قال الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ناصر أن ارتفاع أسعار القمح عالميا بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا لن يؤثر على الجزائر من حيث الكمية، باعتبار أنها تعتمد في وارداتها من القمح على دول أوروبا وكذا كندا والأرجنتين، لكن دولتي روسياوأوكرانيا توفران معا ما يقارب ثلث احتياجات العالم من هذه المادة الاستراتيجية، وبالتالي الجزائر ستتأثر سلبا من ناحية الأسعار التي شهدت ارتفاعا قياسيا لم يشهده العالم منذ سنة 2008. وأفاد الدكتور ناصر، في تصريح خص به "الاتحاد" أمس السبت، أن الجزائر حققت شبه اكتفاء ذاتي فيما يتعلق بمادة القمح الصلب لكنها لا تزال تعتمد على الاستيراد لتلبية حاجياتها من مادة القمح الليّن الذي يلقى استهلاكا واسعا لدى الجزائريين. وفي هذا الشأن، تحدث الخبير في الاقتصاد عن وجود بدائل مطروحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية تفاديّا لحدوث أي أزمة في التموين مستقبلا، داعيا في هذا الصدد إلى تكاتف الجهود لتوسيع المساحات الزراعية الخاصة بمادة القمح بنوعيه الصلب والليّن، إضافة إلى العمل الجاد لزيادة مردودية الهكتار الواحد لأن مردودية الهكتار في الجزائر مقارنة بدول أخرى لاتزال ضعيفة جدا، خاصة وأن هناك إمكانية لرفعها من خلال استخدام التقنيات والوسائل الحديثة على غرار الأسمدة وما إلى ذلك. "استقرار المسؤولين مهم لترقية الفلاحة ورفع مخزون القمح" وفي حديثه عن وجود إرادة سياسية حقيقية للنهوض بقطاع الفلاحة في الجزائر، خاصة فيما تعلق بتوسيع مساحات زراعة القمح، قال الخبير الاقتصادي أن الإرادة السياسية موجودة، لكن هناك جملة من المعوّقات التي تحول دون تجسيد البدائل المطروحة على أرض الواقع، بداية بعدم استقرار المسؤولين في مناصبهم. وفي هذا الإطار، قال المتحدث أن وجود رغبة حقيقية لدى أصحاب القرار في التخلص من الاعتماد على الريع البترولي من خلال التركيز على ترقية وتطوير القطاعات الاستراتيجية على غرار قطاعي الفلاحة والصناعة يقتضي بالضرورة منح الفرصة والوقت الكافي لمسؤولي هذه القطاعات الحيوية لوضع بصمتهم الخاصة وتقديم الإضافة النوعية لهذه القطاعات. تجدر الإشارة إلى أن وزير الفلاحة محمد عبد الحفيظ هني، أكدّ في وقت سابق بأنّ لدى الجزائر مخزونا كافيا من الحبوب حتى نهاية العام الجاري، قائلا: "إنّ الجزائر اتخذت كافة احتياطاتها لضمان تغطية السوق الوطنية وتلبية كافة احتياجات المواطنين من الحبوب". يذكر أن أسعار القمح ارتفعت إلى مستويات قياسية هي الأعلى منذ أزمة الغذاء العالمية في عام 2008، بعد أن عطلت الحرب الروسية المتصاعدة في أوكرانيا الإمدادات من أكبر الموردين في العالم، ومن المقرر أن تمنع زراعة المحاصيل هذا العام، ما يدعم التوقعات باستمرار ارتفاع الأسعار عالميًا، وفقًا لمجلة فوربس الاقتصادية.