فجرت مراسلات إلى السلطات العمومية وأخرى موجهة إلى مسؤولين أمنيين وعلى رأسهم قائد أركان الدرك الوطني اللواء أحمد بوسطيلة والمدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل والنائب العام لمجلس قضاء العاصمة، قضية وصفت بالتجاوزات الخطيرة بتحويل الأملاك العمومية في أرقى أحياء الجزائر العاصمة إلى مصالح خاصة لشركات وأشخاص نافذين. تكشف الملفات الموجهة إلى الجهات الأمنية، التي تحصلت ''الخبر'' على نسخة منها، أن ما يزيد على 1500 متر مربع ملك عمومي بقيمة مالية تجاوزت 300 مليار سنتيم في أرقى أحياء العاصمة، تم الاستحواذ عليها بطرق مشبوهة وتحويلها إلى أغراض شخصية لفائدة شركات وأشخاص نافذين. وجاء في المراسلات أن القطعة الأرضية تتواجد بالقرب من حي مالكي ببن عكنون، تم التنازل عنها على شكل عقد إداري من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي لبن عكنون قبل خمس سنوات، لفائدة المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري لبئر مراد رايس، هذا الأخير الذي تصرف باسم ولحساب الديوان طبقا للمرسوم الذي وقعه رئيس الجمهورية المؤرخ في 01/03/.2005 وورد أيضا في الملف المرسل إلى السلطات العمومية، أن طبيعة هذه القطعة تعود إلى القرار الولائي رقم 399 المؤرخ سنة 1993، والقاضي بتخصيص هذه القطعة لبناء هياكل ذات منفعة عامة لصالح سكان الأحياء المجاورة، إلا أنه تم تحويل هذه القطعة الأرضية إلى تعاونية عقارية عن طريق تجزئتها إلى قطع فردية سنة 1994 من طرف رئيس المندوبية التنفيذية لبلدية بن عكنون. غير أن تفطن مديرية التعمير والبناء ورئيس الدائرة آنذاك حال دون ذلك، حيث راسل رئيس دائرة بن عكنون مديرية التعمير والبناء معترضا على هذا المشروع، وهذا بموجب المراسلة 94/204 المؤرخة في الرابع من شهر سبتمبر ,1994 لأن المساحة قد خصصتها لجنة التسوية بموجب المحضر رقم 1032 المؤرخ في 30/12/1992 لإنشاء هياكل تربوية وذلك للمنفعة العامة، وقد أبلغ بذلك رئيس المندوبية بتاريخ 29 أكتوبر 1994 تحت رقم .412 وبعد مرور 12 سنة لم يقم مسؤولو الهيئة المحلية بتسجيل هذه المساحة المقدرة ب1525 متر مربع ضمن برامج التنمية المحلية، مكتفية بتجزئة المساحات الخضراء إلى تعاونيات عقارية، مع العلم أن سعر المتر المربع الواحد بلغ أكثر من 20 مليون سنتيم في السوق الموازية في ذلك الحي. وحسب المعطيات المتوفرة، فإن ملف القطعة الأرضية ببن عكنون، تشوبه العديد من الخروقات القانونية، أهمها أن القطعة تم التنازل عنها بسعر لا يتجاوز 15 مليون سنتيم، في الوقت الذي بلغ سعر كامل المساحة أكثر من 300 مليار سنتيم. إضافة إلى هذا، فإن تنازل مسؤولي المجلس الشعبي البلدي ببن عكنون عن القطعة الأرضية لفائدة الديوان الوطني للتسيير العقاري ببئر مراد رايس، يعتبر باطلا ومخالفا للقوانين والتشريعات المعمول بها، كونه لم يتم من أجل احتياجات المصلحة العامة والمنفعة العمومية، بل تمت عملية التنازل لفائدة مؤسسة ذات طابع صناعي وتجاري بثمن رمزي لإنشاء ترقية عقارية طابعها تجاري. كما شابت عملية التنازل عن القطعة الأرضية، تجاوزات للقانون، أهمها أنها جاءت على شكل عقد إداري للتنازل، في حين أن كل عمليات البيع أو التنازل لا تكون قانونية إلا إذا تمت على مستوى وكالة التسيير والتنظيم العقاري، وهو ما يعني أن عمليات البيع والتنازل يجب أن تتم بموجب عقود توثيقية لا إدارية وكل تصرف غير ذلك يعتبر مخالفا للقانون وباطلا. رئيس المجلس الشعبي البلدي لبن عكنون ح. نور الدين، قال في حديثه ل''الخبر'' بمكتبه إن قضية الخروقات القانونية التي تتحدث عنها بعض الجهات في مراسلاتها للسلطات العمومية لا أساس لها من الصحة، كما أن التنازل تم بطريقة قانونية وشفافة لصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري لبئر مراد رايس، من أجل تقسيم القطعة الأرضية 1525 متر إلى حوالي 44 فيلا أشرف عليها ذات ديوان الترقية والتسيير العقاري، وأضاف أن ''الذين يحاولون إثارة هذا الملف يسعون لأغراض شخصية بحتة وإثارة المشاكل''.