اعتاد الغرب على اتهام شعوب العالم الإسلامي بالانغلاق ورفض الآخر، وعدم احترام معتقداته، اتهامات تم بناؤها على أساس حالات فردية واستثنائية لا تمت بأي صلة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى التسامح والمساواة، وإلى احترام بني البشر دون تمييز على أساس العرق أو اللون وإنما الاختلاف فقط يكون بالتقوى وإخلاص النية. اتهامات الغرب في مجملها لا يمكن أبدا إدراجها في خانة عدم العلم بالشيء، خاصة ونحن في عصر التكنولوجيا والأنترنيت والكتب والمعلومات المتوفرة عن الديانات والمعتقدات المتواجدة في كل مكان، بل يمكن إدراجها في باب الخوف من انتشار الإسلام كمنافس قوي بما يحمله من ميزات قد تقنع أي عاقل متزن. وبالمقابل أن أكثر دول العالم التي تدعي الديمقراطية وتتشدق باحترام حقوق الإنسان لا تجد أي مانع في تلجيم ووضع القوانين التي تحد من حرية الأفراد وحرية ممارسة العقيدة، وأحسن مثال على ذلك ما تقوم به جمهورية ساركوزي الفرنسية، فما إن شعرت باريس التي تعتمد العلمانية بتعاظم الدين الإسلامي على أرضها كمنافس للتواجد المسيحي حتى بدأت تسن القوانين التي تقيد حركة المسلمين وتضع شروطا لتواجدهم بأراضيها لم تكن تخطر ببال أي كان قبل أعوام مضت لتمتد العدوى الفرنسية إلى دول أخرى لا تقل عنها ''ديمقراطية وحرية'' غير أنها سارعت إلى انتهاج نفس خطوات باريس. مؤخرا احتفل العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك وقبله بعيد الفطر، وبعده بانطلاق السنة الهجرية ورغم تعدد أعيادنا، إلا أننا لم نسمع قط باهتمام أي دولة من دول العالم بالاحتفال أو الاحتفاء أو حتى ذكر هذه المناسبة، وكأننا غير موجودين! ، بل ما يقوم به البيت الأبيض الأمريكي الذي يدعو سنويا مجموعة من المسلمين إلى تناول طعام الإفطار في رمضان هو أقصى مظاهر النبل وأقصى مظهر لاحترامنا كمسلمين تقوم به دولة غربية مع ثاني أعظم عقيدة في العالم، مع أن الاهتمام لا يخلو من دوافع سياسية ومصلحية، وفي هذا المثال أيضا يتأكد للمرة الألف بأن الغرب الذي يكيل الاتهامات ضد العالم الإسلامي، هو بالأساس منغلق على نفسه وغير محترم للطرف الآخر، وللدين الإسلامي وإن تعدى عدد معتنقيه أزيد من مليار ونصف المليار شخص. وفي خضم التحضيرات الجارية للاحتفال ببدء سنة ميلادية جديدة،لا يمكن بأي حال من الأحوال، إنكار فضل الأنبياء على بني البشر مع ضرورة التحلي بأخلاقهم والسير على طريقهم، ولكن ليس بالأسلوب الذي يسوق له، والذي يبدو أنه يمثل شكلا من أشكال تقديم الولاء والطاعة العمياء، لشعوب لا تتألم لمعاناتنا ولا تعبأ بهمومنا بل كل ما يهمها منا ملء جيوبها من خيراتنا. وصدق المثل الذي يقول لكل تنازل مقابل إما أن يكون التنازل بدون مقابل، فهذا قمة التنازل، ولأن العرب والمسلمين أهل جود وكرم وأهل دين يحترم الآخر ويدعو إلى العدل والمساواة والتسامح، نقول لهم بابا نويل سعيد وكل عام وأنتم خير.