كشفت مداخلات ملتقى واقع تدريس اللغات الأجنبية في المدرسة الجزائرية في الجنوب، بأن عددا كبيرا من الطلبة الحاصلين على شهادة الماجستير والدكتوراه في الجامعات الموجودة بالمدن الداخلية لا يتقنون سوى لغة واحدة هي لغتهم الأم العربية. تحتاج المؤسسات التربوية في الجنوب وحتى الجامعات لبرنامج خاص لتطوير تحصيل اللغات الأجنبية خاصة الفرنسية، وتعاني 190 مدرسة و42 ابتدائية بولايات غرداية وتمنراست وأدرار وورفلة وبشار وإليزي ووادي سوف من نقص في أساتذة اللغات، كما يعاني أساتذة اللغات ذاتهم من نقص في التكوين الخاص بتدريس اللغات، خاصة في جانبه النفسي التربوي. وأدت كل هذه العوامل إلى تدهور مستوى تحصيل اللغات الأجنبية في أغلب الولايات الداخلية وفي الجنوب تحديدا. وتناولت دراسة أكاديمية في 3 جامعات هي غرداية وورفلة والمسيلة كعينات، وكشفت بأن التحكم في اللغات الأجنبية في الجامعات الجزائرية ضعيف لدى أغلب الطلبة، بل إن بعض الحاصلين على شهادة الدكتوراه لا يتحكمون في أي من اللغتين الفرنسية والإنجليزية. وكشف مشاركون في ملتقى واقع اللغات الأجنبية بالمدرسة الجزائرية في الجنوب، المنظم أمس من قبل جمعية الطفولة السعيدة بالعطف في ولاية غرداية، بأن نصف طلبة المستوى الثانوي و38 بالمائة من طلبة الجامعات لا يتقنون سوى لغة واحدة هي العربية، وبلغ ضعف التحصيل المدرسي للغات الأجنبية في ولايات الجنوب مستوى خطيرا، خاصة في المناطق النائية بالجنوب، حيث يغادر نصف التلاميذ تقريبا مقاعد الدراسة بين مستوى الرابعة متوسط والثالثة ثانوي، دون أن يتمكن أغلبهم من تعلم لغة أجنبية واحدة بطريقة صحيحة. وكشفت إحصاءات رسمية أن أكثر من 40 بالمائة من تلاميذ الابتدائي ينتقلون إلى المستوى المتوسط وهم يجهلون حتى أبسط أبجديات اللغة الفرنسية لعدة أسباب، أهمها نقص المعلمين والأساتذة وتذبذب حصول التلاميذ على حصص اللغة الفرنسية في نسبة هامة من الفصول الدراسية. وتشير دراسة جامعية، أعدت في شكل بحث للحصول على شهادة الدكتوراه في جامعة وهران، إلى أنه كلما اتجهنا جنوبا زاد عدد التلاميذ الذين يحصلون على علامات أقل من المعدل في اللغتين الفرنسية والإنجليزية. وأ كد صاحب الدراسة بأن نسبة الحاصلين على نقاط ضعيفة في اللغات الحية في شهادة البكالوريا لسنوات 2005/2009 في ولايات الجنوب ترتفع باضطراد بين المناطق الساحلية والداخلية وبين الشمال والجنوب. وتمول الوكالة الوطنية للتنمية الاجتماعية برامج لتدريس اللغات الأجنبية من قبل الجمعيات المحلية، حسب المشاركين في الملتقى. وناقش هؤلاء أسباب ضعف مستوى تأطير اللغات الأجنبية في المدرسة الجزائرية في الجنوب. وتطرق ممثل وكالة التنمية الاجتماعية إلى موضوع الميزانيات المخصصة لترقية اللغات الأجنبية. وقدمت، خلال اليوم الأول للملتقى، نماذج مشاريع الحركة الجمعوية لمراكز اللغات، كمركز اللغات الأجنبية التابع لجمعية الطفولة السعيدة، ودور الناشرين في تطوير تحصيل اللغات الأجنبية. وخلص الملتقى في توصياته إلى ضرورة جمع الشركاء الفاعلين لترقية اللغات الأجنبية في الجنوب وتوسيع مشاركة الهيئات التعليمية الأهلية في تدريس اللغات الأجنبية.