تلقى المواطن مصطفى بن عاشور، أصمّ وأبكم ومقيم بوهران مؤخرا، محضر تبليغ حكم غيابي بسنة سجنا نافذة، صادر عن محكمة جيجل من أجل جنحة السرقة، وهو مطالب بمعارضة الحكم، كما فعل في قضايا سابقة بعدة محاكم في شرق البلاد. إلى هنا يبدو الأمر عاديا، لكن الغريب في القضية هو أن مصطفى المعاق لم يغادر في حياته مدينة وهران، فكيف له أن يقوم بكل هاته السرقات وتصدر ضده أحكام متتابعة؟! الإجابة على السؤال بسيطة جدا، حسب رواية والده الطاعن في السن الذي ناب عنه، كما يفعل في كل مرة أمام المحاكم وشكاوى مصالح الأمن: ''توسلت لصاحب مقاولة كان بصدد إنجاز رصيف بحي سيدي سنوسي بوهران لتوظيف ابني كحارس ليلي للعتاد، وفي اليوم الثالث، ضيّع معطفه وبداخله وثائقه الشخصية، واتضح فيما بعد أن الفاعل هو عامل سرق عدة لوازم من الورشة وغادر نحو منزله في شرق البلاد''، وواصل قائلا: ''قمنا بإبلاغ الشرطة التي سلمت ابني تصريحا بالضياع، استخرج على أساسه بطاقة تعريف جديدة''. في المقابل، بدأت تتهاطل على عائلة بن عاشور الشكاوى الواحدة تلو الأخرى، بعد استعمال السارق لهوّية مصطفى وصكوك بريدية استطاع استخراجها بهوّية الضحية في تعاملاته للنصب على أصحاب فندق بالمدينة الجديدة تارة، وتارة أخرى في تعاملات تجارية بتقديم المعلومات المتواجدة على بطاقة هوية المعني. وفي كل مرة، يجد مصطفى نفسه بمعية والده الطاعن في مواجهة جرائم لم يقترفها، بحكم أن مصالح الأمن تكتفي بالتحقيق دون أن تتحرى في هوّية الفاعل، مزوّرة أم حقيقية، في الوقت الذي يبقى الفاعل الحقيقي حرا طليقا. وروى لنا الوالد، والدموع تنهمر من عينيه، المعاناة ومشقة السفر التي يتكبدها في كل مرة للاستجابة لاستدعاء مصالح الأمن والعدالة في شرق البلاد، لتبرئة ذمة ابنه ومعارضة أحكام غيابية صادرة ضده، كان آخرها في محكمة جيجل التي أدانته بسنة سجنا نافذة بتهمة السرقة بتاريخ 2010/05/31، حسب محضر تبليغ حكم، مع إبلاغه أن له الحق في المعارضة خلال 10 أيام. ولا يتوانى الوالد وابنه في كل مرة، نظرا لإيمانهم بالعدالة، بالتنقل على مسافات بعيدة بأموالهم الخاصة، رغم وضعيتهم الاجتماعية المزرية مع دفع أتعاب المحامين. ويطالب المعني من السلطات المعنية وضع حد لهذا المسلسل القضائي المتواصل، والظلم الذي يلاحق شابا معاقا، أصم وأبكم.