حلقت الفرقة العراقية "طيور دجلة" عاليا في سماء المسرح الجهوي لقسنطينة من المهرجان الدولي السادس للمالوف حاملة الجمهور في رحلة حميمية مع موسيقى التراث العراقي العريق. و قد استهلت هذه الفرقة التي جاءت من ضفاف نهر دجلة بقيادة المايسترو علاء مجيد الحفل الساهر بتأدية مجموعة من الأغاني العراقية الأكثر شهرة منذ 1930 إلى غاية 1940 و المستمدة من رصيد ناظم الغزالي وعفيفة اسكندر اللذين يعدان اثنين من أكبر الأسماء الموسيقية في بلاد الرافدين. و أعادت ال22 مغنية اللواتي تتألف منها فرقة "طيور دجلة" أغاني "أقدم لك هدية" و سلام عيون" و " شاطئ دجلة" و اللواتي رافقهن عزف على آلات العود و القانون والكمان. و قد أدت المغنية ليلى خلف أغنية "ادلل علي" منفردة كتكريم و إشادة بالفنان ناظم الغزالي فيما غنت حنان علي أغنية من الفلكلور العراقي صفق لها الجمهور كثيرا. و قبل تأدية كل أغنية كانت إحدى عضوات الفرقة تحرص في كل مرة على شرح أصول الموسيقى العراقية للجمهور و كذا "المقام العراقي" الذي يعد واحدا من الألوان الموسيقية الأكثر شعبية في العراق. للإشارة فإن فرقة "طيور دجلة" تأسست في 2008 و تقيم عضواتها في السويد في "محاولة لإحياء تراث غني وثقافة عريقة" حسب ما أكدته سهير بهناوي رئيسة الفرقة. و أضافت ذات المتحدثة أن الفكرة في البداية كانت إنشاء مجموعة وكذا استعادة التراث الغني للأغنية العراقية مضيفة "نحن نريد التغلب على النسيان وإرسال رسالة للقول بأن العراق ليس فقط تلك الصور التي تنقل عبر وسائل الإعلام إنما هو أيضا بلد وحضارة عريقة ". و من جهته أكد الأكاديمي و قائد أوركسترا الفرقة علاء مجيد أن سيدات فرقة "طيور دجلة" يملكن حبا حقيقيا للموروث الموسيقي العراقي و ينهلن منه مجموعة كبيرة من أغانيهن وأنه عمل على "صنع هذا الحب و على الجمع بين الجانب الأكاديمي للموسيقى من أجل تمثيل أحسن ". و تشق فرقة "طيور دجلة" طريقها مدعومة بالتواجد الكبير للجالية العراقية بالسويد و تصر على أن تحكي عن بلدها العراق من خلال مختلف ألوانه الموسيقية الغنية و الجميلة. "طيور دجلة" أو أجواء المقام العراقي عبر... بلد السويد نقلت المجموعة الصوتية النسائية العراقية "طيور دجلة" الجمهور الذي حضر إلى المسرح الجهوي لقسنطينة إلى الأجواء العذبة التي تحن إلى المقام العراقي و الموسيقى التراثية لبلاد الرافدين عبر...بلد السويد. فهذا الكورال الذي يتألف من 24 امرأة إضافة إلى رئيس الأوركسترا الأستاذ المايسترو علاء مجيد في الواقع هم مغتربون عراقيون يقيمون بهذا البلد الاسكندنافي. و قد تأسست به عام 2008 هذه المجموعة الموسيقية .و يمكن حتى القول لم يسبق لها مثيل. و كان العرض المقدم سهرة الاثنين على ركح المسرح الجهوي لقسنطينة تزامنا والحفل الثالث من المهرجان الدولي السادس للمالوف حقا ناجحا بكل المقاييس و تمكن من تقديم لحظات موسيقية رائعة و أصيلة للجمهور و هي الخبرة التي لعبت دورها و جعلت الحفل الموسيقي لهذه المجموعة مؤثرا و رائعا وملفتا. ومن سيدات المجموعة الصوتية "كوريست" من تؤدين منفردات بتمكن و حس كبيرين مقاطع من التراث الموسيقي العراقي علما أنه لم تكن في الواقع أية قاعدة في الغناء أو الموسيقى. فهن مدفوعات بحب الوطن و متشوقات لإظهار للشعب السويدي وللعالم بصفة عامة صورة أخرى عن العراق غير تلك التي تظهر الدمار و الخراب و العنف التي صارت تنقلها وسائل الإعلام في الأعوام الأخيرة حول هذا البلد