عاشت العاصمة الإيفوارية أبيجان، أمس، على وقع معارك ضارية بين القوات التابعة للرئيس المنتهية ولايته، لوران غباغبو، والقوات الموالية للرئيس الحسن وتارا المعترف به دوليا، بعد أن وصلت الأخيرة، ليلة أول أمس، إلى محيط القصر الرئاسي ووقعت في يدها من قبل مدن استراتيجية. هذا فيما واصل غباغبو تعنته وتمسكه بالرئاسة رغم الدعوات الدولية المطالبة بتنحيه. وأعلن مصدر عسكري مقرب من معسكر غباغبو أن قوات الحرس الجمهوري صدت هجوماً للقوات التابعة لوتارا على القصر الرئاسي، فيما دارت معارك طوال ليلة الخميس إلى الجمعة في حيي بلاتو وكوكودي قرب القصر وتواصلت طيلة نهار أمس، حيث سمع السكان دوي قصف مدفعي وقاذفات صواريخ من نوع ''آر بي جي'' ورشاشات. وسُمعت أيضا أصوات إطلاق نار كثيف من حي تريشفيل، حيث توجد قاعدة للحرس الجمهوري تستخدم لحماية جسور مؤدية إلى وسط أبيجان. كما جرى اقتتال عنيف أمام مقر التلفزيون الرسمي، ليلة أول أمس، الذي انقطع عن البث. كما أعلن وتارا، أمس، عن فتح المجال الجوي في البلاد بعدما كان قد أعلن عن حظر جوي أول أمس. وقالت إذاعة ''بي بي سي''، في تقرير من أبيجان، إنه لم يتبق ''لغباغبو سوى ثلاثة معاقل هي قصر الرئاسة ومقر إقامته والمقر الرئيسي لقوات الدرك في إحدى ضواحي أبيجان بعد انضمام أكثر من ستة معاقل أخرى لوتارا''، مضيفا ''أن المعارك تدور بين كر وفر عند مداخل المقرات الثلاثة''. وبعدما تعرضت أبيجان لأعمال عنف ونهب وسلب، نقل 150 من الرعايا الفرنسيين و350 أجنبي من جنسيات أخرى إلى معسكر بور بويه التابع لقوة ''ليكورن'' الفرنسية في أبيجان. في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية السويدية مقتل موظفة سويدية في الأممالمتحدة برصاصة طائشة على الأرجح في منزلها بأبيجان. وتشكل أبيجان الهدف الأخير لقوات وتارا التي تشن، منذ الإثنين الماضي، هجوما واسعا انطلاقا من شمال البلاد الخاضع لسيطرتها منذ عام 2002 إلى جنوبه، لإنهاء الأزمة الناجمة عن الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر الماضي، والتي أسفرت، بحسب الأممالمتحدة، عن سقوط 500 قتيل معظمهم من المدنيين. واستولى أنصار وتارا، من دون مقاومة، على العاصمة السياسية ياموسوكرو بوسط البلاد، وسان بيدرو في الجنوب الغربي، أكبر مرفأ لتصدير الكاكاو في العالم، كما استولت على جزء كبير من العاصمة. وتزامنت هذه التطورات مع مطالبة مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وتارا بكبح جماح قواته التي تحدثت تقارير غير مؤكدة عن خطفها مدنيين وإساءة معاملتهم، خصوصاً في أبيجانو ومنطقتي جيجلو ودالوا غرب البلاد. وقال روبرت كولفيل، الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، في مؤتمر صحافي عقده في جنيف: ''ارتكبت أعمال نهب وابتزاز، وأمور أكثر خطورة مثل الخطف والاعتقال التعسفي وإساءة معاملة مدنيين، وربما أفعال أخرى أيضا''، مذكرا بأن طرفي الصراع قد يمثلان أمام المحكمة الجنائية الدولية. واستبعد توسان آلان، مندوب غباغبو من باريس، ''تنحي غباغبو أو استسلامه لأي متمرد''، منددا بتنفيذ واترا ''انقلابا يدعمه التحالف الدولي ضده''. وأكد آلان وجود غباغبو في كوت ديفوار. وكان غيوم سورو، رئيس وزراء واترا، قد دعا غباغبو إلى الاستسلام ''لتجنب حمّام دم''، مهددا بملاحقته ''في أي مكان، وإذا استقال فحسنا يفعل، وإلا فسيحال على القضاء الدولي''. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، إنه يريد أن يتخلى غباغبو عن السلطة لمنافسه، وقال في مؤتمر صحفي في العاصمة الكينية ''أجدد دعوتي للسيد غباغبو للتنحي وتسليم السلطة إلى الحسن وتارا. أريد أن أذكر جميع من يرتكبون انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، أنهم سيحاسبون''.