سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل تجب الزكاة في المال المستفاد عن طريق المهن الحُرّة كدخل الطبيب والمحامي والنّجار وغيرهم من أصحاب المهن الحُرّة والخاصة، وإن وجبَت، فما هو نصابها؟ وما هو مقدارها؟
ذهب أصحاب المذاهب الأربعة إلى وجوب الزكاة في المال المستفاد عن طريق المهن الحُرّة كالطبيب والمحامي، لعموم الأدلة الواردة في وجوب الزكاة وتحقيقًا للعدالة في المجتمع لقوله تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا أنْفِقُوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ}، البقرة .267 ولا شكّ أن كسب الطبيب والنجار من كسب طيب، فوجب عليهم الإنفاق منه. وليس من العدل أن تفرض الزكاة على الفلاح المستأجر إذا أغلت أرضه ما بلغ النصاب، وأن يترك الطبيب الّذي يكسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه ذلك الفلاح بعد عام طويل من خدمة أرضه. إلاّ أنّ الفقهاء وأصحاب المذاهب اختلفوا في شرط حَوَلان الحول، فذهب الأئمة الأربعة إلى اشتراطه فقالوا: ''لا يزكى مال مستفاد إلاّ أن يحول عليه الحول، فإن كان عنده ما وجبت فيه الزكاة، زكّى الجميع عند إتمام الحول''. وذهب بعضهم ورجّحه الفقهاء المعاصرون إلى عدم اشتراط الحول في وجوب الزكاة في المال المستفاد، لأنّ الواحد من أصحاب المهن الحرّة قد يربح أموالاً طائلة فينفقها قبل حولان الحول، فلا تجب عليه الزكاة، وآخر لا ينفقها فتجب عليه الزكاة، ولا عدل في هذا... بل قد يجعل هذا كثيرًا من النّاس يكسبون وينفقون وينعمون دون أن ينفقوا ممّا رزقهم الله، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ''على كلّ مسلم صدقة''، فقالوا: يا نبي الله، فمَن لم يجد؟ قال: ''يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدّق''، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: ''يعين ذا الحاجة الملهوف''، قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: ''فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشرّ فإنّها له صدقة''، رواه البخاري ومسلم. والإسلام أوجب الزكاة فيما بلغ النصاب، وذلك ليتحقق معنى الغنى الموجب للزكاة، مع توفّر الشروط الباقية، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''لا صدقة إلاّ من ظهر غني''، رواه البخاري وأحمد والبيهقي، وهو حديث صحيح. ونصاب المال المستفاد اعتبره بعض الفقهاء كنصاب الزروع والثّمار، وهو ما بلغ نصاب خمسة أوسُقٍ، واعتبره آخرون ورجّحوه كنصاب النقود، وهو ما بلغ قيمة 85 غرامًا من الذهب وهي: 00 ,750 ,335 دج.