مدح الله المؤمنين الّذين يقيمون الليل، ويتّخذون اللّيل مطيّة إلى الجنّة فقال تعالى: {تتجافَى جُنوبُهم عن المضاجع} وقال سبحانه: {كانوا قليلاً مِن اللّيل ما يهجعون × وبالأسحار هُم يستغفرون}. كان السّلف الصالح رحمهم الله يتلذّذون بقيام الليل، ويفرحون به أشدّ الفرح، قال عبد الله بن وهب: كل ملذوذ إنّما له لذّة واحدة، إلاّ العبادة، فإنّ لها ثلاث لذّات: إذا كنت فيها، وإذا تذكّرتها، وإذا أعطيت ثوابها. وقال محمد بن المنكدر: ما بقي من لذّات الدنيا إلاّ ثلاث: قيام اللّيل، ولقاء الإخوان، والصّلاة في جماعة. وقال ثابت البناني: ما شيء أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام اللّيل، وقال يزيد الرقاشي: بطول التهجد تقر عيون العابدين، وبطول الظمأ تفرح قلوبهم عند لقاء الله. وقال مخلد بن حسين: ما انتبهت من اللّيل إلاّ أصبت إبراهيم بن أدهم يذكر الله ويُصلّي، فأَغتمُّ لذلك، ثمّ أتعزى بهذه الآية {ذلك فضلُ الله يُؤتيه مَن يشاء والله ذو الفضل العظيم}. وقال أبو عاصم النبيل: كان أبو حنيفة يسمّى الوتد لكثرة صلاته.