دعا الخبير في الطاقة ونائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي السيد مصطفى مقيدش مساء أول أمس إلى إعادة تحديد مضمون الشراكة الطاقوية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في إطار موازين قوة جديدة برزت في السوق العالمية للطاقة، وتتضمن ثلاثة عناصر إستراتيجية. وأكد السيد مقيدش خلال لقاء متبوع بنقاش نظمته جمعية "فريدريك إيبرت" حول تطور قطاع المحروقات في الجزائر منذ سنة 1958، أنه يتعين على الجزائر أن تعيد تحديد مضمون شراكتها الإستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي حسب صيغة الربح المشترك لأن ميزان القوة في السوق العالمية للطاقة يسمح بذلك. ويرى الخبير الجزائري أن ميزان القوة الجديد بين مصدري ومستهلكي الغاز يقوم على ثلاثة عناصر إستراتيجية، يتمثل أولها في كون الجزائر التي تتوفر على فوائض مالية معتبرة يمكنها أن تتكفل كلية أو عن طريق الشراكة بتمويل المنشآت القاعدية الطاقوية الجديدة اللازمة لتسويق الغاز (البحث والإنتاج والنقل)، بينما يرتكز العنصر الثاني على كون القواعد الأساسية للأسواق الطاقوية تمنح فرصة للجزائر لبيع غازها بطريقة أفضل على المدى القصير أمام ارتفاع أسعار النفط، مع فرض إستراتيجيتها للتسويق على المدى القصير حيث تحصل على فوائد أكبر. وأخيرا أشار المتحدث إلى أن التموينات بالغاز القادم من الجزائر تعتبر عنصرا أساسيا للأمن الطاقوي للاتحاد الأوروبي الذي لايريد أن يكون تابعا للغاز الروسي فقط. وتطرق الخبير إلى الطريقة الحالية لاستهلاك الطاقة في الجزائر ووصفها بغير الملائمة في الواقع، حيث أن الوضع الحالي الذي يمتاز حسبه بتبذير الطاقة من طرف العائلات والصناعيين والتي تشجعها بطريقة غير مباشرة الأسعار المطبقة، ينبغي أن يتحول إلى وضع أخر أكثر اعتدالا، عن طريق تشجيع استهلاك غاز البروبان المميع والغاز الطبيعي. كما يجب على حد قوله اعتماد ترقية النمط الجديد للاستهلاك على سياسة أسعار ملائمة واتصال مدعم تجاه جميع المستهلكين الداخليين (عائلات ونقل وصناعة). وبخصوص البنية الحالية لأسعار الطاقة في السوق الداخلية اعتبر الخبير انه من الضروري أن تقوم السلطات العمومية بإعادة تقييم أسعار الغاز في الجزائر بصورة منتظمة وبشفافية، لتجنب التحويلات غير المشروعة للإيرادات بدافع المزايا الممنوحة للمستثمرين الأجانب، وينبغي أن تمس إعادة اعتبار الأسعار هذه جميع الصناعات والنشاطات التي تستهلك الغاز باستثناء وحدات تحلية مياه البحر والمنشآت القاعدية للإنارة الموجهة للمنازل.