حينما قامت الحكومة البريطانية بمنع الوافدين المهاجرين من الهجرة إلى فلسطين في بدايات القرن الماضي، قامت الحركة الصهيونية بعمليات انتقامية على شكل ''ثورة شعبية'' ضد القوات البريطانية وبدلالات تقمصية، حاملة في جوفها تطلعات جيوسياسية يجب إرسائها على أرضية الواقع الصهيوني. ولكن ثمة سؤال يجب أن يطرح: هل تلك الثورة تعتبر ردا على تحديد الهجرة إلى فلسطين؟، أم أنها تحمل الدلالات المشار إليها أعلاه؟!، ولماذا كانت أغلب العمليات الانتقامية في إطار مدينة القدس دون غيرها ؟ .... نعم، هي تحمل دلالات التفافية ودهليزية متشعبة، وفق تقمص قانوني دولي، يلبسهم ثوب الوجودية على اعتبار أنهم شركاء في إدارة فلسطين. بذلك تقمصت الصهيونية الدور التحرري باعتبار القوات البريطانية قوات اجنبية يجب اخراجها من فلسطين، معللين انها لا تمتلك الحق التاريخي في تلك الارض، بل انها سلطة انتداب مدنية، وان الفلسطينيين في طريقهم الى الزوال. على اثر ذلك، قامت الحركات الصهيونية وبخطة مدبرة لتنفيذ العديد من العمليات الانتقامية، ضمن الإطار الصهيوني لمدينة القدس، كان أشهرها تفجير فندق الملك داوود، كاشارات مغلفة ومبطنة تشير الى صهينة المدينة، وبأنها لن تخرج عن الاطار اليهودي، حيث كانت كل الجهود الصهيونية موجهة ومدبرة، وما اندلاع تلك الثورة إلا الآعيب يراد منها إحكام السيطرة على المدينة المقدسة، ولو بعد حين. يتضح - وبحسب رؤيتهم- أن ثورتهم قانونية وتتلاءم مع قوانين عصبة الأممالمتحدة ووعد بلفور باعتبارات تقمصية تصبغ الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالقانونية وبحسب ما جاء في صك الانتداب، وأن إيقافها يخالف القوانين التي وضعت، فبذلك استغلت الحركة الصهيونية كل تلك الأمور معلنة أول ثورة صهيونية. بيت لحم-فلسطين