الحكومة الأردنية تتجاهلنا والصليب يتحجج بمعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن كشفت شهادات لأولياء أسرى أردنيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن معاناة متعددة الأوجه ما بين الفراق والأحكام الثقيلة والحرمان من الزيارة. ثالوت يجعل من معاناة الأردنيين، سواء الأسرى أو عائلاتهم ذات خصوصية، ما جعل أهالي الأسرى ممن التقتهم ''الخبر'' على هامش المؤتمر الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال الذي انعقد بالجزائر مؤخرا يرفعون مظالمهم ويطالبون المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان أن تلتفت لحالاتهم وتعمل على إنهاء معاناتهم. بلباسه الشامي ورغم تجاوزه العقد الثامن، أبى والد الأسير عبد الله البرغوتي الأردني الجنسية، إلا أن ينتقل إلا الجزائر من أجل إسماع صوت معاناة أسرته وابنه ومن ورائه العديد من الحالات المشابهة لحالة ابنه عبد الله، وإن كان يختلف البرغوتي عن الجميع بحكم أنه يحمل على كتفيه حكما بالسجن يعد الأثقل في تاريخ البشرية، حيث حكم عليه ب 67 حكما بالمؤبدا وكل مؤبد ب 99 سنة. أسير حكم عليه ب 6600 سنة ووالده يتمنى رؤيته طليقا يقول الشيخ غالب محمد والد المحكوم بأكثر من ستة وستين قرنا من السجن من قبل قضاء الاحتلال الإسرائيلي، بأن ولده عبد الله قضيته مع السجن بسبب مواقفه لم تبدأ مع الإسرائيليين، بل بدأت خلال حرب تحرير الكويت سنة 1991 من قبل الغرب، حيث سجن بسبب رفضه لأمريكا، الأمر الذي جعله يدخل السجن، وترتّب عنه مساومتهم بين حرية ابنهم والبقاء في الكويت، الأمر الذي دفعني يقول والد عبد الله إلى تقديم استقالتي من الوزارة أين كنت أشتغل وتركت كل أغراضي وسافرت مع العائلة ولم أستطع رؤيته إلا في العراق أين استلمناه واتجهنا رأسا إلى الأردن''. بعد سنوات من استقرارنا في الأردن، يواصل محدثنا: ''استخرجنا تصريحا للسفر إلى الضفة الغربية أنا وابني عبد الله وكانت مدة التسريح ثلاثة أشهر وتصادفت زيارتنا مع اندلاع الانتفاضة الثانية، فقرر عبد الله الالتحاق بالمقاومة، ليصبح مطالبا بعدها لمدة سنتين من قبل الصهاينة والسلطة الفلسطينية. وفي سنة 2002 تم اعتقاله في الضفة بعد أن وشى به عميل وهو في طريقه إلى المستشفى لمعالجة ابنته المريضة''. ويضيف الشيخ أبو عبد الله حديثه أين تتفرق على تجاعيد وجهه كل تعابير الحزن والألم والمعاناة: ''بعد سنة ونصف من الاعتقال ذاق خلالها كل أنواع التعذيب حكم عليه بحكم هو الأكبر في التاريخ، حيث صدر في حقه 67 مؤبدا كل مؤبد 99 سنة''. وعن سؤالنا عن ما فعله ابنه حتى يلقى كل هذه الأحكام؟ أجابنا بالقول: ''لقد اتهم بقتل 66 إسرائيليا وجرح 550 آخرين، لأنه اتهم بإعداد المتفجرات التي نفذ بها الاستشهاديون عملياتهم ضد الصهاينة''. ليتساءل قائلا: هل حفدة القردة والخنازير وقتلة الأنبياء يعيشون كل هذه القرون التي حكم بها على ابني المجاهد في سبيل تحرير وطننا فلسطين؟''