دعا العديد من المحامين والخبراء، خلال النقاش الذي دار أمس حول الإجراء المعلن عنه مؤخرا من طرف رئيس الجمهورية رفع التجريم عن التسيير، إلى إلغاء جميع النصوص القانونية الخاصة بتجريم فعل التسيير في المؤسسات عوض تعديلها، معتبرين أن هذا الإجراء يبقى الحل الوحيد لمحاربة الفساد. جاء هذا النقاش، المنظم أمس بفوروم ''المجاهد''، في الوقت الذي يقوم فيه مركز البحوث القانونية التابع لوزارة العدل بدراسة تعديل بعض النصوص القانونية المتضمنة في قوانين عدة، مثل الفساد والصفقات العمومية وقانون القرض والنقد، لرفع التجريم عن أفعال التسيير، حيث سيقوم المركز بداية الشهر المقبل بالإعلان عن التعديلات الخاصة بهذا الملف. وأوضح الأستاذ ميلود إبراهيمي، محام معتمد لدى المحكمة العليا، بأن تجريم أفعال التسيير هو ما ساهم في انتشار الفساد والرشوة، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من المسؤولين الذين تمت إدانتهم ظلما بسبب أخطاء ارتكبوها، كان من الممكن لمسؤوليهم معاقبتهم عنها، دون اللجوء إلى قانون العقوبات والعدالة. وحسب نفس المحامي، فإن إلغاء النصوص القانونية الخاصة بتجريم فعل التسيير، ليس أمرا خاصا بالجزائر فقط، بل هو إجراء معمول به في العديد من الدول النامية. من جهته، أكد الأستاذ وعلي رشيد، المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا، بأن النصوص القانونية الخاصة بتجريم التسيير أصبحت لا مكان لها في الترسانة القانونية، خاصة بعد انتقال الجزائر من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، حيث يركز هذا الأخير على إعطاء هامش من الحرية في اتخاذ القرارات، والتي يجب الإعلان عنها في وقت قصير جدا، خاصة بالنسبة للقطاعات الحساسة والمسجلة في البورصات العالمية. وحسب نفس المتحدث، فإن تجريم التسيير تسبّب في إدانة إطارات بريئة وكفؤة، قدمت الكثير للمؤسسات الوطنية. بالنسبة للأستاذ زرهوني، فإن وضع مختصين في مجال عالم المؤسسات كمحافظي الحسابات على مستوى جميع المحاكم، يعتبر من الحلول التي تسهل على القاضي أخذ الأحكام المناسبة، عندما يتعلق الأمر بمخالفة اقتصادية. وحسب المحامي زرهوني، فإن هؤلاء المختصين يجب أن يعملوا كموظفين في سلك القضاء، يتم اللجوء إليهم قبل إدانة رؤساء المؤسسات عوض الاستعانة بخبراء من خارج سلك القضاء، والذين لا يتم فيما بعد الأخذ بالتقارير المعدّة من طرفهم. على صعيد آخر، أوضح الرئيس الشرفي لمجلس محافظي الحسابات، السيد جمال جراد، بأنه يجب التمييز بين أفعال التسيير العادي وغير العادية، مشيرا إلى أن رفع التجريم يجب أن يمس الأفعال غير العادية، في حين تتم محاسبة المسيّرين على الأفعال الأخرى بتطبيق النصوص القانونية المتوفرة في العديد من القوانين. وعن قضية الإطارات التابعة لشركة سوناطراك الذين هم الآن محل تحقيق بسبب إبرام صفقات مشبوهة، قال الأستاذ إبراهيمي بأنه سيتبيّن مستقبلا ما إذا كان ما قاموا به يدخل في خانة أفعال التسيير أو الفساد، مشيرا إلى أن المتابعة قضائيا لهؤلاء الإطارات بسبب أخطاء التسيير سيعتبر ''فضيحة''.