انصبت أمس المداخلات التي نظمتها مؤسسة فريدريش ابرت الألمانية بالجزائر والتي نشطها الخبير في البترول والمحروقات مصطفى مقيدش، حول ضرورة العودة الى الصناعات البتروكيماوية التي تركتها الجزائر في أوائل الثمانينات، لصالح الاعتناء بصناعات أخرى، داعيا إلى إعادة تحديد مضمون الشراكة الطاقوية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في إطار ''موازين قوى جديدة برزت في السوق العالمية للطاقة''. وأكد مقيدش الذي افتتح أول لقاء للسهرات الرمضانية التي تنظمها المؤسسة الألمانية بالجزائر، على تاريخ وواقع قطاع النفط والمحروقات مابين العام 1958-2008 '' على أن الجزائر مطالبة بتحديد مضمون شراكتها الإستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي حسب صيغة رابح-رابح، لأن ميزان القوة في السوق العالمية للطاقة يسمح بذلك''. مشيرا الى أن ميزان القوة الجديد بين مصدري و مستهلكي الغاز يقوم حسب هذا الخبير على ثلاثة عناصر إستراتيجية. يتمثل أول هذه العناصر في كون الجزائر التي تتوفر على فوائض مالية معتبرة يمكنها أن تتكفل كلية أو عن طريق الشراكة بتمويل المنشئات القاعدية الطاقوية الجديدة اللازمة لتسويق الغاز (البحث والإنتاج والنقل). ويرتكز العنصر الثاني على كون القواعد الأساسية للأسواق الطاقوية تمنح فرصة للجزائر لبيع غازها بطريقة أفضل على المدى القصير أمام ارتفاع أسعار النفط و بالتالي فرض إستراتيجيتها للتسويق نحو المدى القصير بحيث ستحصل على فوائد اكبر. وأوضح أن التموين بالغاز القادم من الجزائر ''تعتبر عنصرا أساسيا للأمن الطاقوي للاتحاد الأوروبي الذي لا يريد أن يكون تابعا للغاز الروسي فقط''. و تطرق مقيدش خلال مداخلته الى الطريقة الحالية لاستهلاك الطاقة في الجزائر حيث قال انه غير ''ملائم في الواقع''. وقال إن الوضع الحالي الذي يمتاز حسب مقيدش ''بتبذير الطاقة من طرف العائلات والنشاطات والتي تشجعها بطريقة غير مباشرة الأسعار المطبقة'' يجب أن يتحول الى وضع أخر ''أكثر اعتدالا عن طريق تشجيع والإكثار من استهلاك غاز البروبان المميع والغاز الطبيعي''. وقال انه يجب ان تعتمد ترقية النمط الجديد للاستهلاك حسب المتدخل على سياسة أسعار ''ملائمة و اتصال مدعم تجاه جميع المستهلكين الداخليين (عائلات و نقل و صناعة). كما تطرق مقيدش الى البنية الحالية لأسعار الطاقة في السوق الداخلية. و بخصوص هذه النقطة اعتبر انه من الضروري أن تقوم السلطات العمومية ''بإعادة تقييم أسعار الغاز في الجزائر بصورة منتظمة و بشفافية لتجنب التحويلات غير المشروعة للإيرادات بدافع المزايا الممنوحة للمستثمرين الأجانب.