. وبقدر حسرته عن الأحكام التي سلطت على ابنه عبد الله، أبدى حسرة أخرى عن منع عائلته من زيارته منذ تاريخ اعتقاله. موضحا بأن السلطات الإسرائيلية أبلغت الحكومة الأردنية بأن عبد الله البرغوتي محروم من الزيارات العائلية. وفي رده عن سؤال حول تحركات الحكومة الأردنية من أجل تمكين ابنهم من حقوقه كأسير رد بالقول: ''منذ أن كان عبد الله مطلوبا من قبل الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية، هاتفي كان تحت التصنت وطالبت المخابرات الأردنية أن أبلغ عنه في حال أي اتصال نتلقاه من قبله، وقد طالبنا من وزارة الخارجية أن تمكننا من رؤيته لكن الحكومة الأردنية لا تستطيع أن تفعل لنا أي شئ''. كما أوضح أبو عبد الله أن ابنه كان مدرجا في قائمة تبادل الأسرى، لكن الحكومة الإسرائيلية عارضت بشدة أن يكون ضمن أي صفقة لتبادل الأسرى وحجتهم بأن عبد الله البرغوتي يديه ملطخة بالدماء ولا يمكن أن يطلق سراحه. ...وسجين آخر بإحدى عشرة قرنا حالة عبد الله البرغوتي لا تختلف كثيرا أيضا عن حالة الأسير مرعي صبح جودت أبو سعيدة، وإن تعتبر أقسى في تفاصيلها من حيث ثقل الحكم، فالأسير مرعي كان المعيل الوحيد لأسرتيه الكبيرة والصغيرة، حيث افتتح محلا للنجارة بالضفة أين كان يشتغل هناك نجارا بعد أن دخل الضفة بتسريح من السلطات الإسرائيلية سنة 1998 تقول والدته التي تجاوزت العقد الخامس وكانت ترتدي لباسا أسودا وموشحه العلم الفلسطيني، حيث أسرّت بأنها أردنية لكن من أصل فلسطينيي. وتواصل أم مرعي حديثها، وفي كل مرة تجدد مطلبها بأن تهتم الصحافة بالوضع الصعب للأسرى والحيف الذي لحقهم، بأن ابنها اعتقل منذ حوالي سبع سنوات، حيث قالت بأنها لا تتذكر تاريخ اعتقاله. وفي سؤالنا حول طبيعة التهمة التي وجهت لابنها ردت قائلة: ''إن ابني مسجون بتهمة الشروع بالقتل''، لكنها استدركت قائلة قبل أن ترد أنفاسها: ''لكن اليهود الكذابة ابني لم يقترف شيئا''، غير أنها أكدت أن ابنها كان ينشط في حركة المقاومة الإسلامية بصوت خفي. أم مرعي بحسرة كبيرة قالت بان ابنها: ''يواجه 11 حكما بالمؤبد أي حوالي 11 قرنا من السجن''. مرددة عبارة: ''لكن الله كريم ونحن صابرون على قدرنا''. وبحرقة تحدثت عن فراق ابنها خاصة وأنها ممنوعة من رؤيته ولا حتى التواصل معه عبر الرسائل. تقول أم مرعي: ''خلال سبع سنوات السجن لم ألتقي بابني إلا مرة واحدة وهذا حرام، أين حقوقنا نحن بشر''. وفي ردها عن سؤال حول دور الحكومة الأردنية من أجل تسهيل تحركاتها بهدف زيارة ابنها الأسير: ''ردت قائلة: ''لقد قمنا بالاتصال بوزارة الخارجية الأردنية، وخلال سبع سنوات زرناه مرة واحدة وحاولنا بعدها أن نزوره لكن لا يوجد تجاوب من قبل وزارة الخارجية''. لكن رغم كل ما تواجهه عائلة الأسير مرعي ومن ورائه 28 أسيرا أردنيا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أين يوجد من بينهم 5 أسرى محكوم عليهم بالمؤبد، غير أن أم مرعي تقول بأنها لن تتوقف وستواصل مطالبتها بحقوق ابنها متمنية أن تراه حرا طليقا في يوم ما. أسير يقضي حكم قرن من السجن وأصبح حقل تجارب طبية إسرائيلية ونحن نتحدث مع أم السجين مرعي وهي تروي لنا معاناتها بسبب منعها من زيارة ابنها، قاطعنا شاب تجاوز العقد الثالث