يحتفل الصحفيون اليوم في العالم بالذكرى العشريين لحرية الصحافة تحت شعار "التحدّث بأمان ضمان حرية التعبير في وسائل الإعلام ". وهى المناسبة التي تذكرنا بنضال الصحفيين في مختلف أنحاء العالم من أجل الحرية ومن أجل إعلاء كلمة الحقيقة والتي دفع فيها الصحفيون أثمانا باهظة مقابل أن يعرف الجمهور حقيقة ما يدور حوله من أخبار وأحداث ليكون هو صاحب القرار الأول والأخير في تحديد مصيره. وهو اليوم الذي يجعلنا نفكر في مستقبل الصحافة والصحفي في العالم فمازالت أوضاع الصحفيين سيئة ومازال سيف الحبس على أعناقهم ومازالت السرية مفروضة على كل المعلومات رغم ارتفاع حالة النقد للمسئولين والسياسيين وتدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ولم يبال بعضهم بالثمن الذي دفعه سواء حبس أو قطع عيشهم أو قتل موهبته إلا أنهم أصروا على استكمال مسيرة التصدي للفساد وفضحوا انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب البشع في أقسام الشرطة وغيرها والآن تعيش الصحافة معضلة كبرى تتمثل في المقص أو بالأحرى قبعها تحت مظلة الرقابة . الصحافة تمر بمرحلة من التخبط فالصحافة تمر بمرحلة من التخبط بسبب عدم وضوح الرؤية السياسية والتناقضات الاجتماعية التي تنعكس بالتالي على أداء الصحفيين والصحافة، ويمثل هذا اليوم موعد للاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة في العالم، ، وتكريم الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارسة مهنتهم وقدموا أغلى وأقدس ما يملكون من أجل إيصال رسالة الحقيقة . وقد سجلت العديد من المناطق عبر العالم خاصة تلك التي تعرف نزاعات وصراعات مسلحة، تجاوزات خطيرة استهدفت حياة صحافيات وصحفيين ، خصوصا في بلداننا العربية التي تعيش توترات وتحولات سياسية فيما اصطلح بالربيع العربي الذي راح ضحيته عدد كبير من الصحفيين حيث كشف تقرير صادر عن منظمة مراسلون بلا حدود أن الأعوام الثلاث الأخيرة شكلت الاعتداءات الأكثر جسامةً في حق الصحفيين . إذ تشير إحصائيات المنظمات المدافعة عن الصحفيين منها مراسلون وصحفيون بلا حدود و اليونسكو إلى أنّ صحفيا يُقتَل كل أسبوع في إطار تأدية وظيفته. وتسيء مثل هذه الحصيلة إلى حرية الصحافة التي حملت هذا العام عنوان "التحدّث بأمان ضمان حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام". مقتل 600 صحفي في 10 سنوات وقد قُتل أكثر من 600 صحفي في العالم خلال السنوات العشرة الأخيرة الماضية. وفي عام 2012 من دون سواه، دانت اليونسكو مقتل 121 صحفيا وإعلاميا. فأصبح بالتالي ضمان سلامة الصحفيين مسألة ملحة. ووجد التقرير ، الذي صدر بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لبدء الحرب على العراق ، أن 150 صحفيا و54 فردا من العاملين المساعدين للإعلاميين مثل السائقين والمترجمين والحراس . ويؤكد تقرير لجنة حماية الصحفيين أن عدد الضحايا يتخطى بكثير وفيات الصحفيين في الحروب السابقة ، مشيرا إلى أن 68 صحفيا قتلوا في الحرب العالمية الثانية و66 صحفيا في حرب فيتنام وفي مقارنة أخرى ، ذكر التقرير أن 92 صحفيا لقوا حتفهم في عمليات اغتيال بدلا من العمليات العسكرية. وأشار إلى أن الصحفيين الذين قتلوا في عمليات اغتيال كان معظمهم يعمل مع القوات الأمريكية أو مع وسائل إعلام غربية وأضاف أن 110 صحفيين و47 شخصا يعملون في الإعلام قتلوا في العراق . صحفيون قتلوا دون معاقبة الفاعلين ويؤكد التقرير أنه لم يتم محاكمة أي فرد بمسؤولية قتل الصحفيين. ومعظم الصحفيين وجميع المساعدين ماعدا واحد الذين قتلوا من العراق ، ومن بينهم أطوار بهجت وهي مراسلة لقناة العربية الإخبارية ، التي تم اختطافها وتعذيبها. ولتحديد المخاطر المتزايدة، فإن نسخة عام 2013 من تقرير اللجنة تضع قائمة مخاطر جديد تشتمل على 10 أماكن وثقت فيها اللجنة أبرز الاتجاهات التى شهدت انخفاضا فى حرية الصحافة فى عام 2012، وارتفاع معدلات القتل والإفلات من العقاب فى باكستان والصومال والبرازيل، استخدام القوانين القمعية لإسكات المعارضة في الإكوادور وتركيا وروسيا، سجن عدد كبير من الصحفيين في اتهامات عداء للدولة لإحباط النقد في إثيوبيا وتركيا وفيتنام وإيران وسوريا، وأخيرا ارتفاع معدلات الوفاة في سوريا التي يواجه فيها الصحفيون مخاطر متعددة من كل أطراف الصراع قالت رابطة الصحفيين