تعمد العديد من العائلات الجزائرية إلى التخلي عن أفرادها المصابين بأمراض مزمنة، خاصة من فئة المسنين، حيث تصطحبهم إلى المستشفى بغرض تلقي العلاج دون أن تستعيدهم بعد ذلك، لتضطر إدارة تلك المستشفيات إلى إخراجهم وإيداعهم في مراكز الإيواء. لكن، هناك من توافيه المنية وهو بالمستشفى، ليدفنوا في صمت كالغرباء. تطالعنا الصحف من حين لآخر بنداءات، يُطلب فيها التقرب من بعض أقسام المستشفيات للتعرف على أشخاص تم إيداعهم المستشفى من قبل عائلاتهم بغرض العلاج، لتتخلى عنهم وتتركهم دون تفقد حالتهم الصحية، ليدرك معظمهم الموت وهم قابعين بأحد أقسام المستشفى. ومن بين هؤلاء الشاب ''ح. بومدين''، 26 سنة، من تيارت، الذي مكث بجناح استعجالات مصطفى باشا الجامعي مدة شهرين، منذ منتصف أكتوبر، إذ وبعد تعرضه لحادث قطار عبر خط الثنية بومرداس، أصيب على مستوى الرأس والساقين، لتنقله مصالح الحماية المدنية إلى المستشفى فاقدا للوعي، وعند استفاقته، لم يسترجع ذاكرته ومكث مدة شهرين وهو يعاني من إصابته باستعجالات مصطفى باشا دون أن يسأل عنه أحد ليتوفى نهاية شهر ديسمبر، علما أنه مكث بمصلحة حفظ الجثث مدة 15 يوما ليدفن في غياب أهله، وذلك إجراء قانوني لا بد منه لتكون آخر فرصة للأسرة لاسترجاع الجثة وتولي الدفن. حالة ''بومدين ''ليست الوحيدة، بل كثيرون من تعرضوا لنفس المصير، حيث أكدت لنا السيدة بربري مونية، المساعدة الاجتماعية لقسم الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أنها تتذكر حالة شيخ، 75 سنة، جلبته أسرته إلى قسم الاستعجالات لمعالجة مشكل صحي طارئ، ليختفي بعدها أفراد الأسرة الذين لم يسألوا عن مريضهم ''ورغم محاولاتنا التواصل معهم، لم نتمكن من ذلك، ليتوفى الشيخ وتضطر إدارة المستشفى لدفنه''. وعن سبب استحالة الاتصال مع العائلة، أضافت محدثتنا أن عائلة المريض التي لا ترغب في استرجاعه تعطي معلومات خاطئة عنه خاصة مكان الإقامة وغيرها، بل إن المريض نفسه لا يساعدنا في التواصل مع عائلته ''إذ بعد 05 إلى 06 جلسات معه، نكتشف وجود مشاكل عائلية غالبا ما تتعلق بالإرث، وهي ما جعلت العائلة ترمي ذاك الشخص، أو إصابته بداء الزهايمر، وبالتالي استحالة تعرفه على مكان إقامته، لأتولى وبشق الأنفس إعادة إدماج البعض ضمن محيطهم العائلي، أو بأحد مراكز الإيواء إن استحالت إعادته لأهله''، تقول السيدة بربري، مشيرة إلى أنها تمكنت خلال سنة 2010 من وضع أكثر من 30 مريضا تخلى عنهم أهلهم بمراكز الإيواء.