يقول الله تعالى: ''وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيما'' [النساء: 113]. الجهل موت للضمير، وذبح للحياة، ومحق للعمر ''إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين'' [هود: 46]. والعلم نور للبصيرة، وحياة للروح، ووقود للطبع ''أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا'' [الأنعام: 122]. إن السرور والانشراح يأتيان مع العلم؛ لأن العلم عثور على الغامض، وحصول على الضالة، واكتشاف للمستور، والنفس مولعة بمعرفة الجديد، والاطلاع على المستطرف. أما الجهل فهو ملل وحزن؛ لأنه حياة لا جديد فيها ولا طريف، ولا مستعذب، أمس كاليوم، واليوم كالغد. فإن كنت تريد السعادة فاطلب العلم، وابحث عن المعرفة، وحصل الفوائد؛ لتذهب عنك الغموم والهموم والأحزان ''وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْما'' [طه: 114]،'' اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق'' [العلق: 1]، ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين))، ولا يفخر أحد بماله أو بجاهه وهو جاهل صفر من المعرفة؛ فإن حياته ليست تامة، وعمره ليس كاملا ''أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى'' [الرعد: 19]. قال الزمخشري: سهري لتنقيح العلوم ألذ لي *** من وصل غانية وطيب عناق وتمايلي طربا لحل عويصة *** أشهى وأحلى من مدامة ساقي وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من الدوكاء والعشاق وألذ من نقر الفتاة لدفها *** نقري لألقي الرمل عن أوراقي يا من يحاول بالأماني رتبتي *** كم بين مستغل وآخر راقي أأبيت سهران الدجى وتبيته *** نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي ما أشرف المعرفة، وما أفرح النفس بها، وما أثلج الصدر ببردها، وما أرحب الخاطر بنزولها ''أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ'' [محمد: 14].