بتمكن قوات الأمن الجزائرية من القضاء على 185 إرهابي خلال السنة التي تشارف على الانتهاء، تكون بذلك الساحة الأمنية في الجزائر قد أحرزت تقدما ملحوظا من حيث القضاء على عناصر التنظيمات الإرهابية، وبالتالي التقليص من عددها ونشاطها، وهذا استنادا إلى التقارير التي ترد من هنا وهناك، والتي تؤكد أن العنف في الجزائر تراجع إلى أدنى مستوياته منذ 15 سنة، وقد دحضت هذه التقارير التوقعات الأخرى التي قالت إن وتيرة العنف في الجزائر سترتفع خلال سنة .2008 وبحسب إحدى هذه التقارير فإن قوات الأمن تمكنت من القضاء على 185 إرهابي من عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال، خلال العام الحالي، بينهم ثمانية أمراء و15 من رؤوس التنظيم الإرهابي. وأفادت حصيلة أمنية نشرت من قبل مصادر إعلامية، أن عمليات ملاحقة العناصر الإرهابية، تركزت أساسا في ولايات الشرق من البلاد، على غرار جيجل وقسنطينة وباتنة وسكيكدة وبومرداس وتيزي وزو، إلى جانب بعض ولايات الغرب كعين الدفلى وتلمسان وتيبازة. وكشفت الإحصائية أن شهر سبتمبر الماضي شهد القضاء على عشرة من عناصر التنظيم في عملية أمنية بولاية عين الدفلى، كما سجل شهر مارس حصيلة ثقيلة من القتلى في صفوف هذا التنظيم بلغت 22 قتيلا. وأشارت الإحصائية إلى أن من بين أمراء التنظيم الإرهابي الذين تم القضاء عليهم خلال العام الحالي، كلا من حران محمد وشقيقه عبد الجليل اللذين شكلا آخر قلاع تنظيم حماة الجماعة السلفية بولاية تلمسان، وكذلك تاجر محمد المشرف على سرية زموري ولمين شعيب أمير سرية بوغنى بمنطقة القبائل وحلوان عمران أمير سرية الأرقم. وتشير التقارير إلى أن عام 2008 شهد خلال ال 12 شهرا الماضية، نزيفا حادا تجلى عبر تمكن القوى الأمنية من تفكيك كتائب بالكامل على غرار كتائب ''النور'' و''طارق بن زياد'' و''الأرقم'' اللواتي قتل نحو 44 مسلحا من ناشطيها في الفترة ما بين مارس وأوت الماضيين. كما تلقى التنظيم الإرهابي ضربات موجعة في الأشهر الأخيرة على نحو أضعفها بشكل محسوس، رغم تصعيدها الدموي على مستوى مثلث الموت قبل أربعة أشهر ما أدى إلى مقتل 70 مواطنا، خاصة في ظل تأكيدات وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني في نهاية سنة ,2008 أنّ القوى الأمنية قضت على النواة الصلبة في تنظيم الجماعة السلفية مشيرا إلى مصرع قدامى المجموعات الإرهابية في الجزائر، بينما أشارت بيانات غير رسمية إلى مصرع 631 مسلح منذ انقضاء آجال العفو في 31 أوت ,2006 بينهم مجندون أجانب من جنسيات ليبية، تونسية، مالية ونيجرية. وقال زرهوني إنّ قوات الأمن قضت على عدد من قدماء الإرهابيين، لكنه لم يكشف عن أي معلومات بشأن عدد الإرهابيين الذين لقوا مصرعهم، مثلما تحفظ على ذكر أسمائهم، في وقت أشار إلى أنّ هؤلاء مارسوا العنف منذ نحو 16 سنة، وجرى القضاء عليهم بولاية بومرداس، وكذا ولايتي عين الدفلى، ومغنية. ونفى زرهوني ضمنا، ما روّجته صحف محلية مؤخرا عن جرح الأمير الوطني لما يسمى (الجماعة السلفية). ولعلّ أبرز العلامات على تراجع التنظيم، مقتل رقمه الثاني حرّاق زهير المكنّى أبو حيدر بجانب أمراء مناطق الصحراء (أبو الدرداء) والقبائل (لمين شعيب) والوسط ''حلوان عمران'' والشرق ''العتروس''، ناهيك عن ''أبو تراب'' أمير كتيبة (الفاروق)، ومساعده (أسامة أبو إسحاق) مسؤول تجهيز السيارات المفخخة وتفجيرها عن بعد، إضافة إلى مصرع أميرها الجهوي صغير مراد المكنّى (البومبي)، فضلا عن حران محمد المدعو (أبو ليث القعقاع) وشقيقه حران عبد الجليل المكنّى (أبو البراء)، علما أنّه تردّدت أنباء غير مؤكدة عن إصابة زعيمهم عبد الملك درودكدال بجراح قبل أيام فقط. يأتي هذا في ظل إحباط قوات الأمن الوطني لما لا يقل عن 13 هجوما انتحاريا، وعجز الجماعات الإرهابية عن القيام بعدد من التفجيرات، خصوصا داخل محيط العاصمة وعلى طول منطقة القبائل الكبرى. وفي ذات السياق تشير آخر الدراسات الأمريكية التي نشرها مركز مكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية المعروف باسم أكاديمية ''وست بوينت'' العسكرية مؤخرا حول الإرهاب في الجزائر، أن العمليات الإرهابية في الجزائر شهدت تراجعا ملحوظا، فمن 200 عملية إرهابية أحصاها المعهد في السنة الماضية تقلص وتراجع العدد إلى النصف، حيث تم تسجيل 106 هجوم إرهابي هذه السنة، مع ذكر أن العمليات الإرهابية أصبحت تنفذ في نطاق محدودة خاصة في ظل أن الإرهابيين أصبحوا في عزلة متزايدة بسبب المضايقة والمحاصرة الكبيرة من قبل قوات الأمن الجزائرية، حيث انخفضت تلك النطاقات ب 70 بالمائة وهذا بتحسين الإجراءات الأخيرة، إلى جانب ذلك تؤكد نفس الوثيقة أن ذات الجماعات أصبحت تعاني من الضائقة المالية الكبيرة حسب ''روقان'' مؤلف الدراسة الجديدة والباحث في مؤسسة البحوث الدفاعية النرويجية. أما عن العناصر الإرهابية التي بقيت تمارس آخر محاولاتها اليائسة هنا وهناك، فإنها لا تمثل سوى بعض العناصر التي بقيت مجموعات منها من بقايا سنوات التسعينات ولقد أصبحت تبحث اليوم عن الصدى الإعلامي من خلال تنفيذ هجوماتها الإرهابية. من جهة أخرى فقد أصبحت الجماعات الإرهابية تستند في تنفيذ هجماتها الإرهابية على دوافع أخرى لم يعد للدين نصيب فيها، كما كانت تستعمل مختلف البيانات الإرهابية لتبرير القتل بسبب الدين حسب ما كانت تزعم العديد من التنظيمات، لكنها اليوم أصبحت تعتمد على دوافع اقتصادية، وأصبحت تستعمل حواجز الطرق لنهب المال ضف إلى ذلك انتشار ظاهرة الاختطاف طلبا للفدية.