ترأس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اجتماعا لمجلس الوزراء، أمس، خصص جزءا كبيرا من جدول أعماله للاحتجاجات التي شهدتها 20 ولاية الشهر الماضي، أصدر خلاله عدة قرارات تعلقت برفع حالة الطوارئ وتحسين الجبهة الاجتماعية بالإضافة إلى فتح وسائل الإعلام الرسمية أمام المعارضة. في أول رد فعل له على أحداث 5 جانفي الماضي، وما تخللها من مظاهرات كانت مرفوقة بأعمال عنف مست ممتلكات عمومية وخاصة، صرح بوتفليقة بعد أن ترحم على أرواح الضحايا، بأن ''مثل هذه الأعمال المؤسفة جديرة بالشجب والإدانة''، مشيدا باحترافية أفراد الدرك والشرطة الذين تقيّدوا بأوامر عدم استعمال الأسلحة النارية بالذخيرة الحية أثناء الحفاظ على النظام العام. واستطرد بوتفليقة معلقا على الأحداث: ''لا يمكن لأي مطلب كان أن يخوّل المساس بالأرواح والممتلكات (...) في وقت حققت البلاد إنجازات لتدارك التأخر وتلبية التطلعات الاجتماعية للمواطنين..''. وأضاف إن ''المظاهرات الأخيرة تشكل ولا ريب تعبيرا عما يساور مواطنينا من قلق وقنوط. ومن واجبنا من ثمة أخذها في الحسبان والتعاطي معها ببذل المزيد من الجهود''. معلقا على مطالب الطبقة السياسية ومنظمات حقوق الإنسان، قال بوتفليقة إن ''التعبير عنها جدير بالاحترام من حيث إننا في بلد تسوده ديمقراطية تعددية تم افتداؤها بقدر باهظ من التضحيات الوطنية''. في نفس السياق، تحدث بوتفليقة عن حالة الطوارئ المفروضة منذ 1992, مشيرا أن ''فرضها تم من منطلق الاستجابة لمقتضيات مكافحة الإرهاب لا غير..''، معلنا عن تكليف الحكومة ''بصياغة النصوص المواتية التي ستتيح للدولة مواصلة مكافحة الإرهاب إلى النهاية بنفس الفعالية وفي إطار القانون''، بما يؤدي إلى رفعها ''في أقرب الآجال''. وأما بالنسبة للغلق الإعلامي المطبق منذ مجيء بوتفليقة للحكم في 1999, فقد نفى هذا الأخير أن يكون أصدر قانونا أو تعليمة تمنع التلفزيون والإذاعة عن ''أي تشكيلة أو جمعية شرعية''. واغتنم الرئيس بوتفليقة المناسبة ليذكر بحرمة المساس بالمال العام، قائلا بخصوص جهود الدولة لمكافحة الفساد: ''هناك مساس بالمال العام وآفة الفساد قد استفحلت، فلا أحد يحاول إخفاء هذا الأمر الذي يستنكره المجتمع، ولكن ليس بإمكان أحد أن ينكر إصرار الدولة وتصميمها على محاربة هذه الانحرافات بكل ما يخوّله القانون من صرامة''. كما أعلن الرئيس بوتفليقة عن قرار بتأجيل تطبيق إجراءات العمل بالصكوك التي تفوق قيمتها 50 مليون سنتيم، وهذا إلى غاية توفر الظروف المناسبة لذلك. وأشار في هذا الصدد إلى أنه ''تم تعزيز آليات الوقاية من الفساد''، مؤكدا ''أنه لن يفلت من القصاص ما تثبته العدالة من جريمة أو جنحة من جرائم وجنح الفساد أو المساس بالمال العام. وهذا مع مراعاة قرينة البراءة طبقا للقانون''، داعيا ''الإطارات والمسيّرين العموميين إلى النهوض بمهامهم في كنف الطمأنينة واضعين ثقتهم في الدولة التي يخدمونها وفي العدالة المستقلة''. وبخصوص تشغيل الشباب، أمر بوتفليقة بصياغة إجراءات جديدة للتحفيز والتشجيع على إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة محدثة لمناصب الشغل.