السوريين أن "تسعة صحفيين ونشطاء إعلاميين قتلوا في سوريا خلال شهر "أوت " الماضي في حصيلة هي الأعنف منذ بداية الثورة السورية". وحسب لجنة الحريات الصحفية في الرابطة المكونة من صحفيين سوريين مستقلين، فإن الضحايا من الإعلاميين خلال الشهر الماضي، يرفع "حصيلة ضحايا الثورة السورية من الصحفيين والصحفيين المواطنين والنشطاء الإعلاميين إلى 65 إعلامياً" وفق بيان صادر عنها. وتابع البيان "لقد وثقت لجنة الحريات الصحفية مقتل تسعة إعلاميين منهم الصحفي براء يوسف البوشي، الذي مات متأثراً بجراحه بعد تعرضه لإصابة بالغة جراء قصف منطقة التل بريف دمشق. البوشي الذي ينتمي إلى مدينة حماة، كان ملازماً مجنداً انشق عن الجيش النظامي، وانضم إلى الجيش السوري الحر، وعمل إضافة إلى ذلك صحفياً ميدانياً، وناطقاً إعلاميا للجيش الحر على العديد من الفضائيات، كما وعمل قبل الثورة في موقع سوريا نيوز الإخباري" كما "قتلت الصحفية اليابانية ميكا ياماموتو جراء قصف عنيف على حي سليمان الحلبي في مدينة حلب. حيث كانت ياماموتو تقوم بتغطية الأحداث لصالح إحدى المؤسسات الإعلامية اليابانية" و "قتلت قوات النظام السوري الصحفي في جريدة تشرين الحكومية مصعب محمد سعيد العودة الله، رمياً بالرصاص بعد مداهمة منزله في منطقة نهر عيشة في دمشق" حسب تعبيره. وخلص البيان إلى القول "إن رابطة الصحفيين السوريين، تدين وتستنكر استمرار استهداف النظام السوري الصحفيين والنشطاء الإعلاميين، ومراسلي الثورة. الذين ينقلون حقيقة الأحداث التي تدور في سورية. وترى بأن قتل الصحفيين ليس إلا وسيلة لكتم وتعتيم ما يجري من مجازر بحق السوريين ومنع إيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي. حيث ما تزال البلاد مغلقة في وجه الصحافة العربية والدولية" في مطالبة هيئات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التدخل لحماية الشعب السوري، وحماية صحفيي ومراسلي الثورة والعاملين في المجال الإعلامي، الذين هم أعين الحقيقة حيث يخاطرون بحياتهم من أجل نقل أخبار الثورة السورية والشعب السوري إلى العالم كله" على حد قول وثقت لجنة الحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين المعارضة لنظام الأسد استشهاد 18 صحفياً وناشطاً إعلامياً في شهر جانفي ، ليرتفع بذلك ضحايا الإعلام في سوريا إلى 127 قتيلا منذ مارس 2011، في حصيلة هي الأعنف بحق العاملين في مجال الإعلام منذ بداية الثورة السورية وكانت لجنة الحريات في رابطة الصحفيين السوريين المعنية برصد وتوثيق الانتهاكات بحق الصحفيين والنشطاء الإعلاميين في سوريا وثقت أيضاً مقتل ثمانية نشطاء إعلاميين في شهر ديسمبر 2012. لتبلغ حصيلة القتلى من الصحفيين والنشطاء الإعلاميين خلال الشهرين الأخيرين. ومن بين القتلى الصحفي البلجيكي إيف ديباي الذي قضى برصاص قناص كان متمركزاً على مبنى السجن المركزي في حلب بتاريخ 17 جانفي وكان ديباي يغطي الأحداث لصالح عدة مؤسسات إعلامية ناطقة بالفرنسية. وقام ديباي بتغطية عدة مناطق ساخنة حول العالم، مثل الحرب الأهلية اللبنانية، وحرب الخليج الثانية، والحرب في يوغسلافيا، والحرب في أفغانستان. كما قتل محمد المسالمة (الحوراني) بثلاث رصاصات من قبل قناص في مدينة درعا ، وقد نعت قناة الجزيرة الحوراني كمراسل متعاون معها، وأشادت بالتغطية المهنية التي تميز بها، حيث إنه عمل مع الجزيرة منذ أكثر من عام، وعرف بشجاعته ودقته في نقل الأخبار التي كان يغطيها تغطية حية من منطقة درعا وريفها. وأعربت المديرة العامة لليونسكو، ايرينا بوكوفا، ، عن قلقها الشديد حيال استمرار جرائم قتل الصحفيين السوريين. قائلة أن عدد الصحفيين المقتولين في سوريا خلال سنة 2012 فاق أي بلد آخر. "أذهلتني حصيلة قتلى الصحفيين السوريين، و أنادي المعنيين بالأمر باحترام واجب الصحفي في إعلام الناس حتى في وسط النزاعات. أنني أكرر ندائي للمعنيين بالأمر من اجل احترام الصفة المدنية للصحفيين والسماح لهم بالاستفادة من حقهم الأساسي في التعبير بحرية، انسجاما مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأمام هذه التنديدات لا تزال المنظمات غير قادرة على الدفاع عن الصحفيين في الحروب والنزاعات ما يجعلها أمام تحديات كبيرة لحماية مصدر الحقيقة الذي كرس حياته في نقل المعلومة لتصل للمتلقي ويتفاعل معها.