رغم الهزات العنيفة التي تعرضت لها كل مساعي الصلح وجمع شمل الفرقاء داخل حركة مجتمع السلم بعد التطورات الأخيرة، إلا أن لجنة الصلح التي يقودها مداود وقدودة لا زالت تتحرك على أكثر من صعيد من أجل بلورة أرضية صلح تنهي مسلسل الصراع ومخاوف الانشطار الذي أصبح يتهدد حمس على أكثر من صعيد، بعد أن انتقلت حمى الصراع من القمة إلى المكاتب الولائية والقواعد. وحسب الواقفين وراء لجنة الصلح ممثلة في منسقها السيناتور عبد الحميد مداود فإن لجنته غير معنية بالمستجدات الأخيرة خاصة بعد العريضة التي وقعها 29 نائبا من كتلة الحركة في البرلمان، وما تلاها من تصريحات نارية لأبي جرة سلطاني، وأكد أنها ستواصل مساعيها التي وصفها بالنبيلة رفقة كل الخيرين والغيورين على مصلحة الحركة، من أجل إنهاء حالة الاحتقان والصراع التي تميز البيت الداخلي لحمس. وقال مداود في تصريح ل ''الحوار'' التي سألته حول ما إذا تعنت طرفا الصراع، وتهرب كل طرف من الجلوس إلى طاولة الحوار يعد بمثابة حل تلقائي للجنة الصلح أو فشلها، رفض مداود هذا الطرح قائلا ''نحن لا ننظر إلى التصعيد بقدر ما نركز على لم الشمل، ندرك أن المهمة شاقة وصعبة لكنها تستحق العناء، واللجنة مفتوحة لكل من يريد المساهمة إيجابا في هذا المسعى''. مداود الذي بدا حريصا ومصرا أكثر من أي وقت مضى على مواصلة عمل لجنته التي بادر بها رفقة أبو بكر قدودة وبعض وزراء الحركة، قلل من شأن التصعيد الحالي بعد التصريحات النارية التي أطلقها أبو جرة سلطاني التي قال فيها إنه يرفض الجلوس إلى طاولة الحوار في المقاهي وروضات الأطفال والبيوت التاريخية، ردا على الدعوة التي وجهت له بمبادرة من مصطفى بلمهدي والسيناتور الطاهر زيشي للاجتماع ببيت الراحل محفوظ نحناح بالبليدة، الذين بادرا هما الآخران إلى السعي في نفس اتجاه لجنة مداود بهدف إعطاء دفع أكثر لمحاولات الصلح المتكررة والعديدة، وبوساطات داخلية وخارجية، كانت آخرها الوساطة التي قادها فريق من تيار الإخوان في العاصمة البريطانية لندن وأثمرت جلسة مطولة حضرها عبد المجيد مناصرة وعبد القادر بن قرينة عن الجناح الأول وكذا عبد الرزاق مقري وزين الدين طبال عن الجناح الثاني ورفض أبو جرة الالتزام ببنودها. وحسب العارفين بخبايا الصراع داخل حركة حمس، فإن الإشكالية المطروحة حاليا التي تحول دون الوصول إلى نتائج ملموسة، هي تمسك أبو جرة بما يسميه بالشرعية التي اكتسبها منذ المؤتمر الرابع، بينما تطالب جماعة مناصرة بوقف عمليات تجديد الهياكل والاتفاق عليها في إطار صفقة، إضافة إلى استقالة أبي جرة من الحكومة ومراجعة تركيبة كل المؤسسات التي أفرزها المؤتمر الرابع كونه حسبها ''ناقص شرعية''، وهي معادلة تصالحيه صعبة التحقيق في الظرف الحالي خاصة وأن الفريق الآخر يتكلم من زاوية شرعية المؤتمر ويحتمي بها، ويتكلم فقط على الصلح من باب عفا الله عما سلف دون أية تنازلات. وعلى صعيد آخر يجري الحديث حاليا عند جماعة مناصرة التي صعدت من تحركاتها في الآونة الأخيرة عن التحضير لعدة خرجات للضغط على أبي جرة وحمله على الخضوع لمطالبها، خاصة بعد البيان الناري الأخير الذي وقعه 29 نائبا، ونقل الصراع على إثره إلى كتلة الحركة في البرلمان في جولة أخرى ستكون على ما يبدو طويلة وحامية الوطيس.