فنانون: لماذا فشلنا في محاربة الأغاني الهابطة نقاد: الأغاني الهابطة انعكاس لغياب المهنية توشك الأغنية القديمة أن تتحول إلى تراث أو أنماط كلاسيكية بعد عصر ذهبي طغت عليه أغاني المطربين العظام وأبرزهم وردة الجزائرية، الحاج العنقى، الهاشمي قروابي، سمير السطايفي، آكلي يحياتن، كمال مسعودي وصاغت وشكلت وجدان الجزائريين وحافظت على أذواقهم عبر كلمات نقية صافية استطاعت ولوج كافة البيوت الجزائرية وان تجمع كافة الأفراد لسماعها، لكن اليوم تواجه بعض الأغاني انتقادات كثيرة مردها تفاهة المواضيع التي تطرحها أو الايحاءات الجريئة والغرائزية التي تتضمنها، لكنها تستقطب في الوقت ذاته شرائح كبيرة من الجمهور، نظرا لسهولة حفظها ولعبها على الكلام المبطن، فبات ظاهرة غريبة أخذت في الانتشار كالسرطان بين خلال الفترة الماضية، وسميت بالأغاني الهابطة، أو عنكبوت الغناء الهابط لا يزال ينسج شباكه القميئة حول مكتسباتنا الغنائية لا تحمل كلمات شعرية مرغوبة وانتشرت بصورة واسعة ففسحت مجالا تتبارى فيه الألسن والأقلام إلى جملة من النتائج، طعن بعضها في الواقع الاجتماعي الذي أفرز هذا الواقع الغنائي، فيما تلطف البعض وأرقده على وسادة انتهاء عصر العمالقة.. وآخرون بين هذا وذاك.. وخلق صراع بين القديم والحديث تستخدم فيه كل أسلحة المعارك الثقافية، وفي ظل سيادة هذه الفوضى الغنائية الركيكة لحنا وكلماتٍ على الساحة الفنية، وتسلق الكثير من الهواة جدران مشهدنا الغنائي، ليعيثوا فيه فسادا وإفسادا من قبيح الكلمات وغث الألحان، هل ماتت الأغنية الجزائرية النقية الأصيلة... وعاش الغناء الهابط! أم أن العكس صحيح؟ روبورتاج: ي. مغراوي ظاهرة التدهور المريع والهبوط الإضطراري والتشويه المتعمد للكثير من الأعمال الغنائية الخالدة، جعل الجدل مثارا.. والأسئلة لم تنته بعد.. والسحب تنذر بأقاويل شتى.. لقاء النصوص الغنائية الحالية، فبعض الشعراء الحاليين يفصلون مقاماتهم الشعرية وفقا لمتطلبات شركات الإنتاج الفني، تحت عبارة «المارشي واش يحب»، فيقسمون أشعارهم حسب «العداد» بين غزل تقليدي بارد، ونرجسية مفتعلة، ومنهم من يكرر المفردات العصرية الرقيقة دون أن تحمل دلالات عميقة أو صور جميلة، ومنهم -وهم الأكثر الآن- من يدعي العصرنة والتطور، حيث يحاول أن يدحرج الشعر إلى الشارع، بكتابة عبارات سطحية من الحياة اليومية،إضافة إلى أنصاف موهوبين، وأرباع مثقفين يمضغون الكلمات» الشعرية ويجترونها، الاكتظاظ الهائل في الساحة الشعرية الغنائية اليوم بأسماء ينظر إلى أصحابها على أنهم نجوم بارزة، وأسماء مهمة، وسموات تومض وتخبو كلما لفحتها رياح النقد والتمحيص.. وباء نشره أُناس مجهولون واتهم مطربون وملحنون تحدثوا إلى الاتحاد تلك النوعية من الأغاني التي في الغالب يقدمها أُناس مجهولون، وقالوا إنها انتشرت كالوباء بين أفراد المجتمع، محذرين من عواقب كارثية على ثقافة المجتمع وعاداته وقيمه، خاصة بين أوساط الشباب، لاسيما وأن هذه النوعية من الأغاني تفتقد لأدنى قواعد الذوق والأدب، وتعج كلماتها بالمعاني التي تصدم أذن المواطن في الشارع ووسائل المواصلات، والفضائيات، دون مراعاة خطورة ذلك على النشء الجديد، وثقافة الأجيال المقبلة،وقد فشل المختصين في تفسير سبب انتشار هذا النمط من الأغاني الهابطة بين الشباب بشكل يضر بالذوق العام لدي المستمع ويؤثر في سلوكيات الشباب، لأن معظم هذه الأغاني تدعو للسلبيات من مخدرات وعلاقات جنسية وغيرها من السلوكيات المرفوضة. إلى متى سيظل هذا الإنحراف السلوكي الذي يدمر المرأة فيما قالت فوزية أن ما يحدث الآن في الأغاني الدارجة في الساحة الغنائية ما هو إلا لهو تدنى للمستوى الأخلاقي كما أنه يهبط بمستوى المرأة وبكيانها وإحترامها إلى الدرك الأسفل، فهل هذه هي المرأة التي كان يكتب فيها الأشعار ويتغنى لها الشعراء بأبلغ الجمل والكلمات عبر غزل عفيف يملؤه الحب والرومانسية والاحترام؟؟؟ ما يحدث الآن في الأغاني الهابطة هو سب صريح للمرأة فقد تحتوى الأغاني اليوم (التي لا ينبغي تسميتها بذلك لأنها ماهي إلا هراء لبعض المؤديين عديمى الأخلاق) على الألفاظ الصريحة التي تخدش بحياء المرأة كما تفقدها إحترامها فإلى متى سيظل هذا الإنحراف السلوكي الذي يدمر المرأةوأي طريق يسلكه هذا الشباب الذي إنصب على البذاءة والانحطاط وينهل منهما أكثر مما ينهل من العلم؟؟؟؟؟ لكل أغنية هابطة هناك متذوق هابط أما سليمان فقد اكتفي بقوله أن لكل أغنية هابطة هناك متذوق هابط وأن اللافت في هذه المعادلة أن المغنين الصاعدين هم المتهمون بالترويج لهذا النوع من الأغاني التي ترافق انطلاقتهم الفنية، وكأنهم يسعون إلى لفت الانظار من خلال الكلمة التافهة والمعنى السخيف، مضيفا: هدف هؤلاء تسلق سلم الشهرة بسرعة كما يخيل إليهم. الهجوم علي هذه الأغاني هو تعسف واضح وغير مبرر فيما دافع العشريني ميمو على هذا الذي سماه هو فن أرقى عن أي فن مضى قائلا: إن هذا الهجوم علي هذه الأغاني هو تعسف واضح وغير مبرر، لأن بالنظر من الزاوية الأخرى التي لا يتحدث عنها الناس نجد ان هذه الأغاني خرجت من داخل المجتمع وليس بها أي هبوط في المفردة بل العكس فهي توضح أو تصور حالة الشخص الذي كتب هذه المفردات، فالكتابة هي تعبير أو تصوير حالة يعجز فيها الكاتب أو يجد الوسيلة الوحيدة أو المتنفس الوحيد له عن طريق القلم والورق، فمن الظلم أن تحارب هذه الحالة أو الكلمة وتلقي اللوم عليها. أغان مصيرها التبخر بكل ما احتوته من كلمات ومغن دون أن تترك أثرا لكن بعض النقاد أرجعوا كثيرا من الإحباطات أدت إلى رواج هذا النوع من الغناء الهابط، مما أدى إلى انتشارها ورواجها بين فئات المجتمع، ولكنهم أكدوا أن سرعان ما تتبخر هذه الأغنية بكل ما احتوته من كلمات ومغن دون أن تترك أثرا أو ترسخ معني يستفاد منه أو قيمة يستند إليها، أما الفن الذي يتأسس من قيم جمالية أساسية مؤثرة، في الكلام الشعري الراقي والصوت القادر الجميل و العذب، واللحن العالي القيم والمؤثر والذي ينتقل بالكلام والصوت إلى القلوب فيظل راسخا ومتداولا ولا ينقطع الناس عن ترداده ولم مضى على تلك الأغنية خمسون عاما، ومثالا على ذلك أغنية يا الرايح للمرحوم دحمان الحراشي، والشمعة للراحل كمال مسعودي، والورقة لقروابي... وغيرها من الروائع الغنائية التي لا تزال ساطعة في سماء الفن.. من سيخلف عمالقة الطرب الأصيل والفن الراقي والجدل لا يزال مستمرا ولم يتوصل إلى اي اجابات لتساؤلات كثيرة ذات أهمية حيوية وحاسمة، لعل أبرزها: لماذا لا تزال أماكن عباقرة الغناء والموسيقى في أوطاننا شاغرة بعد مرور سنوات عدة على رحيلهم؟ من خلف أو سيخلف العنقى وقروابي وأحمد وهبي؟ من يستطيع ان يحل محل وردة وبلاوي الهواري؟ ومن يملأ الفراغ الذي تركه رحيل سمير السطايفي وعيسى الجرموني؟ ومن سيجعل علم الأغنية القبائلية يرفرف عبر العالم كما يفعل إيدير؟ وبين قبول بعض شرائح المجتمع لهذا الغناء والرفض الشعبي والرسمي، يواصل الغناء الهابط انتشاره في الشارع، حاملا معه فيروس الكلمات التي تفتقد قواعد الذوق والأخلاق، ويعج بالإيحاءات التي تخدش الحياء وتصدم أذن المواطن في الشارع ووسائل المواصلات والقنوات الفضائية.