الجريح المتألم و المشتت بسبب الحرب. وقررت هذه المجموعة من السيدات العراقيات المقيمات بالسويد المبادرة بإنشاء هذه المجموعة الصوتية. و تقول السيدة عيدان بسعد باعثة هذا الكورال و التي عاشت بداية سنوات التسعينات في المدينةالجزائريةباتنة و أنجبت بها مولودها الأول: " نحن نريد أن نقول لكل من لديه نزعة أو ميول للنسيان أن أرض العراق عرفت ميلاد واحدة من أعرق الحضارات (...) و إن أراد دليلا عليه السماع لموسيقاها التي هي روح الشعوب بامتياز و سيكتشف بأنها عذبة جدا و أنها تغني للحب و السلام و حب الحياة". ومن أجل ضمان تعليم نوعي للمجموعة تم استدعاء الموسيقار الكبير علاء مجيد الذي لم تثبط عزيمته كبر حجم المسؤولية التي ألقيت على عاتقه و هي جعل هذه المجموعة من السيدات اللواتي ليست لديهن معرفة مسبقة بالموسيقى و الغناء "فنانات يغنين بطريقة صحيحة و بتناغم و بإيقاع و بإحساس مشترك". و قد نجح الحفل الغنائي من خلال العرض المقدم ليلة الاثنين على مسرح قسنطينة و تم بلوغ الهدف المنشود و بطريقة جيدة باستحضار "بكثير من الإحساس" أجواء المقام العراقي و مغنيه الرموز خاصة الفنان الكبير ناظم الغزالي و الذي تمت إعادة عدد كبير من أغانيه في شكل كورال و بصورة منفردة إضافة إلى الإيماءات والتمايل الرائع المصاحب لأغاني بلدان الخليج. و قد تمكنت سيدات المجموعة الصوتية ل "طيور دجلة" من أداء الأغاني بإحساس حقيقي للناس أوصل للجمهور موروثه الغنائي و تقاسموه معهن و أحبوه. و بعد أن نجح في إيجاد السجل لأصوات يمكنها الغناء بكل إحكام و إحساس ومع صعوبة إيجاد الأداء الصوتي الإستثنائي دعا علاء مجيد الموسيقيين العراقيين المعروفين الذين التقى بهم في بلدان مختلفة لتشكيل أوركسترا ترافق المجموعة الصوتية خلال الحفلات الموسيقية. و هذا ما ينطبق على الحفل الموسيقي بقسنطينة الذي تتألف فيه الأوركسترا من موسيقيين من فرقة الفنان كاظم الساهر و هم من هولندا و أبو ظبي وبلدان أخرى. و أوضح المايسترو: " بما أن الأمر يتعلق بالأغنية التراثية المعروفة لدى كل الموسيقيين العراقيين المحترمين فنحن لسنا بحاجة إلا لساعات قليلة من الإعادة لإضفاء التناسق بين أعضاء فرقتنا و ضبط آلات الكمان". و علاوة عن إنشاء الكورال النسوي "طيور دجلة" المجموعة الموسيقية الناجحة التي دعيت لكثير من المهرجانات يأمل علاء مجيد تحقيق طموحات أخرى أكبر للفرقة و يهدف لتجاوز السرعة العالية لبعث الأصوات الجديدة و لم لا جعلها تغني مع الأوركسترا السمفونية للسويد. ومن أجل التذكير بالطابع النضالي للمجموعة اختتم العرض على ركح مسرح قسنطينة بكوكتيل غنائي يمزج بين كل الأنواع الموسيقية الكبيرة من مختلف الأجناس العرقية العراقية و ينتقل الكورال بحيوية و نشاط و عذوبة بين نوع وآخر و هي طريقة ترمز للوحدة في التنوع في العراق و بالقول أن هذا التنوع بعيد من أن يكون سببا للنزاع بل هو في الواقع سبب للغنى و الفخر. و من حسن الحظ تتواجد الجزائر في هذه المجموعة الصوتية الأصلية من خلال السيدة دليلة بن وطاف و هي جزائرية من قسنطينة متزوجة من عراقي و هو عضو بهذه الفرقة و تعمل كمصممة لملابس نساء الفرقة. فملابس المجموعة الصوتية هي عبارة عن فساتين طويلة بالحرير الأسود تظهر مختلف رموز حضارة بلاد الرافدين و التي طرزت و أخيطت بيد السيدة دليلة بن وطاف. و تعتبر هذه الملابس وسيلة اتصال موضوعة من طرف "طيور دجلة" لتثمين الموروث الحضاري لبلدهم و التعريف به.