أكد الوزير الأول عبد المجيد تبون الجمعة أن مخطط عمل الحكومة يهدف إلى تغيير النمط الاقتصادي تماشيا و متطلبات المرحلة الحالية دون الإخلال أو التخلي عن المكاسب الاجتماعية المحققة لضمان انتقال مرن نحو منظومة اقتصادية عصرية تتحرر تدريجيا من التبعية للمحروقات. وأوضح الوزير الأول خلال تدخله في جلسة علنية بمقر المجلس الشعبي الوطني خصصت للرد على انشغالات النواب عقب عرض مخطط عمل الحكومة للمناقشة على مدار أربعة أيام أن الانشغال الأساسي للجهاز التنفيذي حاليا يكمن في "البحث عن الحلول الكفيلة بالحفاظ على التوازنات المالية الكبرى تفاديا للجوء إلى للاستدانة الخارجية و تعزيز التماسك الاجتماعي و استتباب الأمن و الاستقرار ". و اعتبر تبون أن "المشكل لا يكمن أبدا في نقص في الموارد المالية بل المرحلة تقتضي ترتيب الأولويات موضحا أنه سيتم إعادة تقييم و تقويم للمشاريع التي كانت محل تأجيل أو تجميد مع رفع المخصصات المالية للبرامج القطاعية بما يسمح بإطلاق ورشات جديدة" و مبرزا أن الانتقال من نمط اقتصادي إلى آخر "استغرق جيلا أو أكثر في بلدان أخرى و بالتالي سيتم العمل على تحول اقتصادي تدريجي في المرحلة الحالية". و أضاف تبون أن مصالحه ستعكف عما قريب على "ترجمة مختلف محاور مخطط عمل الحكومة إلى برامج قطاعية مشفوعة بآجال زمنية محددة و مخصصاتها المالية للتنفيذ موضحا أن مشروع قانون المالية ل 2018 سيرفع من الغلاف المالي المخصص لإطلاق العديد من المشاريع الاقتصادية و التنموية عبر كامل التراب الوطني. و في هذا الصدد كشف تبون أنه تم في 2017 تخصيص 70 مليار دينار لتمويل برامج الجماعات المحلية في مختلف المجالات التنموية مع التركيز على دعم و تعزيز المشاريع الجوارية سيما في المناطق المعزولة و الحدودية . و في المجال المالي و النقدي قال تبون "سنعمل على ضمان تحكم اكبر و أنجع في الموارد المالية خصوصا احتياطي الصرف و نسبة التضخم و إصلاح المنظومة الجبائية لأنها أساس التنمية و ذلك من خلال توسيع الوعاء الضريبي و رفع الرسوم على المنتجات الكمالية و العمل على إعفاء ضريبي اكبر و أوسع لمحدودي الدخل حفاظا على قدرتهم الشرائية بينما ستشدد الحكومة من إجراءاتها الضريبية على أصحاب الثروات الضخمة" . كما جدد الوزير الأول حرص الحكومة على العمل على "تجنيد الموارد المالية الداخلية و استقطاب أموال الادخار الداخلي إلى الدوائر البنكية الرسمية دون اللجوء إلى الاستدانة الخارجية أو الإنتاج النقدي المفرط". و في سياق ذي صلة أوضح تبون أن تحقيق تحول اقتصادي نوعي يقتضي دعم نسيج المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و مرافقتها عبر جميع مراحل تطورها لأنها ركيزة الأساسية لتنويع الاقتصاد المستحدث للثروة و مناصب الشغل. و في هذا الصدد قال تبون إن 85 بالمائة من أصحاب المؤسسات الصغيرة و المتوسطة المنشأة في إطار برامج "الأونساج" يسددون ديونهم و أن "الحكومة ستتكفل بالشباب الذين يعانون من مشاكل في التسديد دون اتهامهم بتبذير المال العام" مشيرا إلى أن هذه المؤسسات الشبانية ستكون لها الأولوية في المشاريع الوطنية قبل اللجوء إلى خدمات المؤسسات الأجنبية . من جهة أخرى أبرز الوزير الأول حرص الحكومة على مكافحة الغش و المضاربة خصوصا في مجال العقار الصناعي في هذا السياق أوضح المتحدث أن الحكومة ستقوم عما قريب "بإحصاء شامل و دقيق للوعاء العقاري الصناعي لتحديد الفضاءات غير المستغلة" مبديا عزم الحكومة على الانطلاق في "القريب العاجل" في استحداث مناطق نشاط ستوجه خصيصا للشباب المستثمر و ذلك عبر العديد من الولايات. و اعتبر الوزير الأول أن القطاع الفلاحي ممكن أن يكون مصدر مهم للعملة الصعبة و قاطرة أمامية للنمو من خلال دعم قدراته التصديرية مؤكدا أن القطاع يحقق نسبة نمو سنوية تناهز 8 بالمائة و أن ايراداته فاقت 30 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية كذلك الأمر بالنسبة للقطاع السياحي الذي ما يزال غير مستغل برغم حيازته على إمكانيات كبيرة للإقلاع حسبه. في هذا الصدد قال تبون إن الحكومة تولي أهمية كبيرة للقطاع السياحي من خلال سعيها إلى إقرار حزمة من التدابير و الإجراءات لتحفيز المستثمرين لإطلاق مشاريعهم . و بخصوص قطاع السكن قال تبون إن الحكومة ستواصل دعم السكن بمختلف صيغه و أنه لا تنازل البتة عن هذا التوجه بما يضمن حق السكن لكل مواطن يستجيب لشروط الاستفادة مع تأكيده بأن مشاريع إعادة تأهيل النسيج العمراني القديم في العديد من ولايات الوطن ستبقى مستمرة. و في رده على مطالب بعض النواب برفع سقف الاستفادة من السكن الاجتماعي قال تبون إن " الدولة حاليا ليست جاهزة لذلك و مع ذلك فهي حريصة على تلبية كل الحاجيات المعبر عنها و قوامها 6ر1 مليون طلب مؤكدا أن العجز المسجل في مجال السكن يتناقص من سنة لأخرى". و في مجال التجارة الخارجية قال تبون إن الحكومة ستواصل جهودها للحد من الاستيراد لكن دون إحداث أي ندرة أو خلل في تموين السوق و الهدف هو حماية الإنتاج الوطني مؤكدا أن فاتورة الاستيراد تقلصت من 60 مليار دولار في 2014 إلى 46 مليار دولار في 2016 و أن الحكومة ستعمل بفضل سياسة تقليص واردات الكماليات و مكافحة الفوترة المبالغ فيها على تراجع عجز الميزان التجاري من 16 مليار دولار في 2016 إلى اقل من 10 مليار دولار مع نهاية العام الجاري. كما ابرز تبون أن التحسن المرتقب في أسواق النفط و توسيع تحصيل الجباية العادية على المستوى الداخلي من شأنه أن يشكل واردات إضافية يمكنها أن تغطي ميزانية التسيير.