من العمر بلهجته الشامية بالقول: ''الأسرى الأردنيين ممنوعين من الزيارة والصليب الأحمر الدولي ووزارة الخارجية الأردنية يرفضان مساعدتنا''. وكان سؤالنا ولماذا يرفض الصليب الأحمر الدولي التكفل بحالات الأسرى الأردنيين: ''فكان رد الشاب: ''هم يتحججون بأن دولتنا تربطها معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني وبالتالي المنظمة لا يحق لها التدخل إلا بالحالات المرتبطة بحالات حرب''. وبحالة من الغضب واصل كلامه: ''نعم الأسرى اختاروا طريق المقاومة، لكن نطالب بحقوقنا الإنسانية فهل الحقوق محفوظة للأمريكان واليهود فقط''. ليضيف مطالبا: ''على المنظمات الدولية أن تنظر إلى الأسرى الأردنيين، فرسالة الأسير تصل بعد ستة أشهر من إرسالها وفي الكثير من المرات لا تصل، فأين دور الصليب الدولي؟''. اقتربنا أكثر من الشاب وطلبنا أن نتعرف عليه، فقدّم نفسه بأنه أخ الأسير وجدي فهمي الريماوي واسمه محمد. مضيفا بأن أخيه وجدي يقضي عقوبة السجن المؤبد، وقد تم اعتقاله سنة 2001 بعد أن قبض عليه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية التي كان يقيم فيها قبل اندلاع الانتفاضة الثانية، إثر قيامه رفقة مجموعة من المقاومين بقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحباعيم زائيف كرد على اغتيال أبو مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين واسمه الحقيقي هو مصطفى علي العلي الزبري. ويواصل بالقول: ''لقد قبض على أخي بعد أسبوعين من تنفيذ العملية وكان أول واحد يقبض عليه في المجموعة . وكانت خصوصية الأسير وجدي فهمي الريماوي كونه حسب أخيه محمد، كان ضحية تجارب طبية وبيولوجية، حيث ظهرت عليه أعراض مرض خطير حيث عزل في زنزانة بالمستشفى، وهو ما جعل المحامية الفلسطينية بثينة التي تعمل ضمن مؤسسة مانديلا داخل الخط الأخضر تعلن في نهاية 2009 بأن الأسير وجدي الريماوي يعاني من مرض خطير وطالبت من الأحرار في العالم حينها أن ينقذوه من الموت المحقق لأنها لما زارته في المستشفى طلب منها أن تضع كمامة على أنفها حتى لا تصاب بالعدوى. ويواصل محمد قائلا: ''لقد بلغنا بيان المحامية بثينة عبر الانترنت فأعلمت اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين بالأردن، فسارعوا بعقد مؤتمر صحفي حول وضع وجدي، بعدها قامت السفارة الأردنية بتل أبيب بمتابعة وضعه وقالت بأنه في حالة جيدة''. لكن بعد مدة يقول محدثنا ''عاودت المحامية بثينة زيارته لتطلق نداء من جديد إلى الرأي العالم العالمي تدعو فيه لإنقاذ حياة وجدي الريماوي لأن حياته في خطر''. ليضيف: ''كان توجهنا هذه المرة إلى الأحزاب المعارضة التي طالبت الحكومة بمتابعة وضعه وسمعنا بعدها بأنه في حالة أحسن''. وحسب أخ الأسير الريماوي فإن السؤال الذي يبقى يحيره أن أخاه كان في السجن لمدة أربعة أشهر وبه هذا المرض المعدي، فكيف لا تنتقل العدوى للأسرى الذين كانوا معه؟ أنا لدي يقين بأن أخي استعمل في تجارب طبية بيولوجية أو ما شابه ذلك ونحن لحد الآن نطالب بتقرير طبي عن حالته الصحية لكن لم يصلنا أي شئ''. يختتم محمد حديثه.