تغلبت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على خلافاتها، ووافقت على خطة طوارئ بقيمة 500 مليار يورو لإنهاض الاقتصاد الأوروبي المنهار بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد وصفت بأنها الأهم في تاريخ أوروبا. وكابدت دول الاتحاد صعوبات جمة لأسابيع كي تقف صفا واحدا في مواجهة الأزمة، وسط خلافات بشأن الأموال والمعدات الطبية والأدوية والإجراءات على الحدود والقيود التجارية، لتكشف المحادثات المضنية عن خلافات مريرة بين الأعضاء. وأوردت رويترز أن ألمانيا وفرنسا ألقتا بثقلهما لإنهاء معارضة هولندا التي كانت تصر على شروط اقتصادية لتقديم قروض طارئة لحكومات الدول التي تتحمل معظم تداعيات الجائحة، وبعد تطمينات لإيطاليا بأن الاتحاد سيبدي تضامنا أكبر. واتفق وزراء المالية بالدول ال27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على الترحيب بمجموعة من خطط الإنفاق الوطني المنفردة التي تبنتها مختلف دول القارة وبلغت في الإجمال حوالي 3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للاتحاد، أو ما يقرب من 600 مليار يورو. وكان التحدي الذي واجه وزراء المالية الأوروبيين هو وضع خطة لتقاسم العبء بشكل أفضل من دون التأثير سلبا على الأسواق. واقترحت ألمانيا آلية للاستقرار تقوم في جوهرها على صندوق الإنقاذ الذي أنشأته منطقة اليورو عام 2012 خلال أزمة الديون لمساعدة الدول التي تواجه مشاكل في الحصول على تمويل بالأسواق. ويبلغ إجمالي المبلغ الموجود بتصرف آلية الاستقرار الأوروبية حوالي 420 مليار يورو، مشترطا قيام الحكومات المحتاجة بتنفيذ إصلاحات واستقبال المدققين الذين يرسلهم الاتحاد الأوروبي إلى العواصم الوطنية لمراجعة حساباتها. وقاومت إيطاليا وإسبانيا هذا المسار بسبب هذه الشروط التي أصرت هولندا “المتشددة” عليها، لكن وفي نهاية الأمر تم الاتفاق على فتح خطوط ائتمان محدودة لأي دولة تطلبها بشرط إنفاقها فقط على تكاليف مرتبطة “بشكل مباشر وغير مباشر” بمكافحة وباء كورونا. وتم الاتفاق على تعليق أحكام العجز والديون خلال الأزمة، بالإضافة إلى ذلك رفع الحظر المفروض على المساعدات الحكومية، رغم أن الدول الأعضاء التي تعتبر ديونها أكثر أمانا، وعلى رأسها ألمانيا، طالما رفضت تبادل مخاطرها لصالح الدول الأضعف ماليا. وطرح بنك الاستثمار الأوروبي الذي تديره الدول الأعضاء، اقتراحا بإنشاء صندوق ضمان أوروبي يتم دعمه بضمانات من الدول الأعضاء، الأمر الذي سيجعل من الممكن جمع ما يبلغ 200 مليار يورو إضافية، تستهدف بشكل رئيسي الشركات الصغيرة الأوروبية. وتم الاتفاق على الحصول على ضمان على مستوى الاتحاد يمكن أن يجمع 100 مليار يورو لمساعدة أنواع معينة من برامج إعانات البطالة الوطنية مع خسارة الملايين أعمالهم ووظائفهم بسبب الوباء. كما اقترحت المفوضية الأوروبية أيضا استخدام موازنة الاتحاد طويلة الأجل للفترة من 2021 إلى 2027، وهي قيد التفاوض حاليا.