئست من التداوي للتخلص من الصداع النصفي ''الشقيقة''، ولأن الكثيرات نصحنها بتجريب النشرة لجأت الى ذلك طلبا لحل مشكلتها، وقد قمنا بمحاولات عديدة تمكنا من خلالها من وضع حد لمعاناة هذه السيدة التي امتدت لسنوات طويلة. ويختلف علاج كل مرض عن الآخر وحتى وان اتبع طرقا غريبة إلا أن السيدة مباركة نفت عنه بشدة لقب الشعوذة واعتبرت أن استعمال هذا النوع من العلاج يخلق راحة نفسية أكبر من العلاج عند الأطباء وهو التفسير الوحيد لسرعة شفاء المريضات. وتروي السيدة مباركة حكاية أخرى عن سيدة رفضت تناول كل الأدوية الطبية بعد فشلهم في تحسين صحتها واختارت استعمال النشرة وقصدت من اجل ذلك مدينة قسنطينة حيث تمارس هناك النشرة بطريقة مختلفة، حيث ترتدي النساء حلة جدية وتقصد خمس مناطق مختلفة من مدينة قسنطينة وفي كل منطقة تقوم بإشعال البخور لتعجيل شفائها. ورغم كل ما قيل عنها تبقى النشرة حلالا لنساء فقدن الأمل في العلاج عن طريق الطب الحديث.