أكد العديد من المختصين في التغذية بالجزائر أن ارتفاع أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار يفرض تغيير النمط الاستهلاكي للأفراد بشكل إجباري، حيث لا يعقل أن يشتري رب الأسرة عدد معينا من الخبز المدعوم من طرف الدولة ليأكل نصفه ويلقي بالباقي في القمامة. ويرى المختصون أن الأسعار الحالية للخبز والتي تتراوح ما بين 5ر7 و5ر8 دينار لا تضم مؤشرات صناعة الخبز وفق أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعته، حيث قدرت نقابة الخبازين سعر الخبزة الواحدة من النوعية الجيدة ب 14 دينارا ومن النوعية العادية ب 12 دينارا ومع تحمل الحكومة لدعمها لمثل هذه المادة الحساسة تصل إلى المواطن في حدود 10 دنانير. وأضاف هؤلاء أن 12 ألف مخبزة على المستوى الوطني ينتج أكثر من 20 مليون خبزة يوميا، ما يعني أن الجزائريين يلتهمون 3ر7 مليار خبزة سنويا فضلا عن المناسبات الدينية والأعياد التي تشهد إعداد صنف معين من الخبز المحسن، وهي الأرقام التي تدعمها هيئات عالمية، باعتبار أن الجزائر هي ثاني بلد عالمي مستورد لمادة القمح، وأول بلد عالمي يدخل الخبز في مختلف وجباته الغذائية، وهو العامل الذي تتعامل معه الحكومة بالحفاظ على دعم هذه المادة التي تدخل في نطاق المواد الأساسية الواسعة الاستهلاك. وترى نقابة الخبازين المنضوية تحت الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين أن الخباز يتكبد خسائر تعود في مجملها إلى ارتفاع أسعار المادة الأولية وفي مقدمتها القمح اللين والصلب بشكل كبير بالإضافة إلى زيادة تكاليف الكهرباء والماء والمازوت. حيث دفعت هذه الأوضاع بالخبازين إلى الغش وسرقة حوالي 70 غراما من أوزان الخبزة الواحدة وإنقاص حجم العجين وتخفيضه إلى 180 غرام عوض الوزن الحقيقي المقدر ب 250 غرام، مع توجيه جزء كبير من المنتوج إلى تجارة الرصيف وإغراقها بأثمان تصل إلى 12 دينارا أحيانا في الفترات المسائية وابتزازا للمواطنين بعدما أصبحت المخابز محلات الجملة لبيع الخبز صباح كل يوم. وتشير دراسة حديثة إلى أن 20 في المائة من الخبز يعتمد في صناعته على الملح غير المعالج المستخرج مباشرة من السبخات بالشطوط، حيت تبين وجود نقص كبير لعنصر اليود خلال تحليل مكوناته، هذا ما يعني أن نحو 46ر1 مليار خبزة تشكل خطرا الإصابة بالغدة الدرقية على مستهلكيها. ويطرح المهتمون بواقع سلوكيات التغذية لدى الأفراد في المجتمع الجزائري تفشي ظاهرة جديدة ودخيلة، تتعلق باقتناء البعض لمادة الخبز بكميات كبيرة ليكون طعاما للماشية والدواجن نظرا لسعره المغرى وغير المكلف مقارنة بأسعار الأعلاف والشعير ومواد التسمين. وأمام هذه الأوضاع والاختلالات تقدمت نقابة الخبازين ببطاقة فنية لوزارة التجارة ورد في مضمونها مراجعة الأسعار، مع الالتزام بمواصفات وأوزان الرغيف الرسمية المتفق عليها في دفاتر الشروط، حتى يتسنى لكل فرد التعامل مع النمط الجديد للخبز والحصول على ما يستهلكه في اليوم الواحد، دون الحاجة لتخزينه لأيام قادمة وليس من العقل شراؤه لإطعام الحيوانات. وتضمن هاتان النقطتان التخفيف بقدر معقول من أزمة الطوابير ونقص المعروض والتهافت على الحصول علي كميات كبيرة من الخبز، فضلا عن تشديد الرقابة على أصحاب المخابز لمنع تهريب الدقيق المدعم لبيعه في السوق الموازية، مع احترام أوقات العمل اليومي لضمان توفر هذه المادة الحيوية على الرفوف طيلة اليوم. وكما لو قام كل مخبزة بإنتاج حصته الكاملة من مادة الفرينة والسميد والالتزام بمواصفات المعمول بها، لن يكون هناك حاجة لاقتناء الزيادة أو البحث من مخبزة لأخرى بل إن الخبز لن يجد من يشتريه، وقد تقوم المخابز بتوصيله إلي المنازل كما كان يحدث في الماضي.